٤٧

19.6K 1.2K 155
                                    

الفصـل السابع والأربعون

(17) ج 2

‏"لمرَّةٍ واحدة، يريد هذا القلب أن يفرُدَ قدمَيْه، على مكانٍ يؤمن بأنه له، بصَرحه الكامل، دون خشية الغفوة على كل شيء، واليقظة الخائبة على اللاشيء"

خُلق القلب عصيـًا .
31/12/2023
••••••••

أن يُلقى القلب في جوف بركان ثائـر من التفاعلات الطاحنـة التي لا ترحـم ، أن يُصارع الحيـاة والمـوت دون القـدرة على نطق كلمـة الاستغاثـة .. أن يُطالع العـالم حوله فلا يشاهد إلا أبخرة ورماد مشاعره المحترقة .. كان الأمر يشبه نزع شاش متصل بجرحٍ طري..!

ما جاء بـه تمـيم كان أضخم صاعق كهربي حل على جسـدها المُبلل بالماء .. للحظـة تصلبت تعابيـر وجهها ، حتى أنفاسها باتت تحت سطوه ترتجف .. بعيون متسعة مدججة بـ الحيـرة والدهشـة تمتمت :
-أنتَ !!

مسح وجهها المُبلل بالمـاء بكلتا يديـه ثم سند على جبهتها لاهثـًا :
-أهدي .. أهدي وهفهمـك كل حاجـة ..

شرعت أن تُحرك يديها التي تجمدت بها الدمـاء لتدفعـه ولكن قوتها هُزمت أمـام صدمتهـا بخيبـة ، اكتفت أن ترمقـه بعيونها المُعاتبـة والمحترقة بحرارة أنفاسـه وهو يبرر :

-نتكلم .. هنتكلم وهفهمـك كل حاجة ، تمام !!

"‏أحياناً تملأُ الصـرخات قلب المرء كما لو أنها زجاج مكسور فإن صمت تؤلمه، وإن تحدثَ تُدميه..!"

ما كاد أن يبتعد عنـها ليفسح لها مكانًا فسقطت عينيها عليـه واقفًا على قدميـه وتناظره لأعلى بعيون مفعمـة بالآلف الاسئلة .. زحفت نحوه خطوة واحدة وشرعت أن تتفـوه ببنت شفـة فـخرت قوتها بين يديـه وسقطت مغشيـًا عليهـا .. تلقاها على رسغـه ناطقًا اسمها بلهفة حارقـة :

-شمـس !!!!

•••••••

-بابي ، أحنا هنروح فين الصبـح كده !!

أردفت تاليـا سؤالها الطفولي على آذان والدها الجالس بجوار السائق وهي تعقبه بالأريكة الخلفيـة ، رد برسميـة من وراء نظارته السـوداء :

-هنروح نفطـر يا حبيبتي ..

عادت تاليـا إلى حضن حياة الشاردة في أرصفـة ذكرياتها بالغـردقة ، وكُل شبر نقشت عليـه طفولتها ، بدون خُلق المـزيد من الأحاديث معه لاضطراب الأجواء بينهم .. مرت قرابة النصف سـاعة حتى صفت السيـارة أمام منزل أبيها ذو الطراز الخشبي الفخم، فهبت مذعـورة :

-أحنـا هنا بنعمل أيه ...؟

نزل من سيارته ثم فتح لها الباب قائلًا بهدوء :
-انزلي ..

تسمـرت مكانها :
-طيب فهمني !!

استقبل طلبها بصمت تام أرغمهـا على الهبوط من السيارة بتردد ، سبق خُطاها وسار نحو البيت بشموخ وفتحـه على مصـرعيـه .. ركضن الفتيـات إلى أبيهم أما عنها فكانت خطواتها خائفـة مُلطخـة بدماء الذكريات المريرة .. لمست قدميهـا أول درجة بالسُلم وهي تمشط أهدابها على تفاصيل المكان حولها وزهورها الذابلة التي لا تجد من يعتني بها من بعدها ..

غوى بـ عصيانه قلبي ❤️‍🔥Where stories live. Discover now