تلك الشجرة

1.3K 104 11
                                    

-- الفتاة التي رأيتها .. صدرها كان يـ ..

-- أعرف .. السؤال الآن هو ما الذي سنفعله ؟.. هل سنتظاهر بأن شيئاً لم يحدث ؟.. هل ستقضي أيامك هنا أسفل الأغطية ؟.. هل ستتخلى عنهم ؟؟

-- أنا خائف .. أنا لا أريد العودة !

-- سأظل معك حتى النهاية .. لكن يجب أن نضع حدًّا لهذا كله .. يجب أن نساعدهم ..

وببطء وقف وعيناه لا تزالان معلقتين بالقمر ، ليهمس بشرود :
-- إنهم هناك .. عند تلك الشجرة ..

•••

لا أذكر كيف نمت هذه الليلة ، لكني أذكر أنني رأيت أمي في أحلامي وأنها كانت تبتسم ..

وحين استيقظت كنت أبتسم أنا الآخر دون أن أعرف لهذا سبباً .. ربما لأني أبله كما يقول قريبي !!

كانت الساعة الخامسة والنصف ، لكني كنت أعرف أنني سأصل لعملي في ميعاده لو أسرعت قليلاً ..

نعم سأعود .. لن أقضي أيامي خائفاً من شئ لم أفعله ..

سأعود وسأمارس عملي الذي أجيده بدقة متناهية ..

وبعد أن تنتهي ساعات العمل الرسمية لن أعود إلى هنا .. لا لن أفعل .. سأنفذ ما اتفقت عليه مع النحيل ولن أتردد هذه المرة ..

إنني أذهب إلى عملي كل يوم وأكون هناك في تمام السادسة ، لأظل في مكاني حتى التاسعة مساءً .. كل يوم .. كل يوم ..

عملي الذي أحبّه لأنهم يسمحون لي بأن أرتدي زيًّا يشبه زي رجال الأمن .. عملي الذي لن يمكنني أن أعود له مجدداً بعد اليوم ..

لكني اليوم أشعر بسعادة لم أشعر بمثلها قط ..

•••

وفي السادسة تماماً كنت أقف في مكاني مرتدياً زيي لآخر مرة .. وكنت أشعر باللهفة ..

لكن في الواحدة ظهراً عرفت أن النحيل لقي مصرعه في حادث !..

سيارة مسرعة ثم .. بوووووف .. صعد إلى السماء .. هكذا وبمنتهى البساطة ..

بعدها عرفت أن الحادث كان في الليلة قبل الماضية !!

•••

( ٥ )

أنا لم أفهم ما الذي يعنيه هذا على الفور ..

لم أكن ممن يجيدون ( الفهم ) من قبل ، لكني وفي النهاية أدركت معنى أن يموت النحيل في حادث ، قبل أن أراه .. إنه مثلهم ..

مثل هؤلاء الأطفال الذين​ يختفون عند تلك الشجرة ..

إنه شبح !

كنت أقف مكاني أمارس عملي الذي أتقنه للمرة الأخيرة ، حين استوعبت هذا كله ، لأجد النحيل يقف قربي يرمق الشجرة ، وهو يردد :
-- الليلة سنفعلها .. سأكون معك حتى النهاية .. لن أتركك حتى ننهي هذا كله ..

لكني لم أجبه .. لم أخشه كما يحدث لي مع الأطفال ، لكني أدركت أنه لا داعي لأن أجيبه فهو يعرف ردي على أية حال ..

لقد اتفقنا وأنا لا أحب أن أخلف وعودي .. أمي أخبرتني أن من يخلف وعوده لا يستحق أن يكون رجلاً .. وأخبرتني أنني رجل ..

فقط نسيت أن تخبرني أي شئ عن ( حالتي ) هذه !

مجموعة قصصية | حكايات الموتىWhere stories live. Discover now