الفصل التاسع

3.5K 99 7
                                    

  الفصل التاسع 

" برتبه قلبي"

الحُب يأتي بلا صُدف أو فرص , إما أن تكتنزه أو تجعله يذهب هباءاً سُدي

فزع صُهيب وكاد أن يقوم من مجلسه ويأخذ سلاحه وينطلق لبيت فارس لكن حينها هتفَ فارس بغيظ وغضب
- مفيش يا صُهيب تميمه اللي فرقعت كيس شيبسي جنبي
ثم نظرَ لها شزراً قبل أن يستطرد
- وحسابها معايا بعدين
ارتمي صُهيب علي مقعده مره أخري لاعناً في سره , كاد قلبه أن يُقتلع من ضلوعه وأردفَ بحده وصوتٍ عال
- الله يخرب بيتك انت وهي في يوم واحد , يلعنها معرفه
ردَ فارس هو الأخر بغيظ وهو يبض علي رسغها بإحكام
- أعمل فيها ايه بقي بحب بنت أختي , ثم متقولش يخرب بيتها ياعم ماهو هيبقي بيتي أنا كمان
ابتسمت وقامت بالتربيت علي كتفه بحنو قائله بنبره دراميه
- أصيل يابو رحاب
ألجمها بنظرته لتعرف أن عقابها عسير فسكتت ونظرت للأرض وهي تبتسم إبتسامه جانبيه ,تحدثَ مع صُهيب ليخبره بوجوب الذهاب للمركز غدا ليكملا عملهما
أغلق الهاتف بعدما إطمئن علي صديقه وزفر بعدها بضيق حينما تذكر القضيه التي تنتظرهما
شعر بشيئ في يده ليتذكر أنه يمسك بيد تميمه ويمنعها من الإفلات , نظرت له ببراءه لئلا يترك يدها لكنه بادلها بأخري غاضبه , وضعت يدها أمام وجهه وتتحدث بلهفه
- مكنش قصدي مكنتش أعرف إن معاك تليفون والله , كنت بهزر!
كانت نبرته تشبه إلي حد ما الهدوء لكنها تعرف أنه هدوء قبل العاصفه , الرزانه قبل الإندفاع , التدلُل قبل الغضب
- وانتِ تعملي كده ليه أصلاً إنتِ عارفه اني مبحبش الصوت العالي جنبي
ابتسمت حتي اضيقت عيناها وحاولت أن تبعد يداه التي تمسك يدها بإحكام
- منا مكنتش أعرف انك هتتعصب
ترك يداها ونقر رأسها بإصبعه قائلاً بنـبره خائبه
-طفله..
ابتسمت هي ثم احتضنته ليطبق ذراعيه علي خصرها بإحكام مُتمتماً
- بحبك
.........
وقف في شرفته يراقب عتمه الليل التي تفترشها النجوم اللامعه , حدقَ في السماء ليري أن القمر لم لجلس علي عرشه اليوم واحتلَ السماء بعض النجوم الخافته البعيده
اجتاح صدره مشاعر مُتناقضه تأججت مره واحده لتتكالب الأحزان في قلبه ويقضي عقله طوال الليل في التفكير
حانقاً لأنه خُدع من إمرأه كالحيه الرقطاء تزحف لمطلبها وحينما تنتهي تبُخ السم في وجهك
غاضباً منها بشده فهي تريده أن يغار حينما يعلم أنها تزوجت من أخر , لكـنه الأن يبتسم ساخراً فمن هو ليغار من يهودي لا يعرف سوي المكـر والإسفاف .
مشفقاً علي حال ابنته الصغيره التي تشتاق لأمٍ ليست بأم , تريد أن تعيش تحت كنف والدتها التي هي في الحقيقه .. سراب
يشعر بالحُب نحو وابنته فهي الأن من ستكون شريكه حياته ومُستقبله , لا يشغله موضوع الزواج بسبب مخطط زوجته الحمقاء
زفرَ ببطئ ليري أنه أسرف التفكير بها ! , تأكد الأن أن عقابها لن يكون بالهيـن وأنها ستلقي حتماً مصيراً مؤذياً
التقطَ هاتفه واتصل بمساعده ليري أخر ما توصلَ إليه ,
- حالياً هما في مصر هيتابعوا الأول الورد الموجود في المحلات بشهاده مُزيفه انهم خٌبراء نباتات .. وطبعاً كارل كان حجه كويسه اه اجنبي وبتوع مصر ما بيصدقوا اي حد اجنبي ينصحهم
كان يستمع باهتمام ليبدأ بالتفكير هو الأخر في كيفيه ردعهم , فهتفَ مٌستفهماً
-طب قعدين فين ؟ , الخطوه الجايه بعد دي إيه ؟
-في أوتيل طبعاً للسيُاح ده غير ان شحنه السموم مش هتوصل دلوقتي .. عايزين يوطدوا علاقتهم بالناس الأول
-امممم طيب انا عايز محل ورد بس مش باسمي , هشتريه بس يبقي باسم حد تاني اتابع من عليه الأخبار
- عُلم
أنهي مكالمته ومازال يُفكر مادلين ليست سهله , وحتماً ستتخلص من كارل حينما ينتهي الأمر .. يجب أن يكون له دور في تلك الخيانه ليتخلص من كليهما !
...........
كانت تقف أما قبر زوجها الراحل تبكي علي فراقه , تشعر بالألم الشديد حينماتري مضجعه الأبدي , هي تعرف جيداً أن الجميع سيرقد مرقده لكنه سبقها ورحل , كانت تريد فقط أن يقضي معها بعض الوقت .. لو يوماً أو ساعهً أو دقيقه .. دقيقه واحده كانت ستكفي ؟ أم ستظل تعافر حتي يبقي معها للأبد
