تلك الشجرة

1.8K 116 9
                                    

شعرت بالغضب هذه المرة حين رأيت عقب سيجارته على الأرض ، وقررت أنني لو رأيته مرة أخرى يدخن ، فسوف أضغط على الزر على الجدار ..

نعم .. سأكذب وأقول إنه خرج من الباب الخلفي ..

هكذا حملت عقب السيجارة ، واتجهت مرة أخرى إلى سلة القمامة الضخمة ، وأنا أشعر ببرودة غريبة تحيط بي فجأة كأننا في الشتاء و..و..

ومن جدار المبنى خرجت تلك الفتاة التي غطّت الدماء وجهها وشعرها ، لتتجه نحوي مباشرة !

•••

(٢)

حين كنت صغيراً رأيت شبحاً يدخل عليّ غرفتي !

أنا أذكر هذه الليلة جيداً .. كنت نائماً على فراشي في غرفتي ، حين سمعت صوت الطرقات على نافذه الغرفة ، فاستيقظت لأتجه إليها ..

في البداية لم أرى أي شئ .. ثم .. ثم ..

ثم رأيتها ..

امرأة عجوز قبيحة ظهرت فجأة خلف النافذة ، ونظرت لي مباشرة وهي تهمس باسم أمي ، فصرخت في رعب لدرجة أنني بللت ملابسي ..
اختفت المرأة العجوز ، لككني أخذت أصرخ وأصرخ ..

ليلتها استيقظت أمي على صراخي ، وحين رأت ملابسي صفعتني لأول مرة مرة في حياتي ، فأخذت أبكي دون أن أستطيع التوقف ..

لكن أمي لم تكن قاسية .. ليلتها وبعد أن هدأت قليلاً ، أعدّت لي كوباً من الحليب الدافئ وأخذتني لأنام جوارها في غرفتها ، فحكيت لها كل شئ ..

وحين انتهيت ربتت أمي على رأسي بحنان ، وأخبرتني أنني لو رأيت شبحاً مرة أخرى ، فعلي أن أغمض عيني وأفكر في شئ أحبّه .. بعدها سأفتح عينيّ لأجده وقد اختفى !

لم أنسَ هذه الليلة أبداً ، لكني لم أرَ شبحاً بعدها ..

حتى أمي لم أعد أراها .. فهي كما أخبرني قريبي هناك ..
في السماء ..

•••

وأنا أعرف أنني لست ذكيًّا ، فأنا لا أجيد القراءة والكتابة كقريبي الذي وصفني بـِ ( المتخلّف ) ، لكني أعرف أن البشر لا يخرجون من الجدران .. هكذا عرفت أنها شبح ..

رأيتها تخرج من الجدار فتجمدت في مكاني ، وقد زادت البرودة من حولي أكثر وأكثر ، ثم رأيتها تتجه نحوي ..

كانت فتاة صغيرة وكانت ترتدي ثوباً أبيض ، لكنه كان ملوّثاً بالدماء .. وجهها وشعرها أيضاً كانا ملوثين بالدماء .. وكانت تبتسم !

تذكرت ما علمتني أمي إياه ، فأغلقت عيني وأخذت أبحث عن شئ أحبّه لأفكر فيه ..

أنا أحبّ المربى .. لكن لم يعد أحد يحضرها لي منذ رحلت أمي .. أنا أحبّ القطط لكن قريبي الذي منحني هذا العمل أخبرني أنه لن يكون عندي وقت لأقتني قطة .. أنا أحبّ أمي لكنها تركتني و .. و ..

أنا .. أنا ..

أنا خائف !

كانت الفتاة المخيفة تتجه نحوي وهي تشير بإصبعها تجاهي ، فأغلقت عيني بقوة والبرودة من حولي تشتد وتشتد ، ثم شعرت بها تمرّ من جواري لتتجاوزني ، ولتواصل طريقها مبتعدة ..

أنا .. أنا ..

مجموعة قصصية | حكايات الموتىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن