تلك الشجرة

1.2K 98 2
                                    

أمّا هو فبدا عليه الحماس وهو يشير إلى الأسطوانات في ركن القاعة ، مواصلاً :
-- هي الحل الوحيد .. نفذ ما سأطلبه منك وسننهي هذا كله ..

الأطفال كلهم ينظرون لي في أمل وفي الأعلى تتعالى أصوات أقدام تجري متجهه إلى هنا ..

الليلة سننهي هذا كله ..

ولن أفهم حتى كيف ؟!

•••

حين وصل الأصلع وذو الذقن ومعهم رجال الأمن - الحقيقيون الذين يحملون الأسلحة - كنت قد شارفت على الإنتهاء ، وكنت أشعر بالإرهاق الشديد .. لم أنم جيداً منذ فترة والطعام تركته في منزلي منذ فترة .. لا بدي أنه فسد وأن رائحته سوف ..

لكن الأصلع قال في غضب أعادني إلى القاعة :
-- كنت أعرف أنك تدعي حالتك هذه .. لا أحد بهذه السذاجة أبداً .. لا أحد ..

فابتسمت في رضا رغماً عني .. أخيراً أجد شخصاً لا يظن أن لدي ( حالة ) ما كما يذكرني الآخرون .. أما ذو الذقن فقال :
-- ما أود معرفته حقاً هو كيف اكتشفت أمرنا ؟.. كيف وصلت إلى هنا ؟

فأجبت :
-- النحيل .. إنه مـ ..

لكن الحيرة التي بدت عليهما أجبرتني على فهم أنهم لا يرون النحيل مثلي .. لا يرون النحيل ولا الأطفال الذين أحاطوا بي وقد بدا عليهم الخوف بينما وقف النحيل خلف كتفي مباشرة ليهمس في أذني :
-- استمر .. لا تتوقف عن الحديث كي لا يشعروا .. سينتهي الأمر خلال لحظات ..

لكن الأصلع كان من تحدث ليقول :
-- وما الذي كنت تفكر في فعله هنا ؟.. أتظن أنك كنت ستسرقهم لتبيعهم بنفسك ؟.. أتظن أن الأمر سهل أيها الأحمق ؟!

-- أنا .. أنا أريد أن أخرجهم من هنا ..

أقولها فينفجر الأصلع في الضحك ، بينما تبدو الدهشة على ذي الذقن ، الذي قال :
-- تخرجهم ؟.. إلى أين ؟

-- لا أعرف !

فيشير الأصلع تجاهي ويصيح ضاحكاً :
-- إنه أحمق .. مختل أحمق .. إنه لم يفكر حتى في الخروج من هنا ..

فيقول النحيل في أذني :
-- سنخرج من هنا .. كلنا سنخرج .. استمر ..

وأنا أعرف أنه يريدني أن أستمر كي لا يسمعوا صوت الهسيس الذي تصدره الأنابيب .. لكني خائف حقاً .. خائف ولا أجد ما أقوله سوى :
-- أنتم قتلة ..

قلتها فبدت الصدمة على الأصلع وذي الذقن ، قبل أن يصرخ الأول ثائراً :
-- كيف تجرؤ ؟!

أجرؤ لأنني بدأت أفهم أنه لم يعد هناك فارق .. لحظات وسنخرج كلنا من هنا ..

ينتشر الأطفال في المكان كأنهم يودعون جثثهم ، ويتحرك النحيل ليقف بين الأصلع وذي الذقن ليبتسم لي مشجعاً .. أبادله الابتسام وأقول :
-- أنا .. فهمت ..

مجموعة قصصية | حكايات الموتىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن