الفصل الحادي عشر

3.1K 93 1
                                    

  الفصل الحادي عشر

 " لا أدري "

حينمـا تتضح الوجوه وتسقط الأقنعه الزائفـه سيحترق قلبك لأنك ستري الحقائق الكامنـه تجاهك ممن تُحب ويخدعونك
كُن أنت ولنفسك فقط !
لنبتعد حيثُ تهوي الأقدار ونعانق أمالنـا مُعانقهً أخيره ونخرج إلي أقسي الظروف التي تجعل من الصبي رجلاً ولا نجزع حتي يمل من الصبر
........
ليس كُل شظيه تُصيب قلبنا من الحبيب !
انطفأ بريق عينيها وهي تري صديقتها ويلمع في يدها خاتم خطبتها , أليس من المٌفترض أن تكون أول واحده تعرف , هي استغنت عنها خُطبت وعرفت من الأخرين .
تقدمت منها بحذر ترسم علي وجهها ابتسامه مُنكسره وقالت بلطف
- ألف مبروك يا نجوي مش كنتي تعزميني طيب
ابتسمت نجوي بتكلُف وهي تنظر لما يُزين اصبعها
- معلش بقي جت فجأه كده ومكنتش مرتبه لحاجه
نظرت تميمه خلفها لتجد شاباً وسيماً ينظر ناحيتهم ويستند علي سيارته الفارهه , عبست تميمه وهتفت بحـده
- مش ده أمير اللي كان عايز انكو تتصاحبو ؟ انتي بقيتي كده ليه بقيتي تخبي عليا أنا صاحبـه عُمرك
قلبت نجوي عينيها بملل , وبرمت شفتيها بسخريه و أردفت بمـكر
- بصي يا تميمه يا حبيبتي دي مصلحتي وأنا عارفاها كويس , وأمير هيعيشني أحسن عيشه بجد ده غير انه مش بيحجمني وكُل شويه خناقات زيك انتي وحضره الظابط بتاعك
هُنا انتفضت تميمه من مجلسها تنظر لها بصدمه لقد تم برمجتها لم تعد صديقتها التي تربيا معاً , أعماها المال وحجب بصيرتها أصدقاء سيئون
هتفت بغضبٍ سافر كمن لدغتها حيه وهي تشير لأمير وباقي المجموعه التي تقف بجانبـه
- كله إلا فارس يا نجوي حاسبي في كلامـك , ومفيش مجال للمقارنه بين ده وفارس !
ثم استطردت بحنق وقد بدأ صوتها يعلو أكثر
- وإذا كان الحُثاله دول مفهمينك إنهم حبايبك , وان أمير ده هيكمل معاكي .. تبقي غلطانه يا نجوي
كان الجميع ينظر لها بصدمه , فهي هادئه نوعاً ما وقد خرج الكثير مما كانت تخبئه داخلها تجاههم
ملامح الصدمه , عدم الراحه , الغضب تكسو وجهه نجوي التي كانت ستتحدث لولا أن أشارت لها تميمه بيدها لتتوقف .
اغتصبت تميمه ابتسامه يملؤها التحسر والشفقه علي شفتيها وأردفت بنبـره هادئه عكس نبرتها السابقه
- ربنا يهديكي يا نجوي , ربنا يهديكي يا اللي محصلتيش دلوقتي الغُرب
اختفت من أمامهم ودموعها تجاهد للنزول لكنـها ظلت صامده حتي تمام خروجها من الجامعه , وعندها أطلقت العنان لدموعها الخافته .. انحدارها علي وجنتيها يحرق كما احترق قلبها منذُ دقائق , ظلت تبكي بدون صوت حتي تمام وصولها للمنزل
عقلها لا يستوعب ما حدث , لم تصدق أن الحياه ستعبث بأقدارها وتخسر من أحبت يوماً وكانت لها أختاً
دخلت المنزل لا ترد علي نداءات أمها ولا هروله فاطمه التي كانت تريد أن تلحقها قبل أن تدخل الغُرفه وتغلقها بالمفتاح وترتمي علي الأرضيه تمسك رأسها وتنتحب تلك المـره بقوه .
..................
- احنا كده لازم نكثف البحث عن المقر بتاعهم
هتفَ أحد الظُباط القائمين علي قضيه مادليـن وهو يحك ذقنه بتفكيـر
