الفصل السادس

3.7K 124 0
                                    

  الفصل السادس 

" لنضع حداً "

بُكاء يتبعه بُكاء ونظره وحيده حطمت ما تم بناءه منذُ الصغر, يكفي إشباع رغبه التملُك فلتمضِ وحيداً حتي تُلملمَ نفسك المُشرده
تجلس في سريرها متكوره علي نفسها تضم ركبتيها لصدرها عيناها مُنتفخه من كثره بكاء الليله الماضيه تفكر في مستقبلها لمجهول وحاضرها البارد وماضيها الذي اندثر خلف كذبه اسمها " الحُب "
أغمضت عيناها بقوه تسترجع أخره مره أخبرها فيها بحُبه كانت في رساله علي الهاتف يخبرها بأنها أغلي شيئ عنده هو لم يقولها صريحهً حتي , زجرت نفسها عندما تذكرت أنها من قالت " أحبك " أولاً
لم هي المُخطئه دائماً وهو علي صواب أهي الأن التي تجري خلفه أم ماذا ؟
زفرت ببطئ قبل أن تقوم وتغسل وجهها بالماء وترتدي ثياباً ملونه كأنها لا تأبه وجوده هو لا يخصها في أي شيئ يكفي ارتداءها للأسود شهراً واسبوعين ووقوفها بجانب والدته طوال الأيام الماضيه وهو يكافئها بكلامه الجارح وغلق الباب بوجهها ..
الرجال سيئون لا يكتفون بتحطيم قلبك والقضاء علي ما تبقي منك , بل يزيدون الأمر سوءاً بعدم تحمل المسؤليه ولإنسياق ورا السيطره إما أن تخضعي أو يرحلون
وأنتِ تبكيـن .. لا عزيزتي فليذهبوا للجحيم
- تميمه تعالي ساعديني نودي الحاجات دي لطنط أميره
رفعت رأسها بعزه وهي تأخذ حقيبتها الورديه وتهم بالخروج من المنزل
- معلش يا ماما نادي علي ابنها ياخد منك , أنا مبروحش هناك
قطبت لمياء حاجبيها بتعجب فهي لأول مره تري ابنتها لا تود الذهاب هناك , اقتربت منها لتراها تضع أحمر شفاه ليس زاهياً لكنـه يُري عن اقتراب فأردفت بحذر وعيناها مفتوحتان بصدمه
- انتي حاطه روج يا تميمه وغيرتي الاسود كمان , مش دول جيرانا اللي رايحين جايين عليهم ومن امتي وانتي مبتروحيش هناك
دارت عيناها بتوتر وهي تحاول الإجابه علي والدتها , بالطبع لا تجد لها رداً فهتفت ببرود
- عشان فعلاً لازم مروحش هناك
ثم استدارت ناحيه الباب وتمتمت بغضب قبل أن تخرج
- عايزه حاجه يا ماما
- لا مش..
لم تستطع لمياء اكمال كلمتها بسبب خروج تميمه وغلقها الباب بعنف حتي تسمع من يسكن أمامهم , وربما سمع يتحرق شوقاً ليري ما الأمر مما جعل لمياء تقلب كفاً علي كف هاتفه
- ربنا يكملك بعقلك يا تميمه
...............
