ولأنني امرأة مسرفة في مشاعرها ، أحببتك بقلبي كاملاً دون أن أدّخر منه شيئًا لأيام الحنين والغياب والاحتياج ، بتُ ملازمًا لقلبي كـ نبضه ، أحببتك في زمنٍ كذّبوا الحُب فيه، في وطنٍ يُعارض كُل شُعور، بين أُناسٍ يجهلون العاطفة، أَحببتك على أرضٍ جافّة، تحت...
تلك هي العبارة الأخيرة التي اختتم بها "فريد" جُملة روايته الزائفة التي سردها على آذان تلك التي غاصت في حيرتها أكثر وأكثر ، لم تحتج عليه بالدليل كي لا تكشف حقيقة فُقدانها للذاكرة ، سارت على نهجه مصدقة كل أكاذيبه بدون نقاش ، فجأة دار بها الزمن وحقق سجية شرودها ، وآتى بشخص يُدعى إنه قريبها وخطيبها ، ويؤلف رواية من مخيلته كي يحقق بها مغانمـه ، هزت رأسها بتيهٍ ثم قالت : -المطلوب مني ؟!
وقف أمامها كالبهلوان ثم شرع في رسم خطته : -متقلقيش ، أنا هخلصك منه ، أنا عارف إنك هنا مش بإرادتك ، الشخص ده أنا عارفهُ كويس يا رسيل ، آكيد هددك واتجوزك بالغصب .. صح يا رسيل صح !
تكرار اسم " رسيل " على مسامعها كان صداه يزعجها كثيرًا ، يُحيي ما بداخلها من مظالم و عيشـة تنفرها ، هزت رأسها كي تنفض غُبار ذكريات مؤلمة تتعلق بهذا الاسم وقالت له بنبرة متعمدة كشف ظواهر ما يخفيه عنها :
-أنتَ جاي ليه ! عشان تقول الكلمتين دول دلوقتي !
حدجها بتعجبٍ : -يعني كلامي صح ! هو هددك .
رمى لها طُعم إنقاذها الذي استغلته على أتم وجه ، وقالت بنفور : -بالظبط ، زي ما قُولت ، هو رجل مش سهل وللأسف عرف يقيد حركتي وتفكيري !
مد يده كي يمشط خصلاتها بأنامله ولكنها تراجعت للوراء رافضة ونافرة من قُربه وقالت بحنق : -المُهم ، هتخلصني من هنا إزاي !
-لا يا رسيل ، افهميني وفتحي دماغك معايـا ، اسمها هتخلصني من هنا بإيه ! أنتِ تحت أيدك كنز ! مال قارون ، تغرفي منه وتهربي .
ألتوى ثغرها بخيبة أمل : -يعني أنتَ جاي هنا عشان المصلحة ! مش عشاني زي ما بتقول؟
تبدلت نبرة فريد الخبيثة إلى آخرى مُخادعة وهو يرقق في صوته حتى بات كفحيح الأفعى وقال : -لا طبعـا ، جاي عشانك وهو أنا حبيت غيرك ! بس مادام البحر وقعك على كنز زي ده ! يبقى نستغله وناخد منه اللي يأمن مستقبلنا أحنا وولادنا ..