ليرد عليه أخر وهو يعبث بالأوراق أمامه
- احنا لازم نعرف مين اللي شغال معاهم جوا مصر الأول وهو اللي هيدلنا علي مقرهم
تحدثُ اللواء الذي كان يتوسطهم بعمليـه رافعاً نظارته الطبيه وهو يستلم الأوراق من احد الظُباط
- سعيـد الدسوقي !
قطبَ صُهيب حاجبيه وهو يتذكر أن كان له قضيه بنفس الإسم وأردفَ بعدما نطق اللواء الإسم
- ده كان ممسوك في قضيه مخدرات قبل كده
هتفَ اخر
- مسكت ليه قضيه أسلحه قبل كده
ابتسم فارس وهو يحك مؤخره رأسه وهتفَ
-تهريب أثار
ضحك الجميع للموقف ومن بينهم اللواء , ليرن هاتفه ويرد عليـه بكلمات مُبهمه لا تخلو من
" تمام , أيوه , امممم , كويس جداً "
انتظرَ الجميع حتي فرغ ليهتف اللواء بجديه شديده وحزم
- اقبضوا علي سعيد وهو اللي هيوصلنا ليهم
قام من مجلسه وتبعه الأخرون للخارج ليهتف صُهيب بعدم ارتياح وهو ينظر للأمام
- انا مش مرتاحله علي فكره
أماء فارس بتأكيد وهو يرمقه من الخلف بنظره ثاقبه
- ده أكيد وراه حاجه ,, مراقبه من فتره
استطرد بضحكه سُخريه
- متجوز علي مراته , وسافر برا شهر وجه .. ويشاء القدر يا مؤمن انه نفس الشهر قبل ما ماادلين وجوزها ينزلوا
نظر كلاهما لبعض لينفجرا في الضحك ويكملان طريقهما للداخل مره أخري
..........
كان يجلس يدق بعصاته الأرض دقاً خافتاً , يُفكر في الكلام الذي تقوله صفاء , كان يرتدي قناع الصلابه والبأس وعيناه تجاهد الدموع لتنزل لكن مُقلتيه أبت أن ينزل منهما ولو دمعه
لم يعتقد ولوهله أن ابنه ترك أسوان وذهب لأعلي الأقاليم لكي يتخلي عن القيود التي تكبل رقبته تجاه والده
هتفَ بقهر داخلي وهو يتكلف حتي الحديث
- إنّ لله وإنّ إليه راجعون
أردفت أميره والدموع تغرق وجنتيها , وآلم خرج علي شكل أه تشكلت بمقدار حُرقه مشاعرها
- آه , يعني انت السبب بقي في كُل ده
نظر لها بغضب وأردفتَ بحده
- ايه اللي بتقوليه ده يا أميره , اعرفي بتكلمي مين الأول .. أنا أبوه
هبتَ وهي لا تعي ما تقول , كل ما يشغلها ذلك الذي ابتعد في أخر ايامه بسبب أبٍ صارم , الأخر ليس بطفل وهي ليست بعاقله الأن !
- أعمل ايه جوزي مات وهو بعيد عني , وفي الأخر مليش حاجه أعملها غير اني ابقي حزينه عليه بس !
استطرد وهي تصرخ تلك المـره
- ماهو مش صغير كان المفروض وقف قدامك , بس انت اللي وصلته لكده
هبَ واقفاً وهو يتمتم بكلمات مُبهمه ويتجه للخارجل
بينما اتجهت صفاء - التي لم تتحدث منذُ أن جاء - لها وربتت علي كتفها , ثم ضمتها بهدوء والأخري تبكي بشده
واحده تبكي علي فراق زوجها وبُعده عنها , والأخري تبكي علي حالها المُبهم ومستقبلها المجهول
........
اقتربَ منها محاولاً تهدئتها لكنـها ظلت تبتعد حتي ارتطمت بالجدار خلفها , وضعت يدها أمامه توقفه بينما تستمر هي في البكاء الشديد
- بلاش تقرب مني ولا تكلمني دلوقتي عشان أنا بجد مش قادره أتكلم ولو اتكلمت ممكن تزعل
واستطردت وهي تبكي تلك المره بقوه
- وأنا مش عايزاك تزعل مني
فاجئها أنه أمسك يدها وقبلها ثم وضعها علي قلبه قائلاً بحنو وصوتٍ هادئ
