الفصل الخامس.

252 25 11
                                    

لوحاتِ الروح (5)
☆☆☆☆☆

أعلن ذلك النجم الكبير الذي يتوسط السماء عن بزوغه، لِ يُنبه من ينامون عن بداية يومٍ جديد، ولكن ماذا عن من لم يناموا!
لم تبرح مكتبِها الصغير الذي يتوسط غرفتها، منذُ رجوعها من المشفىٰ أمس بعد أن أصرت علىٰ والِدها أنها بخير، وبعد أن تعرف عبدالفتاح علىٰ مودة وسلسبيل جائوا معهم للبيت تحت إصرار وتين وجلسوا معها قليلًا ثم ذهبوا، وهىٰ منذ ذهابهم تحاول النوم ولكنها لم تنم حاولت كثيرًا ولكن لم تستطع، كانت ممسكة بدفترها الصغير الذي لم تدون شيئًا بهِ منذ فترةٍ، وبدأت تخطُ عليهِ بهدوء بينما دموعها تتساقط الواحدة تلو الأخرىٰ.

_راضِيَتٌ أنا بما قسمه لي الله، فهو الحنَّانُ المنَّانُ، ولكن رُغمًا عني، أشعر بالألم الشديد الذي يُغلف قلبي منذُ ما حدث، حين شعرتُ أنني علىٰ بُعدِ شعرتًا من الموت، سُرِرْتِ أنني سألقىٰ غاليتي، ولكنني لا أعلم لما هناك ذرةً من قلبي كانت مُتمسكة بالحياة، يمكن لِ أجل والدي الذي لم ولن أرىٰ في حنيته علىّ أو علىٰ رفيقتي الجديدة الذي أحببتُها كثيرًا!.

_ولكنني صِدقًا شعرتُ وكأن هناك شيئًا آخر يجب أن أحيٰ لأجله!، ولكن الآن الإنكسار هو ما أشعر بهِ إلىٰ جانب أشياءٍ عدة، أعلم أنه من الخطأ أن أظل شاغلتًا لِ تفكري بهِ، ديانتنا مختلفة، عقليتنا مختلفة، كذلك شخصيتنا!، يمكن لأنه يذكرني به؟! يالله ساعدني، فأنت هو من تبقىٰ لي، فكما يبدو أنا لم أعد نافعةً لِ شيء.

ظلت تكتُب كل ما جال بعقلها حتىٰ ولو أن أفكاره مُتضاربة قليلًا!، وقفت بهدوء بعدما جففت دموعها، ثم وقفت أمام المرآة، تنظر إلىٰ وجهها المُحمر من كثرة الصفعات، ثم إلىٰ رأسها الذي يلتف بشاشٍ طبي، لم تشعُر بدموعها الساخنة الذي أخذت تأخذ مجراها مرةً أخرىٰ علىٰ وجنتيها الملتهبة، صِدقًا هىٰ لم تعد تشعر بأىّ شيء!،

_يارب هونها عليا يارب.

مسحت دموعها سريعًا راسمة إبتسامة مرتعشة أعلىٰ شفتيها، حينما سمعت طرقًا خافتًا علىٰ باب غرفتها.

_اتفضل يا عُبد.

دفع عبدالفتاح الباب الذي كان مفتوحًا قليلًا بواسطة صينية الطعام الذي جلبها واضعًا إياها علىٰ قدمه، قائلًا بمرح وحنان عله يستطيع التخفيف عن إبنته.

_شوفتي يا وتين أبوكِ، عملت الفطار ليا وليكِ بعد مشقة.

إبتسمت وتين وأقتربت منه حاملة الصينية بهدوء.

_لي بس كدا تتعب نفسك يا عُبد؟!، وبعدين عملته إزاىّ يا شقي إنت؟!.

_تعبك راحة يا قلب عُبد، وبعدين دا مش أىّ كرسي خدي بالك دا جايلي من هدية من اللوا يعني بقدر أطوله زىّ منا عايز.

_تسلم إيدك يا سيادة المقدم، يلا يا حبيبي علشان ناكل.

قالتها وتين بحزن طفيف حينما تذكرت ما حدث في الماضي، ثم تنهدت وغيرت مجرىٰ الحديث، أخذت الصينية وجلست علىٰ الفراش وتبعها عبد الفتاح، أخذت لقمة صغيرة وغمستها ثم أطعمتها لِ عبد الفتاح كما كانت تفعل سابقًا تحت إبتسامة عبدالفتاح ونظراته الحنونة لها، فعل عبد الفتاح المثل ووضعها أمام فمها يحُثها علىٰ فتح فمها، إبتسمت إبتسامة لم تصل لِ عينها مقاومةً غصة البكاء التي تصاعدت عندها، إرتعشت شفتيها وعندما حاولت فتح فمها استمعت لِ كلمات والدها الحنونة.

لوحاتِ الروحWhere stories live. Discover now