التاسع عشر

18K 1.1K 154
                                    

الفصل التاسع عشر
(19)

"رسائل لن تصل لـ صاحبها "

كُنت أول رجل تفتحت عيون قلبي عليه ، فـ ظنك أمه ، والأم وطن لا يضل  ، فسار خلفك مُتبعًا خطاك لاخر العمر .. والآن أصبح يتيمًا وتائهًا ، يطوف الطُرقات مُتسائلًا :
-لماذا رسمت لي الحُب بحرًا ، و ما أنت في العمر إلا سراب !

نهال مصطفى
•••••••••••

توغلت في التيه إثر الوقاحة التي يتحدث عنها بكامل حُريته وسألته كطفل أحمق لا يُدرك مغزى ألغازه الخبيثة :
-أنا مش فاهمة أي حاجة ! مستني أيه ؟

تحمحم بقوة مُستردًا قوته وصرامته :
-عايزك تجهزي بُكرة بالليل ، مسافرين الغردقة ..

عصرت في شفتيها ابتسامة هازئة وأردفت :
-ومين قال إني هوافق أجي معاك أصلا !

شرع في فك أزرار قميصه ولكن عيونه لا زالت متعثرة بنظراتها المُضيئة بلون شروق الصباح وقال :
-مش بتفاوض معاكِ ، جاي أقول لك عشان تكوني على علم .

تحدته بعِناد البِغال وهي تقوس ذراعيها بخصرها وشادت مُنافسته :
-قُلت مش جاية معاك لأي مكان .

فارقت مَرمى أنظاره بخطوتين للأمام هاربة من نواياهم ، انتهى من فتح قميصه ثم ولي إليها قائلًا من ورائها :
-ولا اقول لك خليها النهاردة بالليل .. عشان مايبنش على وشك التعب .

ثم دار حولها نصف حركة دائرية كي يقف أمامها وكأن هناك مغناطيس سحري بعيونها يجذبه إليهما كُما ابتعدت عنه ، ارتسم بسمة خفيفة على محياه ثم أضاف موضحًا :
-عايز مراة عاصي دويدار ما يبقاش فيها غلطة واحدة .

دنت منه خطوة سُلحفية حتى باتت المسافة بين أجسادهم غير كافية لمرور الهواء و أعقبت بنفس بنبرة الابتزازية :
-تصدق أنت الغلطة الوحيدة اللي في حياتي .

نشبت حرب ضارية بينهم ، كل منهما سن أسلحته بوجه الآخر غير مُتقبل فكرة الاستسلام والتنازل عن كبريائه ، تلك الحرب الباردة من الغرور التي نتجت من اشتهاء رجل لعيون إمراة أغمضت جفونها عن منبت شهيته .. تحولت عيناه الراغبة بها إلى آخرى غاضبة من تطاولها عليه ، ضغط على مرفقها بتجبر ألقاها بين يديه مُتخذة من أسوار قلبه مُتكئًا لمخاوفها ، برقت عيونها وأغلقت جفونه كأنه يتمرد على الهزيمة تلك المرة رافضًا سطو نظراتها الساحر ، مال على آذانها متجاهلًا ضربات قلبها السريعة التي يدوي صداها بقلبه وقال :
-صبري عليكِ له حدود !

أدلى جملته المروعة بعرش تمردها ثم تراجع عن قُربها متوقفًا فوق رجفة شفتيها المكتنزتين ، و هي تطالعه بعيون مرتاعة خائفة ولكن للحظة تسلل إليها شعور من الإعجاب بهيبته ، أطالت النظر بعيونه الداكنة التي تخفي أسرار عديدة أدت إلى تحرك عواطف الاستكشاف بدلًا من عواصف الكبرياء الناشبة بينهم ، لأول مرة تتعمق بعيونه دون خجل دون نفور من قربه المُرعب ، سيل مُتضارب من المشاعر حل بيهم ، تحولت عداوتها إلى الرغبة في المُصاحبة ، وتحول غضبه إلى الرغبة فيها .. طالعته بقلبها بينما طالعها هو بغريزته !

غوى بـ عصيانه قلبي ❤️‍🔥Where stories live. Discover now