نظرت له بغيظ وهو يحاول وضع الساعه علي الحائط بينما هي تحاول امساك السلم حتي لا يقع , هتف بغضب محاولاً الصمود في الأعلي
- امسكي كويس يا غبيه هقع
قام بافلات يدها من السلم حتي اختل توازنه وكاد يقع ثم عاودت امساكه مره أخري وأردفت بضحكه خبيثه
- مستقبلك في ايدي دلوقتي كلمه كمان وهتلاقي نفس ع الأرض
أنهي تعليق الساعه ونظر لما فعله بفخر واعتزاز بينما هي لوت فمها بسخريه قائله
- مبوظ كل حاجه في البيت وجاي يتشملل علي الساعه
نظر لها شزراً وهو ينزل من علي السلم ويجز علي اسنانه
- خلي ليلتك تعدي علي خير يافاطمه بدل ما أجيلك
وهي أيضاً تعرف أسلوبه لذا ابتسمت ابتسامه بلاستيكيه قبل أن تجري من امامه وتدخل الغُرفه وتغلق علي نفسها الباب , بينما هو في الخارج يصر علي أسنانه هاتفاً بغضب
- افتحي يا فاطمه ده انتي ليلتك سوده
أردفت وهي تجلس خلف الباب تحاول الصمود حتي لا يُفتح
- لا هو أنا غبيه عشان أسيبك تموتني
- لما انتي عارفه كده بتستفزيني ليه
هتفت بأسف وهي لا تقوي علي الصمود أكثر
- خلاص أسفه والله أسفه .. يالهوااي
فُتح الباب وكادت أن تقع من ادفعه الا انها استعادت توازنها وأخذت تجري في الغُرفه تصرخ وهو خلفها يحمل ملعقه الطعام الكبيره المستخدمه في الغرف
- تعالي بدل ما أجيلك أحسنلك , وانتِ عارفه هعمل فيكِ إيه ؟
وضعت يدها أمام وجهها كي لا يراها وهي تضحك , وهتفت باصرار
- خلاص يا كيمو اخر مره مش هتريق عليك تاني
وعلي حين غُره أمسكها من ذراعها وقد وضع الملعقه جانباً وهو يحاول التقاط انفاسه بصعوبه
- يخرب بيتك مش قادر , بتجري كل ده حرام عليكِ
أرادت قلب السحر علي الساحر وبدلال أنثوي اردفت بعد ان تعلقت يداها خلف رقبته
- ما انت كنت هتضربني , وانا كنت خايفه
قطبَ جبينه بتعجب ورمش َ بعينيه عده مرات كيف تبدلت في ثانيه لكنه تجاهل ذلك وهتف بمكر
- مكنتش هضربك كنت بهوش بس , مقدرش طبعاً
ثم تحولت ملامحه للجديه
- احنا لازم ننزل مصر بقي , ماما وتميمه وحشوني
زمت شفتيها قبل أن تُكمل
- وحشوني أنا كمان
وما ان اكملت حديثها حتي هرولت للمرحاض وهو خلفها لا يعرف ماذا حدث !
................
- يجب أن تقضي عليهم اولاً , أمثالهم يعيقون مُخططنا
أردفت مادلين وهي تحتسي كأس النبيذ الفاخر وترتدي زي البحر علي حوض السباحه وبجانبها كارل هو الأخريتفحص هاتفه ويرتشف من كأسه من بين كل حين
استندَ كارل علي مرفقه الأيسر ووجهه حديثه إليها قائلاً
- لا تقلقي كل شيئ سيكون علي ما يُرام
لوت شفتيها بتهكم وقلبت عيناها بملل تحاول أن تصدقه لكنـها تعلم أنه بعد ذلك سينهي حياتها لذا هي تحصن نفسها بعد كل خطوه .. حيه صفراء لدغتها والقبر
- سنري ذلك عزيزي كارل سنري
وتمتمت داخلها وارتسمت علي شفتيها ابتسامه خبيثه
- سنري خيبتك
التقطت هاتفها ودارت للبحث عن رقمه والذي ما زالت تحفظه عن ظهر قلب , لا تنكر أنه أعجبها أول الأمر لكنه لا يحب السير في الحواري والشوارع الضيقه يفضل الجطرق المستقيمه وهي تحاول الوصول للقمه بالطريق السهل دائماً , تتذكر ابنتها فهي كأي أم يحن قلبها إلي من كانوا قطعه منها
لذلك هاتفته ولأول مره ترتجف يداها حتي أنها ابتعدت عن المكان الذين يجلسون فيه حتي لا يري ارتجافتها وهي تحدثه .. كان اضطراب صوتها واضحاً مهما حاولت اخفاءه بالتأكيد هو يعرفها عاشا سوياً لفتره لا بأس بها , لذلم ميز رجفه صوتها حينما هتفت
- الو يا زين ازيك
لم ينبس ببنت شفه , عضلات وجهه مُنقبضه يحاول لعنها في الهاتف لكنه يتمالك نفسه الأن , يم يرد علي كلماتها الثقيله علي قلبه ليجدها تستطرد بعد ذلك بنفس نبرتها السابقه وارتجافه شفتيها الذي يقسم عليها الأن
- أنا عايزه أجي أشوف ملك
ارتسمت ابتسامه سخريه علي جانب فمه وتحدث بقسوه وهو يري ابنته امامه تحاول اللعب مع المربيه الجديده
- هحددلك معاد تيجي تشوفيها وأكون أنا موجود .. أنا مضمنش
اغمضت عينيها بضيق وهي تحاول ابقاء صوتها منخفضاً و السيطره علي نفسها
- أنا مامتها يا زين يعني مش هعمل فيها حاجه وحشه
أضاف بإصرار يتعمد جرح مشاعرها , يحاول رد ولو جزء صغير ما فعلته بـه سيكتفي بالجرح المعنوي الأن وقريباً سيجعلها تخسر نفسها
-لا تعملي وأكتر مبقتش أطمن علي بنتي وهي معاكي , كفايه البيبي سيتر اللي جبتيها وكانت بتضربها .. كفايه انتي عليها يا مدام مادلين
استطرد بحده يبين مقدار كرهه لها
- كفايه انك اتجوزتي يهودي .. أنا ممكن اتهاون معاكِ في حاجات , لكـن ده ربنا مش هيتهاون فيه
ثم أغلق الخط في وجهها يحاول استعاده رباطه جأشه بعدما سمع صوتها وقد أقسم أنه سيعيد حقه قبل أن يري ويسمع صوتها مره أخري خاصهً بعدما تزوجت من يهودي وعدوه اللدود ألا يكفها سرقه ماله وحياته وحُبه انسلت من بيه شفتيه ضحكه سُخريه حينما أحب تلك الحيه الرقطاء.
