الفصل الرابع

4.1K 126 0
                                    

  الفصل الرابع 

" من أنت "

حينما يكون الحُب أقوي من كل شيئ تتخذ العقول جانباً وتترك للقلب ساحه المشاعر !
قضت قرابه اسبوع وهي تحاول استيعاب ما حدث ، زوحها الذي كان يعيلها هي وابناءها قد مات ولم يتبقَ سوي ضرتها التي تعلم كل العلم أنها لن تكون علي وافاق معها .
التقطت هاتفها الذي يرن منذ مده وهي شارده ، حمحمت قليلاً قبل أن ترد بوهن علي المحامي
- ألو يا أستاذ حمدي
جاء الرد عملياً يُخبرها بتحديد ميعاد تقسيم الورث وفتح الوصيه وأنه سيكون بعد إسبوعين من الأن ... شكرته علي إخبارها بمده لتتأقلم نفسياً قبل ان تحدث المعركه التي ستحدث خلافا. وكُرهاً
نادت علي ابنها الكبير ماجد واجلسته أمامها وبدأت تحدثه عن أباه وكيف كان يعاملها بحنو و أنه لم يبخلْ عليهم بشيئ ، ثم إنتقلت للجزء الأصعب وهي تحدثه كيف سيتعاملون مع ضرتها وابنها
- ماجد يا حبيبتي انت مبقتش صغير دلوقتي ، احنا داخلين مرحله صعبه ولازم تبقي واقف معايا
ثم استطردت وهي تحاول تبسيط الموضوع أكثر
- يعني دلوقتي فارس يبقي اخوك الكبير تعامله كده انت واختك الصغيره
أردف هو بنبره تحمل المسؤليه مُستفسراً
- طب وطنط اميره
مسحت وجهها بقوه قبل ان تردف بتمهل
- دي بقي أنا هتعامل معاها لوحدي
،،،،،
لم يفِ بوعده ويرد علي اتصالاتها التي فاقت مئتي اتصال حتي طلب الصداقه قبله ولم يرد علي رسائلها الكثيره
تضايقت كثيراً لتجاهله الإتصال رغم أنه يتحدث مع والدته لكنها فضلت الصمت وألا تضايقه تعلم ما فيه وكيف تأثر بموت قدوته وتامل رجوعه سريعاً حتي تعرف ماهيه أمره
- النيسكافيه يا تيمو
وضعت والدتها كوب النيسكافيه أمامها لتجدها شارده في هاتفها ، لوحت بيديها أمام وجهها لتتأكد من رؤيتها لتفيق تميمه وتلتقط الكوب بإبتسامه وهي تهتف بحُب
- تسلم إيدك يا مامتي حبيبتي ضحكت والدتها بخفه وهي تربت علي كتفها بخفه وتهمس ببطئ
- في عريس متقدملك يا تميمه
اتسعت مُقلتاها بصدمه لتضع الكوب والهاتف من يديها وتستدير بجذعها لوالدتها قائله بتوتر
- بس أنا مش عايزه اتجوز دلوقتي ، ثم إن عمو حسام لسه..
قطعت صفاء حديثها وهي تهتف بتمهل
- ماهو احنا مش هنشغل اغاني وهنعملها علي الضيق وبعدين ممكن بعد اسبوعين ولا تلاته
أرظفت تميمه بتعجُب وهي تنظر لوالدتها بصدمه
-ماما ! ، انتي خلاص قعدتيني معاه و وافقت وبنحدد معاد الخطوبه خلاص
وضعت صفاء ما بيدها وهتفت بحده وهي تنصح إبنتها بالعدول عن رأيها
- يا بنتي يا حبيبتي ده كويس ليكِ جداً , هو انتي فاكره فارس ممكن يتجوزك ؟
شحب وجهها فجأه جراء ذكر ذلك الموضوع واسمه معاً , خلق لها هاله من الحُزن والتوتر والأمل الممزوج بالخوف وجهها الذي تخضب بالحُمره جعل والدتها ترفع حاجبها لأعلي وهي تهتف بثقه
- أه يبقي بتحبيه ومستنياه , إنسي يا تميمه مش هيخطبك صدقيني
مال صوتها للرجاء وهي تتحدث عيناها قالت كُل شيئ في حُبه
- لا يا ماما هو بيحبني , بس موت باباها شقلب الدنيا
إستمعت صفاء إليها بملل لتُضيف بحنو وهي تربت علي كتفها
- يا حبيبتي صدقيني اللي خلاه ميردش علي تليفوناتك كل ده يخليه ميتقدمش , لو كان بيحبك كان رد ع الأقل مـره .. وبعدين إنتي حُره اعملي اللي انتي عايزاه
قامت صفاء من موضعها مُتجهه لداخل المطبخ بينما ظلت تميمه في حاله إزبهلال من حديثها الذي جرح مشاعرها نوعاً ما , والدتها علي حق لكنها تلتمس له ألف عُذر بأن حالته لا تسمح بالحديث , تنهدت ببطئ قبل أن تدخل غُرفتها تستعين بصوره علي شوفها الدائم له
