الفصل الرابع عشر

26.3K 1.5K 275
                                    

الفصل الرابع عشر (14)

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

الفصل الرابع عشر
(14)

"رسائل لن تصل لـ صاحبها "

-لماذا لا تَكتُب لي ؟! لماذا لا تأتي ؟! هل مـٰات ساعي البريد أم مـٰات حنينك لـ قلبي ؟!
كنت أنتظر منك حتى رسالة فارغة، يكفي أنها تحمل حنّينك، واعتراف صغير بأنك بأن هواي لا زال يداعب ذاكرتك ، يكفي أن أطمئن، لأنني منذ عدة أيام أحاول ان أكتب لك، أن أخبرك عن هذه العواصف لكنني لا أجد ما أقوله، لقد بدأت أشعر أن الحديث معك باتَ صرخةً في الفراغ، وأن أمري لم يعد يهمك، وهذا ما يجعلني أختنق بكلماتي، أختنق وأعجز عن الحديث تمامًا، حتى هذه الرسالة لم أكتبها، لقد نزفتها نزفًا من دمي .. لم أكن أعلم أن صمتك جارح إلى هذا الحدّ، لو كنت أعلم لما اتخذت من حَديثك ضمادة لرُوحي!

••••••••
"‏أشد ما أصابني مؤخرًا هو أني لم أعد أحمل في داخلي أية إعتراضات أو موافقة، لا مُسيرة ولا مُخيرة ، كأن كل شيء يُشبه اللاشيء، لا فرق بين التوقف أو الإستمرار، الشعور واللاشعور، خاوية من كل مظاهر الحياة وكأنها لا تعنيني ."

تجلس " شمس " أمام النافذة ليلًا بعد ما أدت صلاة العشاء وهي تتأمل المارة ، تُقارن بين قصر عملاق يحوي خلف أسواره أعدادًا بسعة حيهم ، تصل إليها رائحة الفول والقُرص والخبز الطازج ، فـيغمرها شعور التحرر من كل شيء مثلما انطلقت هذه الروائح في الفضاء وأخذت تتـحرشٰ بقلوب الجِياع من الطعام والحُب معًا .. على عكس ذلك القصر غريب العادات ، يتخلصون من رائحة الطعام كأنه شيء ناشز عن الطبيعة ، ويتفاخرون برائحة الخمر كأنه أريج من المسك !

فارقت شُرفة منزلها وتحركت ناحية " الراديو " و أخذت تُقلب بمحطاته اللاسلكية حتى أوقفها صوت أم كلثوم
-"خلينى جنبك فى حضن قلبك ، وسيبنى أحلم ياريت زمانى يا ريت زمانى ما يصحنيش"

راقت لها كلمات الأغنية رغم أنها ليست من هواة الطرب الحديث ولكن القديم يُداعب كنزًا دفينًا بقلبها لا تدرك حقيقة وجوده .

اتكأت على وسادتها للخلف تاركة آذانها لصبابة أم كلثوم ، تلك السيدة الواعظة بألحان أم لقلوب الفتيات اللاتي يُتخبطن في دروب المشاعر ، وأطلقت زمام ذاكرتها إلى أعتاب الصُدف القليلة التي جمعت بينهم والحوارات الطويلة التي لم يتفقا على محورها ، تذكرت السلام النفسي الذي ينعقد فوق سقف غُرفته ، خدعتها ذاكرتها لأول لمسة من يده وكيف فُزعت إثرها كـ فتاة مراهقة .. سبحت الذاكرة فوق موج الخيال و تبسم الثغر لمداعباته .

" غوى بعصيانه قلبي "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن