تلك الشجرة

1.4K 102 24
                                    

كانت الفتاة تقف جوار الشجرة وتنظر لي مباشرة ، فكدت أصرخ في فزع ، لكنني تذكرت الأصلع وتحذيره لي ، فتماسكت .. غير مسموح لي بالصراخ !

ثم رأيت باقي الأطفال فجأة ..

لا أذكر عددهم .. لكن الدماء كانت تغطيهم هم أيضاً وأحدهم لم يكن بذراعين .. لكنهم كانوا يبتسمون لي ..

غير مسموح لي بالصراخ !

كانوا ينظرون لي وكنت أراهم في وضوح ، لكنني كنت أعرف أنهم أشباح .. هم من نقلوني إلى أسفل الشجرة ، وهم الآن يحيطون بس لأنه دوري كما أخبرني النحيف ..

سيقتلونني الآن ويأخذونني معهم إلى داخل الشجرة ، لكن ..

غير مسموح لي بالصراخ !

كنت أشعر بالبرد الشديد وبأنني عاجز عن الحركة ، لكني أخذت أنظر لهم وهم يقتربون مني ببطء ، قبل أن تقول الفتاة بصوت لم أسمع مثله من قبل أبداً :
-- إنهم يدفعون جيداً .. لهذا أصبحنا كذلك ..

إنها تتحدث عن أصحاب ذلك المبنى .. النحيف أخبرني أنهم يدفعون جيداً ، لكنهم .. لكنهم لا يدفعون لي ..

حاولت أن أرد ، لكني لم أستطع .. أنا لا أريد أتحول لواحد منهم ..

لا أريد أن أتحول إلى شبح ..

أمي أخبرتني أن الأشباح لا تؤذي ، لكني أعرف أن شبح تلك المرأة العجوز هو ما أخذ أمي ..

لم أخبر أحدا بما رأيت ، لكن في ذلك اليوم الذي اجتمع فيها أقاربي حول فراش أمي ، قبل أن تتركني لتصعد إلى السماء ، رأيت شبح المرأة العجوز ..

كانت تقف قرب فراش أمي ولم يكن أحد يراها سواي ..

وكانت المرأة العجوز تبتسم !

وأنا أريد أن أصعد إلى السماء لأرى أمي ، لكني لا أريد أن أدخل إلى تلك الشجرة مع هؤلاء الأطفال الذين تعطيهم الدماء ..

مرة أخرى تحدثت الفتاة بصوتها العجيب لتقول :
-- نحن نريد الخروج من هنا .. ساعدنا ..

ثم إنها كشفت عن صدرها ، لأرى ذلك التجويف الضخم الذي تنز منه الدماء ، قبل أن تقول هي :
-- لقد أخذوا قلبي ..

-- !!!!

•••

( ٤ )

لم أدخل مع الأطفال إلى تلك الشجرة هذه المرة ..

يومها رأيتهم وهم يبتعدون عني ، ليدخلوا جميعاً إلى تلك الشجرة ، لأعود وحيداً بارداً في مكاني على الأرض ، عاجزاً أو الصراخ ..

غير مسموح لي بالصراخ ..

وحين تمكنت من الحركة أخيراً .. وقفت ببطء ..

ثم أخذت أعدو مبتعداً ..

أنا لن أعود إلى هنا أبداً !

لا أريد أن أرتدي زي رجل الأمن مرة أخرى .. لا أريد أن أمارس عملي الذي أتقنه .. سيصفني قريبي بالمتخلف ، لكني لن أهتم ..

سأعود إلى منزلي البارد الخاوي وسأظل هناك حتى يأتي اليوم الذي أصعد فيه إلى السماء لأكون مع أمي ..

حينها سأحكي لها كل شئ وستعدّ هي لي كوباً من اللبن الدافئ ، وستسمح لي بأن أنام جوارها ..

نعم .. هذا ما ستفعله أمي ..

وأنا لن أعود إلى هنا أبداً ..

•••

مجموعة قصصية | حكايات الموتىWhere stories live. Discover now