......................................
- يلا يا ألين عشان الغدا بقي
هتفت عزه بصوتٍ عالٍ حتي تسمعها إبنتها ورصت الأطباق علي المائده فحينما ينتهيا تبدأ رحله الشقاء والذهاب للمشفي لتلقي جلسه علاج " الكيماوي"
زفرت بضيق وهي تراها تجلس أمامها وتأكل , تخاف ألا تراها ذات يومٍ , أدمعت عيناها بضعف وهي تتخيل عدم وجودها في البيت , سيختفي المرح وسيكون مُظلماً كما لم يُضاء فيه نورُ من قبل .
كفكت دموعها وهي تسمع نداءات إبنتها وهي تصرخ
- ده زين علي التليفون يا ماما
كانت ألين تتحدث بفرحه صافيه , تعشق أخاها كثيراً دائماً تُخبره أنها ستظل تُحبه أكثر من زوجته المُستقبليه وسيظل قلبها يُحبه حتي يتحلل بعدما تموت
أخذت سماعه الهاتف من ابنتها وهي تُتمتم بالحمد حتي وصل لاذنه فهتف بحُب
- ازيك يا ست الكُل
هتفت بلهفه وهي تحاول استعاده توازنها
- الحمد لله يا حبيبي انت عامل ايه , بتاكل كويس ولا لأ , الدنيا عندك ساقعه صح ابقي البس الجاكيت بتاعك يا زين
ابتسم بخفه قبل أن يهتف بطمئنه
- متخافيش يا ماما أنا كويس , هو أنا لسه صغير
أردفت بغيظ وهي تشرح له ماكنت تفعل وما ستفعله
-حتي لو كُنت كبير في السن هتفضل في نظري ابني الصُغير
- ايه يا ستشي الكُل , وأنا فين
هتفت ألين بمرح وهي تعترض علي كلام والدتها وأخيها الذي ابتسم هو الأخر , وأردف بحُب
- إنتي ألين حياتي كُلها اللي مقدرش اعيش من غيرها
قبلتها والدتها من جبينها وأردفت هي الأخري حنو مؤكده علي كلام ابنها
- طبعاً ده البيت من غيرها ميبقاش بيت , ده بنوتي اخر العنقود سُكر معقود
- حياتي انتم
كانت ضحكتها ساحره بحق , بالرغم من مرضها إلا أنا تمتلك ضحكه جميله
لم يقضِ عليها المرض بل هي من تقضي علي أماله الواسعه في الإنتقال لسعادتها وأملها أصابها اللعين لكنها دافعت بما هو ألعـن .. الأمل
..............
استكانت وهي تراه يقف علي بُعد صغير منها , هو الأن بهيبته أمامها استعاد رونقه أكان شهراً كافياً لذلك أم هو كما اعتادت صلباً من الخارج هشاً من الداخل
أرادت الجري حتي تحتضنه كما كانت تفعل من قبل لكنـها لاحظت شيئاً غريباً به , تشعر كأنه غريب عنها , حتي نظرته للأخريـن لما يبدو هكذا؟
هزت رأسها كأنها تنفض الأسباب الإنهزاميه في مُخيلتها وتقدمت منه حينما وجدته وحيداً وقد زفرت براحه حينما انفضَ الجمع من حوله
- فارس ..
اشتاق لملس صوتها علي أذنه احتار أيرد علي مُكالمتها ام يُكمل ما اراد ,التفَ بجسده لتقع مُقلتاه عليها لا يدري هل ازدادت جمالاً عن ذي قبل؟ أما أنه بسبب شعرها المقصوص ووجنتاها الحمراء جراء البرد
- ازيك يا تيمو , عامله ايه
لمعت عيناه بالفرح هو اذاً لم يتعمد تجاهلها , هو لم يتغير حمدت ربها قبل أن تهتف بسعاده
- انا كويسه الحمد لله أهم حاجه انت
ثم استطردت بلهفه وهي تتفحصه بعينيها
- كنت كويس هناك وبتاكل كويس , مكنش عندك شبكه صح عشان كده معرفتش ترد عليا
ثم كادت يداها أن تلمس وجهه حتي توقف في منتصف الطريق بسبب مسكته لها ,ظلت تنظر له بترقُب واستغراب بينما هو أنزل يدها مُتعمداً مما جعلها تتحدث باختناق قبل أن تخرج من شقتهم
-لما ترتاح هنبقي نتكلم
- ماشي
هذا ما سمعته وهي تهرول خارج شقتهم , لم تصدق أنه هنا كانت علي حق أن شيئاً ما قد تغير .. شيئاً ما قد كُسر .
................
- يلا يا كريم عشان أنا زهقت بقي بقالك ساعه مش عارف تصلحه , يبقي خلاص متعملش فيها عم الكهربائي
