_7_

18 3 8
                                    

جيلٌ يمضي، وجيلٌ يكمل..
لكل زمان قواعده ولكل مكان شخوصهُ، لكن وصلنا إلى زمان أصبح فيه الكذب والخداع فن، والطيبةُ والصدق قمةُ الغباء والسذاجة.
                                  ***                    
دمشق، يناير 2009
6:40am
مع شروقِ الشمس..
فتحت أمل عينيها بصعوبة كبيرة، الصورة أمامها لا تزال مشوّشة لكنها بدأت تضّح تدريجياً، حولها كل شيء أبيض اللون، الجدران، الباب، وكذلك السرير.
ادركت أنها في المستشفى.
اقتربت تيماء نحوها وهمست
_حمداً لله على السلامة
_شكراً، لكن ماذا حدث لا اذكر شيئاً.
_انتِ اخبريني، حين وصلت إلى شقتك كنتِ فاقدة للوعي، ماذا جرى معك؟
تذكرت كل شيء في لحظة....
مطبخ شقتها، كأس مياه مكسورة، وعلبة دواء،لقد نجتّ من الموتِ بأعجوبة..مرتّ ساعات الليل الطويلة عليها صعبةٌ للغاية،ومؤلمةٌ لروحها.
لا تستطيع أن تنسى ما حدث قبل ساعات.
                                ***
الليلة الماضية:
تجلس أمل في شقتها الكبيرة، تقرأ كتاب تنمية بشرية
وتأكل جزرة، هاتفت فيصل عدة مرات لكنه لا يجيب.
دارت في رأسها الشكوك، هل يعقل أنه مريض، هل أصابه مكروه.
كل شيء كان عادياً، حتى تلك اللحظة حين أصدر هاتفها صوتاً معلناً عن وصول رسالة.
فتحتها وكانت المفاجأة الصادمة..
صورة تظهرُ بطاقة دعوة تحملُ أسمها:
((السيدة أمل رشدان المحترمة ))
تمت كتابتها بخطٍ مرتّبٍ وناعم.
، ظنت لوهلة أن الأمر التبس عليها، كل هذا مجرد هلوسة.
لكن،ما رمى بظنونها عرض الحائط أن البطاقة هي..
بطاقة دعوة لحضور زفاف..
فيصل&علا
قرأت الرسالة النصية المرفقة مع الصور:
الرجل الذي وعدك بالبقاءِ معك للأبد
أصبح لامرأة آخرى، قولي وداعاً لماضيكي الجميل.
شلتها الصدمة وأخرست لسانها، أصبحت عاجزة عن فعل أي شيء.
انتابتها نوبةُ انهيارٍ حادة.
صرختْ، ثم جلستْ على الكنبةِ وبكت..
لقد خان حبها الصادقَ له ببساطة، علقها على آمال واهية واستغلها طيلة الأشهر الماضية.
فقدت السيطرة على أعصابها و انفعلت بشدة، كل شيء أمامها كسرته، المزهرية، وكأس المياه.
للتعلقِ بشخصٍ قد نحبهُ بصدق حلاوة مؤقتة..
ولخذلانه ألمٌ يستمر مدى العمر..
هرولت نحو الحمام، أفرغت ما في جوفها رغم أنها لم تأكل سوى لقيماتٍ قليلة منذ الصباح.
ذهبت إلى المطبخ، سحبت علبة دواء من الرف لم تقرأ أسمها، أو حتى لِما تُستَعمل، افرغت الحبوب التي في العلبة في الخلاطّ الكهربائي وضغطت على زر التشغيل.
بعد أن انتهت الآلة من عملها وضعت الشراب في كأس زجاجية وشربتها دفعة واحدة.
وقفت في المطبخ أمام  الرفوف، الدواء سريع المفعول.
خلال عشر دقائق  شعرت بألم في بطنها، كان خفيفاً ثم بدأ يزداد تدريجياً مع مرور الوقت.
أطلقت صرخة مدوّية ثم امسكت الهاتف واتصلت برقم تيماء لحظاتُ قاسيةٌ جداً مرت عليها قبل أن تصلها الإجابة:
_ألو
_تيماء، تعالي بسرعة.
_أنتِ بخير، هل أصابكِ مكروه؟؟
_بطني،آااه.تعالي إلى الشقة.
اصطدمت بالجدار، سقطت الكأس من يدها وتحطمت. وقعت على الأرض وقد أُغميَ عليها، فقدت القدرة على فعل أي شيء.
ارتدت تيماء ثيابها على عجل، ركبت سيارتها وانطلقت إلى الشقة، لحسن الحظ كانت تحتفظ بنسخة احتياطية، لأجل الأوقات الصعبة.
قرعت الباب بشدة في بادئ الأمر، لا يُفتح.
وضعت المفتاح الاحتياطي في قفل الباب، ادارته مرتين ثم دفعته.
أضواء الشقة مطفئة بأكملها، المكان مظلم قامت بإنارته وشهقت من هولِ المنظر.
_أمل، اجيبي..
كوّنت رقم الإسعاف
_ألو، إسعاف.
خلال دقائق وصلت سيارة الإسعاف ، حمل الممرض أمل ووضعها على السرير النقال.
                                   ***
_هل تعلمين نوع الدواء الذي تناولته؟، لقد تناولتِ جرعة زائدة من  المهدئات، كنتِ على مشارف الموت.
أبتلعتْ غصتها في صمت، رمقت تيماء بنظرات متألمة.
_لقد تركني، كان يتسلى ويلعب بمشاعري.
_ولكن ما فعلته بحق نفسك جريمة كبرى، لا يستحق هذا الخائن إن تدمري نفسك.
_لقد استغلني لأني مطلقة.
_يكفي، لا تفتحي دفاتر الماضي من جديد.
انسابت الدموع على خدها في صمت، لم يعد يتطلب الأمر كل هذا العناء.
بعد مرور يومين، خرجت من المستشفى واستقرت في بيتها لقد تحسنت صحياً ولكنها مدمرة نفسياً.
خلال الأيام التالية لم تفارقها تيماء، معاً في الصباح والمساء.
_يجب أن أعود إلى العمل.
_و فيصل، نسيتي أنه مدير المكتب.
_لا يهمني
_هكذا اريدك، قوية كما عهدتك دائماً.
                                    ***
خلال الأيام التالية بدأت تستعيد توازنها.
هذا الصباح في غاية الدفئ ارتدت ثوباً أزرق وفوقه معطف أبيض منحها مظهراً أنيقاً.
وصلت إلى المكتب السياحي و حين عبرت الردهة المؤدية إلى مكتبها الخاص ،استوقفها المحاسب.
_أنسة أمل، لنتحدث رجاءاً.
تبعته، رمى بمغلف بني أمامها وقال ببرود:
_هذا راتبك لمدة ثلاثة أشهر متتالية.
واعطاها ورقة الاستقالة.
لقد طُرِدت من عملها بطريقةٍ محترمة.
حين عادت إلى البيت، تلقت اتصالاً من تيماء قصت عليها ما جرى باقتضاب.
_دقائق وأكون عندك.
_في انتظارك.
وصلت تيماء بعد ربع ساعة،جلست وأمل على الشرفة تتناولان الكعك وتشربان الشاي.
_ما رأيك في تأجير الغرف الخالية من شقتك؟
شردت قليلاً، تأجير؟؟
_لِمَ لا فكرة رائعة جداً، ما رأيك؟
_لكن..كيف يمكن ذلك؟
_ضعي إعلاناً،عند بقالية العم صابر والجامعات القريبة من سكنك.
_حسناً، سأفعل ذلك.