- مش بزعل منك يا تميمه , ومهما عملتي دلوقتي مش هزعل منك
لم تفعل شيئ سوي البكاء الشديد ضمها إليه وشدد علي ضمته حتي تشعر بالأمان
أخذت تتحدث بخفوت وبكاءها يحجب كلماتها
- كانت أكتر من أختي واسراري كُلها معاها , كنا في كل حته مع بعض ليه تعمل فيا كده! , انا عمري ما عملت فيها حاجه وحشه والله بالعكس كنت بمنع ده
استطردت وهي ترفع وجهها وتنظر له بقهر
- ده يبقي جزائي ؟ , بس أنا اللي غبيه مكنتش فاهمه أنها بتلف وتدول .. عشان كده كانت بتحاول بأي قدر تبعدني عنك !
جحظت عيناه بصدمه وهو يربت علي كتفها وأردفَ بخفوت
- هي كمان كانت بتدخل في علاقتنا
أبعدها عن حضنه وأمسكها من كتفها ونظر في عينيها وتحدثَ وقد إنسلت ابتسامه مُعجبه من بين شفتيه وأردفَ
- شكلك حلو علي فكره وانتي بتعيط .. بجد بشكرها انها خليتك تعيطي عشان أشوف الجمال ده
عبست من بين بكاءها وهي تنظر له بصدمه وكادت أن تتحدث إلا أنه استطرد
- مش كل حد في حياتك تثقي فيه ثقه عمياء كده , حتي لو كان مين .. ده غيري طبعاً ... عيلتك بس الوحيده اللي هتخاف عليكي وطالما كنتي بتشوفي منها تصرفات وتعديها بمزاجك اعرفي ان الصداقه دي مبنيه علي غلط من الأول
أماءت وهي تمسح دموعها بباطن يدها ليقترب منها أكثر ويزيل ما تبقي من أثر شلالات أعينها الغزيره
يعرف أن صغيرته تتألم لذلك لذا أراد أن يعلمها أن هذا درساً ولا يجب نسيانه
- أنا عارف ان الموضوع صعب , بس أكيد مش هنتعلم الدرس بالساهل
تحوةلت نظراته من نظراتٍ جاده إلي نظرات عشقٍ يتخللها شوق قلبٍ مكلوم
- مبحبش أشوفك زعلانه ولا بتعيطي , كفايه عياط بقي بقالنا كتيرفي عياط أنتي تعيطي وماما تعيط وطنط صفاء تعيط وامك تعيط .. قرفتوني
نظراتها الساخره كانت رداً عليه ليحمحم قليلاً قبل أن يستطرد
- بس انتي ممكن تعيطي مفيش مشاكل , لأن شكلك حلو بالعياط
.........
- خلصي أكلك كُله
هتفَ زيـن الذي كان يتوسط المائده علي يمينه ابنته وعلي يساره سكرتيره مكتبه
برمت شفتيها بطفوله قبل أن ترد
- مش عايزه أنا شبعت ومش قادره
نظر لطبقها الذي كان علي وشك الإنتهاء , وابتسم قائلاً بلطف
- ماشي ممكن تتفضلي دلوقتي
أخذَ يد صغيرته وقبلها بأدب لتضحك هي الأخري بسعاده قبل أن تذهب للعب , راقبت ذلك سمر بأعيـن زائغه لتري أنه يعامل ابنته كملكـه مُدلله وتراقصت الفكره في عقلها وابتسمت ابتسامه جانبيه لتجد أنه ينبهها
- سمر .. خليكي معايا لو سمحت
انتبهت علي كلمته , لتهتف برقه مُبتدعه وهي تقدم له بعض الأوراق
- اتفضل حضرتك دي كل حاجه طلبتها مني
ثم استطردت وهي تبتسم بخفه مُزيفه
- تؤمرني بحاجه تانيه
أدرفَ بصلابه وهو يتناول طعامه
- لا شكراً تقدري تتفضلي
كم سكبَ عليها دلو ماءٍ بارد , أخذت حقيبتها والأوراق وصارت تتهادي في خطواتها حتي خرجت من المنزل وهي تلعنه لأنه أحرجها !
نظرت للمنزل من الخارج بحديقته الواسعه والسياره التي تقف أمام باب المنزل مُباشره وهتفت بخبثٍ دفيـن
- ومالـه .. أحسن من غيره !
يتبع

شظايا الورد بقلم/ سارة عاصمWhere stories live. Discover now