بينما هي لم تكن مشدوهه كانت تعرف أنه سيحدثها بقسوه وسيعرف انها تزوجت , لكنـها استغربت حديثه عن الله والديـن هو يصلي لكن لتلك الدرجه ؟ هو يعيش في الولايات المُتحده يظن أنه سيفلت بدينه من ملذات الحياه .. وربما هي التائهه في اللا دين !
.................
- صُهيب !
هتفت بها ألين بضعف وهي تحاول بصعوبه التحدث بعد جلسه الكيماوي التي تلقتها تواً بعد أن فركت عينيها لتستطيع الرؤيه بشكل صحيح , ليرد هو بتمهل ناظراً إليها بحنو
- أيوه يا لين
ابتسمت لأنها تحب ذلك الإسم منه لطالما أخبرها أن بها شيئاً من " الليـن" لهذا كُنيتها بهذا الإسم .. ليـن
- انت ليه مش عايز تتجوز
فاجئته بسؤاله , ابنه العاشره تطلب منه تفسيراً لعدم رغبته بالزواج وهو لا يعرف كيف سيجيبها ... لا يعلم لم لا يريد من الأصل , زفر بهدوء قبل أن يبدأ حديثه بسؤال وقد قرر الإفصاح عما يجيش داخله لعله يزيح ما يضايقه
- اممم عايزه تعرفي ليه يعني ؟
هزت كتفيها وابتسمت بوهن وأردفت
- فضول
اقتربت منها حتي جلس بجانبها وأمسك يدها وبدأ في سرد مُعاناته
- عشان مش لاقي حد زيك انتِ وماما , مش عايز أسلم اسمي لواحده هدفها تسليه أو فلوس بس مش عايز أغامر تاني بعد اللي حصل كفايه أوي لحد كده
ثم استكمل حديثه بنبره حزينه تحمل في طياتها ألم لا حدَ له لكنه سيعبر عنه عله يجد الدواء عندها
- مش لاقي حد يحبني زي ما انتي وماما بتحبوني , محدش هيخاف عليا زيكو وأنا مش عايز واحده تعاملك انتي وماما وحش مش هستحمل عليكو كده , انتو بالنسبالي حياتي كلها ومعتقدش هلاقي حد زيكو
احتضنته بقوتها الضعيفه تهمس له بأنه أفضل شقيق في العالم بينما انسلت دمعه من عينه يحاول كتم المه لا يعرف لم يبكي وعلي من , لكن فقط أجاب رغبه عيناه المُلحه
....................
"
حبيبتي الأولي واللي محبتش حد زيها
مش عايزك تزعلي مني , أنا أسف كان لازم تعرفي بس الظروف مكنتش تسمح صدقيني .. أنا عارفه انك اكيد مسمحاني لأني محبتش حد قدك يا أميره دلوقتي ندمي مش هيفيد بحاجه بس نفسي تسامحيني
ياريت تعاملي صفاء كويس ده مش ذنبها هي كانت دايماً تقولي انك لازم تعرفي بس أنا ظروفي اللي مسمحتش ملهومش غيرك دلوقتي ياريت تخليهم جنبك .. أنا بطلب منك كده لأني عارفه انه مفيش اطيب من قلبك يا أميره أنا مقسم الورث بينكم بالعدل وأنا متأكد ان الفلوس متهمكيش , سامحيني .. "
قرأت الجواب عده مرات ودموعها لا تتوقف عن الهطول هي تسامحه من قلبها لكنها لن تستطع علي الأقل الأن أن تتعامل كما لم يحدث شيئ تحتاج لفتره لتلتئم جروحها الغائره
يكفيها صدمتها بموت زوجها ولاحقاً اكتشافها وجود امرأه أخري تشاركها زوجها ... تذكرت يوم موته حينما اتصل وانهي مكالمته التي كانت عباره عن وصيته قبل مماته , وكأنه كان يشعر
- وحشتني أوي , ليه عملت فيا كده ليه
لكـن لا يُرجي من ميت نجده !
.....
ظلت مشدوهه لما تقرأ عيناها تفيض بالدموع من خرزتيها الزرقاء , يريدها أن تتعامل مع ضرتها حسناً , أبعد تلك السنين يطلب منها المعامله الجيده تجاه زوجته الأولي !
أخذت أنفاسها ببطئ وهي تستغفر بكثره .. تعلم أنه تزوجها ليبتعد عن أبيه الصارم والذي لطالما يشبهه في تصرفاته ونظرته
والمعادله هنا أن الصارم ابتعدَ عن القاسي لأن الأخير يُحدد تحكماته
.............
أما هو ظل شارداً في وصيه والده التي كانت تحثه علي أن يتحليَ بالصرامه ويكتفي بحياه العبث واللين وأن يتكفل باخوته وما يحتاجونه فهم اشقاءه ويجب عليه الإعتناء بهم
أخر ما كُتب في الوصيه هي جُملته التي كان يرددها دائماً
" لا تعبث بالورد , ولا يغرنك رائحته العبقه فهو يدخر أشواكاً تنغرس وتخرج بالدم لمن يود اقتلاعه "
ضم الجواب بقبضه يده حتي كاد يتمزق ثم استعاد نفسه شيئاً فشيئاً وزفر ببطئ قبل أن يخرج للشرفه مستنشقاً الهواء لعبض الوقت , لاحت صورتها أمامه وابتسم بسخريه فحينما يحزن تتجمع الألام كلها علي عاتقه يكفي ما عاني وما سيعاني .
أخطأ لكنه يستحق المغفره .. جرح لكن ما أفسده يستطيع شفاءه .. رحل من قلبها ويأمل أن يعود
فتح هاتفه وبحث عنها يأمل أن يخرج من قائمتها المحظوره وبالفعل أزالته وأزالت صورتها ليجد نفسه يبتسم تلقائياً , هو لا يتخيل أنه يسمع صوتها باللخارج أليس كذلك
قام من مجلسه وفتح الباب بحيث لا يُري ليجدها تتحدث مع والدته بلطف علي باب الشقه نظر لها بحُب ولكن مهلاً أحمر شفاه
- تميماااااااااه !
فُتح باب غرفته علي مصرعيه وبعلو صوته نادي علي اسمها لتنتفض إثر صرخته العنيفه التي هزت أوصالها , ابتلعت ريقها وهي تراه قادماً نحوها ليفاجئها بسحب يدها نحو الصالون كما اعتادوا ان يتناقشوا ويتحدثوا , وهي خلفه تمتمتم بغضب وتذمر
بينما والدته حاولت تلطيف الأجواء قائله
- في ايه يا فارس براحه
-ثواني يا ماما متدخليش انتِ ده حساب لازم يتصفي
نظر لها شذراً وهي تحاول الوقوف بثبات , بينما هتف وهو يصر علي اسنانه
- ايه اللي انت حاطاه ده
هتفت ببراءه متحاشيه غضبه
- ده روج
- امممم وأنا قلت ده ميتحطش برا البيت صح
- وانت مالك
أتاه الرد قاطعاً وكأن دلو ماءٍ بارد سُكب علي رأسه هي تُقصيه من حياتها اذاً , سيطر علي أعصابه التي كان علي وشك فقدانه وهتف
- مفيش حاجه اسمها انت مالك يا تميمه ..
ردت بعند
- لا في وأنا بقولك اهو .. انت مالك
أمسك وجنتيها بقوه هادراُ بقوه أخافتها وارتجفت أوصالها لها , لكنها ظلت امامه ثابته فقط أمامه
- وأنا هوريكي يعني ايه انت مالك دي متقلقيش خالص
يتبع..

شظايا الورد بقلم/ سارة عاصمWhere stories live. Discover now