في الصباح، خرجت أمل وطبعت عدة نسخ من إعلان كتبته الليلة السابقة وضعت نسخة عند البقال، ووزعت النسخ الآخرى عند كُليّات الآداب والهندسة والطب.
مرت الأيام، وهي لا تزال تنتظر..
ثم جاء ذلك المساء.
كانت تتناول العشاء في بيت أهل تيماء، علاقتها مع أهل تيماء كانت مميزة جداً، تغمرها السكينة في تلك الجلسات العائلية الدافئة.
اهتز الهاتف المستقر في أعماق حقيبتها، زوت بين حاجبيّها في شك؟؟ رقم مجهول.
_آلو.
_أنسة أمل
_نعم
_أتصل بشأن الأعلان.
_آه، نعم!
_هل يمكنني أن ألقي نظرة على الشقة.
_بالتأكيد، متى يناسبك.
_غداً، الخامسة مساءً.
_بأذن الله.
أغلقت الخط، وعادت إلى مجلسها مع تيماء وشقيقاتها التزمت الصمت قليلاً، سألت تيماء:
_من المتصل؟
_لقد بدأت خطتنا تنجح، أول مستأجرة الآن اتصلت.
_عظيم جداً.
تبادلتا ابتسامة مُشجعة، واستمرت كل منهما في تناول الكعك بالشوكولا ومضت السهرة وهنّ يتسامرنْ في مرحٍ وسعادة.
                                ***
كان يوم الخميس يومها المفضل.
لقد بدأت العمل مع مكتب للسياحة والسفر منذ أسبوع وتمكنت من الإندماج في الجو بسرعة كبيرة.
غادرت مبكراً، كانت الساعة تشير إلى الثالثة والنصف ظهراً، تفصلها ساعة ونصف من الوقت للقاء المستأجرة الأولى.
ذهبت إلى مطعم KFC  عند جسر فيكتوريا، تتناول الغداء هناك، طلبت دجاج محمر مع بطاطا مُقلية وانغمست في تناول الطعام بنهم شديد.
وصلتها رسالة نصية من تيماء وهي تغادر المطعم قرأتها على عجل ثم اكملت طريقها نحو محطة القطار القديمة حيث اتفقت وتيماء على اللقاء هناك.
_مرحبا يا حُلوة
_اهلاً ، هل تأخرت عليكِ؟؟
_لا، هيا لكي لا نتأخر على المستأجرة.
تمشيان سوياً، وثرثرة مستمرة لا تنتهي حتى وصلتا إلى المبنى، كانت تقف عند المدخل شابة في العشرين من العمر، ترتدي كنزة سوداء اللون وبنطال جينز وفوقهما معطف أبيض.
اقتربت من أمل بهدوء وسألتها:
_أنسة أمل.
_أنا هي
_أنا رزان.
_تشرفنا، تفضلي لتريّ الشقة.
عبرت ثلاثتهن المدخل الرئيسي وصعدنْ الدرج نحو الشقة، جلست تيماء في الصالة تقضم كعكاً مالح كان موجوداً فوق المنضدة، بينما تتجول أمل مع المستأجرة.
_طالبة جامعة، أليس كذلك؟؟
_نعم، كلية الآداب في السنة الثانية.
_جميل.
_متى يمكننا توقيع العقد؟
_الخميس القادم.
_انشالله
تصافحتا ثم افترقتا على وعدٍ بلقاءٍ قريب.
ومر الأسبوع مسرعاً...
تم توقيع العقد، وانتقلت رزان إلى مسكنها الجديد.
في الأيام الأولى لم تجتمع أمل و رزان كثيراً، أمل كانت مشغولة في المكتب، و رزان تقدم أمتحانات منتصف  العام.
أدارت أمل المفتاح في القفل ودفعت باب الشقة برفق، خطت إلى الداخل ورمت بحقيبة يدها وفردتي حذائها بشكل عشوائي ثم ارتمت على الأريكة في أعياء شديد.