هتفت بها فاطمه وهي تري زوجها يدفن نفسه خلف التلفاز المُعطل يحاول إصلاحه , رغم أنها المره الثالثه الذي يفعل فيها ذلك بلا جدوي .. لكنها يخبرها دائماً أن يُجرب مره أخري لعل وعسي !
- اسكتي انتِ وسبيني أركز , وشك نحس والله البتاع كان هيتصلح
ردَ كريم بغيظٍ منها وهو يُتابع عمله بينما هي رمقته بحنق قبل أن تهتف بنزق
- ماشي يا سيدي سبتلك الحظ كُله , أنا قايمه اعمل حاجه أكلها
- اعمليلي معاكي
ردت بعندٍ
- لأ
سمعت صوت شرار يأتي من الخارج فهرولت خارج المطبخ سريعاً قلبها يكاد يُقتلع من صدرها تخشي أن يحدث له شيئ
لكنها حينما تواجدت عنده غرقت في الضحك ولم تستطع الاكتفاء لدرجه أنها أمسكت معدتها من فرط الضحك !
كان وجهه به بُقع سوداء وشعره ارتفع قليلاً عما كان عليه يمسك بيديه مفك لا يعرف هويته ومُلقي أرضاً ينظر بصدمه للتلفاز الذي صار يعمل
هتفت من بين ضحكها وهي تساعده علي الوقوف
- سبتلك الحظ كله يا مدهول , بعد كده هبقي استشور عندك
دفعها بغيظٍ وهو يكتم ضحكته هو الأخر ويضع يده علي شعره فقام بهندمه ملابسه ثم جلس علي الأريكه ينظر للتلفاز بينما هي استغربت ثقته في نفسه فقامت بإحضار مرأتها الصغيره ليري وجهه . ليفزع بعدها وينتفض من مكانها وهي غارقه في الضحك
- يالهوي مين ده ؟ انا حصل فيا كده ليه ؟
- عشان تبقي تعمل فيها شملول يا حبيبي
أمسكها من وجنتاها وهو يهتف بحنق , ويضغط عليهما بقوه
- مش شغلتلك التليفزيون يا حبيبتي عايز ايه تاني
أبعدت يده عن وجهها ورتبت شعرها المُبعثر وهي ترمقه بإزدراء
- بعد ما اتحرقت يا عيني يلا معلش
ثم مالت عليه قليلاً وهي تهتف بحُب
- أحلي واحد في الدُنيا والله
وجدته يقطب جبينه ويبتعد عنها , تعجبت لرده فعله لكنها سُرعان ما أدركت السبب ليهتفا في نفسٍ واحد
- البطاطس اتحرقت !
..................
بكت ولأول مره تبكي بعد وفاه أبيه ألهذه الدرجه هي ليست مُهمه , مازالت تعتقد أنه بسبب موت والده وأنه أثر عليه
ذهبت لصندوق الذكريات الذي كان يجمعهم حينما كانوا صغار , وفتحت ألبوم الصور الذي يضمهما معاً فتحته ,لم تعلم انها تفتح بابا للذكريات لن يُغلق من الآن,لاحت علي شفتيها ابتسامه مُنكسره فهي دائمه التنظيف عليه .. كانت امها تعنفها اذا نظفته ولم تنظف غرفتها,انتظرت لحظات قبل ان تبدأ في البكاء المرير الذي اعتادت عليه في الفتره الاخيره
وصلتها رسائله الكترونيه منه , تراقص قلبها بين ضلوعه , وأمسكت الهاتف بيدٍ مُرتجفه وهي تمسح دموعها بظهر يدها كما اعتادت أن تفعل
" شيلي الصوره اللي انتِ حطاها دي "
خاب أملها لتهتف بالشعور بالغيظ , إحتقار , إزدراء
" أي صوره "
أتاها الرد سريعاً
" صورتك اللي حضرتك ناشراها علي الفيس دي يا أستاذه "
تعترف أنها ألقته وراء ظهرها الأن , عجباً لها كانت تختلق له الأف الأعذار وحالياً تريد اقتلاعه من قلبها
" مالها فيها إيه يعني , زمايلي كلهم حاطين صورهم "
أتاها الرد ثقيلاً علي قلبها , مُستجيباص لنداء عقلها في الإبتعاد عنه
" زمايلك عايزين الرجاله تعلقلهم علي صورهم , إنتي كمان عايزه كده ولا إيه .. ع العموم براحتك مليش دعوه "
تستطيع الأن أن تقول أنها تود الصُراخ عالياً حتي تسمع المجره المُجاوره , لتدفن نهائياً عشقها له وجريمه حُبها له
لم ترد قامت بحظره فقط من عندها وقلبها يتألم وعيناها تبكِ , وعقلها يرقص فرحاً لأن قصتهما انتهت او باتت علي وشك الإنتهاء
فليذهب قلبها للجحيم ... وليحل مكانه عقلها الذي سيرحمها من عذابٍ ليس له نتيجه إيجابيه
يتبع ...

شظايا الورد بقلم/ سارة عاصمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن