تلك الشجرة

1.1K 99 14
                                    

نعم هي تحرك جفنها .. لكن .. لكن ..

لكن هذا هو الشئ الوحيد المتبقي في وجهها .. لا عينين ولا فك سفلي .. كيف ستظل حية بعد الـ ..؟

-- القتلة .. القتلة ..

يصرخ النحيل فيزداد خوفي .. لو سمعنا أحد الآن سوف يقبضون علينا .. بل علي أنا فالنحيل لم يعد صالحاً للـ .. أعني .. أنت تفهمني !

أما الفتاة التي لم يعد لها قلب ، فتقدمت تجاهي لتقول :
-- نحن نريد أن نخرج من هنا .. نحن لا نحب هذا المكان ..

عقلي لا يزال عاجزاً عن استيعاب كل ما يحدث حولي .. إنه حلم .. كابوس من تلك الكوابيس التي أخبرتني أمي أنها تنتهي ما إن أفتح عيني ، فلماذا لا ينتهي هذا الكابوس ؟؟

-- نعم يجب أن نخرجهم من هنا ..

يقولها النحيل فأصيح أنا في حيرة :
-- كيف ؟.. كيف سأحمل هذا كله ؟.. وإلى أين سأذهب بهم ؟؟

-- لا يهم أين .. المهم ألا يظلوا هنا بعد الآن .. إنه حقهم الأخير  ..

-- لكن .. أنا ..

لكن أنا لا أصلح لهذه المهمة .. أنا سقطت في قبضة جارتي حين حاولت سرقة طعام من منزلها ، فما الذي سيحدث لي حين أحاول أن أخرج الـ .. كم عدد هؤلاء الأطفال ؟.. إن القاعة واسعة حقاً وتلك الرائحة الحارقة لا تساعدني على الرؤية رغم أن القاعة مضاءة ..

رغم أن القاعة مضاءة ..

رغم أن القاعة مضاءة ..

رغم أن القاعة مضاءة ..

رغم أن القاعة مضاءة ..

-- لماذا تركوا القاعة مضاءة ؟!!!

في لحظة وجدتني أهمس بهذا السؤال ، وفي اللحظة الثانية سمعت النحيل يجيب :
-- إنهم يعرفون .. يعرفون أنك هنا ..

قالها وهو يشير إلى كاميرا في السقف ، نظرت إليها في حيرة للحظات ، قبل أن أستوعب ما يقصده ..

لهذا تركوا القاعة مضاءة .. لأنهم يعرفون أنني سآتي إلى هنا ..

لا أعرف كيف عرفوا لكنهم كانوا ينتظرونني ، وها أنا أقف وسط الجثث والأطفال ، أشعر برعب لم أشعر به في حياتي من قبل ..

سوف يمزقونني هنا .. سيأخذون قلبي وذراعي ، وسيضعونني في أسطوانة زجاجية ولن أرحل من هنا أبداً ، بل سأقف جوار جثتي في هذه القاعة الباردة ذات الرائحة الحارقة ..

لن أصعد إلى السماء ولن أرى أمي ولن أشعر بالدفء مرة أخرى ..

لكن النحيل صاح فجأة :
-- وجدتها .. أسطوانات الغاز ..

فالتفت له وقد قررت أن أنفذ ما يقوله دون أن أحاول أن أفهم .. لا وقت للفهم .. لم يعد هناك وقت لأي شئ ..

مجموعة قصصية | حكايات الموتىWhere stories live. Discover now