_مرحبا
استدارت حين جاءها صوت رزان من المطبخ، بيدها طبق بسكويت مع أبريق شاي رائحته تلف المكان.
_أهلا، كيف حالك.
_بخير، كيف كان يومك؟
_ليس سيئاً.
_تعالي نتحدث قليلاً ونحن نشرب الشاي.
فتحت  أمل باب الشرفة، جلست ورزان جنباً إلى جنب تتحدثان طويلاً..
اخفت عنها زواجها من داوود و طلاقهما الذي يوجعُها إلى حد هذه اللحظة.
فحكت لها عن فيصل، تعارفهما والعلاقة المزيفة التي جمعتهما لأشهر طويلة، حين وصلت عند محاولة الانتحار بكت بحرقة، فاحتضنتها رزان
_ما كان يجب أن تفعلي بنفسك هذا، لا يستحق أن تنهي حياتك لأجله.
تنهدت أمل بحرقة، ثم استطردت
_الجنون في الحب، مغامرة خطيرة يخوضها الشجعان فقط وغالباً ما نخسر الكثير بعده، حين تقعين في الحب يوماً ما ستفهمين كلامي كله.
                                  ***
شمس جديدة، ونهار جديد يحمل في طياته الكثير من الأحداث..
تجلس الفتاتان في المطبخ تتناولان الفطور، لقد استعادت أمل نشاطها وحيوتها المعهودة بوجود رزان معها.
_ ما هي مشاريعك لعطلة منتصف العام؟؟
_صراحة، لم أقرر بعد، ربما سأبقى هنا.
_جيد، هل اخبرت زميلاتك في الجامعة عن البيت.
_نعم، نشرت الخبر بينهن ولكن لم يصلني آي رد بعد.
في تلك اللحظة رن جرس هاتف الشقة تبادلتا نظرات ارتياب قبل أن تجيب.
_ألو
_الآن تبدأ اللعبة الحقيقة لم تري شيئاً بعد، كما دُمرَ زواجك من داوود وانتهت علاقتك بفيصل، سأدمرك على كافة الأصعدة أقسم بذلك.
_من المتحدث
سمعت قهقهةً ممزوجة بالسخرية والحقد
_لن تري شيئاً بعد، سأجعلك تتمنين الموت ألف مرة في اليوم.
ثم انقطع الخط
أسقطَ في يدها..
_من المتصل.
هرولت نحو الحمام ولما تجبها.
امتقع وجهها وفقد ألوانه، من يمكن أن يكون وما أدراها بداوود وفيصل أصلاً ، متأكدة أن المتصل  أنثى. الصوت رقيقٌ جداً، مألوف بالنسبة لها.
لم يكن هذا اول تهديد يصلها بهذه الطريقة..
كونت رقماً في الهاتف وانتظرت ثوان معدوة قبل أن يصلها صوت تيماء من الطرف الآخر
_ألو
_أسمعيني، سأرسل لك رقماً عبر رسالة نصية اريد كل المعلومات عنه وأين موقعه؟؟
_حسناً، ولكن لماذا؟؟
صرخت في إنفعال:
_نفذي ما طلبتهُ منك، ولاحقاً تعرفين.
أغلقت الخط، كانت التوتر جلياً على ملامحها مما آثار شكوك رزان حول الأمر.
اكثر ما كانت تخافه هو مواجهة الماضي وأشخاص ينتمون إليه.
اصدر هاتفها صوتاً معلناً عن وصول رسالة، رسالة صوتية من تيماء.. تم التشغيل
_أمل، جمعت بضع معلومات قد تفيدك لم استطع الحصول على اكثر من ذلك.
موقع الرقم الذي جاءتكِ منه المكالمة هاتف عمومي في شارع المحطات، المحطة السابعة.
زفرت في قلق، من يكون الفاعل يا ترى؟؟
ارتدت معطفاً طويلاً فوق ثيابها، قادت سيارتها نحو العنوان المطلوب.
وصلت خلال ساعة، اوقفت سيارتها في مرآب قريب ومشت حتى وصلت إلى هناك، ثم اجتازت شارع المحطات بأكمله ، وقفت عند المحطة السابعة ثم تلفتت حولها في ارتياب.
تقدمت نحو عجوزٍ خمسيني يجلس قرب الهاتف العمومي
_هل تحتاجين مساعدة يا ابنتي؟؟
_عمي، اريد أن أسألك عن سيدة جاءت إلى هنا عند الظهيرة.
_يأتي الكثير من الناس إلى هنا، رجالاً ونساءاً كيف يمكنني أن اذكرها.
تنهدت، لا جدوى إذن.
استدارت لتغادر فصاح يستوقفها
_لحظة، لقد جاءت سيدة بأوصافك تماماً.
_لم افهم؟؟اوصافي!
_اقصد أنها تشبهك إلى حد التطابق، نسخة أخرى منك ولكنها ترتدي وشاحاً أسود ونظارات سوداء. كان مظهرها مريباً للغاية.
شعرت بضيق تنفسها فجأة..
تمتمت
_هل تركت عندك شيء
_لقد سقط منها هذا
رفع كفه فظهرت قلادة ذهبية يتوسطها حجر عقيق
إنها صدمة جديدة..
_تريدين أخذه
_نعم
_تفضلي
امسكتها، وتأملتها في هلع.
القلادة نفسها، كان ايجادها لها في هذا الوقت كفيلٌ ليسحب ذكريات قد مضى عليها دهر.
رن هاتفها،
((رقمٌ خاص))
_ألو
_مفاجأةٌ جميلة، أليس كذلك؟
_أنتِ مرة أخرى
_لماذا أشاهدُ في عينيكِ الخوف، نحن لا نزال في البدايات وأمامنا الكثير من المفآجات
_من أنتِ ايتها السافلة.
_ما هذه الوقاحة، تنعتين فرداً من عائلتك بالسفالة.
_من أنتِ؟.صرخت في انفعال
_أنظري إلى نفسك في المرآة تعرفين من أنا.
نظرت نحو مرآة السيارة. كان الفزع واضحاً على وجهها، في تلك اللحظة مشت بقرب السيارة شابة متشحة بالسواد
_هل رأيتني الآن.
_أنتِ، لا يعقل!!
تسمع صوت قهقهةٍ ساخرة.
_ انتِ تمارا..
انقلب صوتها إلى التهديد الحقيرِ ذاته:
_ذكية أنتِ يا توأمي، والآن استعدي لسلسلة رعبٍ لن تنتهي، أعدك بذلك سأجعل أيامك عبارة عن خوف وفزع من كل ساعة ستمر عليكِ.
ثم انقطع الخط..
أسقطَ في يدها.
أسوأ مخاوفها أصبح واقعاً، توأمها تظهر في حياتها بعد كل هذه السنوات
لقد اشتعل فتيل الحرب بينهما، ويبدو أن الأمر لن ينتهي بسلام أبداً.
حين عادت إلى البيت كان السكون يخيم على الأنحاء، نادت
_رزان، لقد عدت
لم يصلها أي رد
هرولت في الأرجاء تبحث عنها، ليس لها أي آثر..
انتبهت إلى قصاصة مطويّة عند البراد.
(( لقد اُضطررتُ للمغادرة، سأعود قريباً))
تنهدت، يبدو أن الفترة القادمة لن تكون على ما يرام
لقد أصبح الخطر محيطاً بها وبمن حولها.
لعنت تمارا في سرها، مجرمٌة صفيقة.
تؤامان متشابهتان بالشكل، متعاكستان بالروح
تماماً كالماء والنار..

دوائر النارOù les histoires vivent. Découvrez maintenant