- وحشتني يا حسام
كانت كلمتها المليئه بالألم والحُزن , نعم لقد تزوجها وقبلت أن تكون زوجته الثانيه لأنها رأت فيه الأمل بعد أن طُردت من منزل عائلتها حينما جاء ليطلبها ورفضوا بسبب أنه متزوج , لكنها نفدت منهم بعد أن كانوا يعاملونها بقسوه وإهانه فهي الفتاه علي أربع صبيان مقامها متوسطاً بين الأربعه ... لكنها كانت بمثابه خادمه لهم
كان حُسام فرصتها الوحيده للنجاه , ولم تندم لحظهً واحده علي قرارها .. كانت تري فيه البطل والزوج والأخ والأب فهي لم تحظَ بكل ذلك
وهاهي تجلس أمام قبره تبكي وتشتكي فراقه وبعده
- أنا مش عارفه أقولك إيه , بس أنا حالياً كويسه بفضلك .. دايماً مخليني مبسوطه سواء لما كنت عايش ولما مُت
مسحت دموعها بكفيها , لتبدأ في وصله جديده من الدموع الحـاره المُتحسره
- أنا بس خايفه منهم لياخدوني تاني , ودلوقتي أنا مش لوحدي انا معايا عيالي
اتكأت علي قبره وهي تنتحب تضع يدها علي قلبها الذي يدق خوفاً وحزناً وشفقه , لتجد يداً توضع فوق كتفها تربت بخفه استدارت وهي تعلم أنها آتيه بمفردها لتجد أميره تنظر لها والدموع تنسل من مُقلتيها العسليتين
وقفا الإثنان أمام قبره يدعوان , وكل منهما تحمل حُباً وموده تفيض حتي ملئت مضجعه .
..................
- يلا يا صُهيب عشان نروح لخطيبتك
هتفت والده صُهيب بينما كان جالساً يحاول تعديل حجاب اخته الصُغري ليتعجب فوراص من حديثها
- خطيبتي ؟ .. انت جيبتي الكلام ده من منين يا ماما , ده لسه انهارده قرايه فاتحه
أتت والدته وهي تبتسم تحمل في يدها البخور فيقف هو سريعاً مانعاً إياها قائلاً بمرح
- بلاش ده يا ست الكُل , بيجبلي ضيق نفس
ابتعدت والدته وأردفت بحنق
-انت الخسران
ثم نظر لأليـن وهتفَ
- متخلصي يا ستي , شُغل البنات ده مش هيخلص ولا ايه
وقفت هي الأخري مُشيره بسبابتها في وجهه قائله بحزمٍ مُزيف
- بقولك ايه اسكت بدل ما أخد معايا البوم صورك وانت صغي..
كتم فمها لئلا تهتف لما لا يُحمد عُقباه وتسمتع والدته وتأخد البوم صوره وهو صغير لهناك , همس بنبره راجيه لألين مُزيحاً يده من علي فاهها
- خلاص اسكتي يا فضيحه لماما تسمعك
تحدثت بمكر قائله
- شكولاته من الكبيره !
هتفَ برضوخ
-ماشي
- أيس كريم
- شغال
-شيبسي
-بلاش شيبسي بقي , خليكي ف دول بس
- اتفقنا
ذهبت من أماه لتكمل ما تفعله , ليعبث بشعره قائلاً بحنق
- ايه الاستغلال ده
- سمعتك علي فكره
صرخت ألين من غرفتها لتجده يهتف سرعاً يتدارك الموقف
- خلاص يا ليو يا حبيبتي ببرطم مع نفسي !
.....
يُقال أن الزواج لا يتم سوي بالإرتياح بين الطرفين بدون تدخل أو غصب , حتي تكتمل حياتهما معاً فهما سيكونا مُستقبلاً الذي سيكون حاضراً ثم ماضياً
هو الأن مرتاح ومطمئن نظراتها الخجله للأسفل , يعترف شعر بسكينه تكتنفه حينما نظر في وجهها , هي أمنيته كإسمها , هو الأن يجلس معها يحاول معرفه شخصيتها فالمره السابقه كانت تجيبه بإقتضاب , لكـن الأن يجب أن يذوب الجليد
بدأ حديثه بأسله معهوده حتي يتتجاوب معه
- مبسوطه في شغلك ؟
أجابت
- الحمد لله , بحبه جداً
- سمعت إن شغل الترجمه كويس وممتع
ردت وقد بدأ تتحمس
- جداً , أساساً أدام شغاله في المجال اللي بحبه ببقي مستريحه
ابتسم بهدوء قبل أن يهتف بسلاسه
- وأنا كمان بردو , ومبسوط انك حابه شُغلك جداً
سألته بإهتمام تحاول معرفته هي الأخري
- مش ممكن تمنعني منه لو كملنا إن شاء الله ؟
قطب حاجبيه تعجُب ليرد هو الأخر بسؤال
- لأ طبعاً وأمنعك ليه
أردفت بمنطقيه وهي تحاوره , ليكتشف أنها محاوره جيده
- في ناس لما بتلاقي مراتها شغاله بيقعدوها تاخد بالها من البيت والعيال وكده, في ناس كتير ضد فكره شغل الستات
انسلت ابتسامه معجبه من بين شفتيه ليستكمل هو الأخر قائلاً
- أنا بقي مش منهم , بالعكس أنا أحب إني أحس بنجاح شريكه حياتي , وأكون واقف وراها والشغل للستات مش عيب بالعكس يا أمنيه
تخضبت وجنتيها باللون الوردي إثر مناداته بإسمها وأدرك ذلك هو حينما نظرَ لها بطرف عينيه
ليدرك هو أن حلفان أمه بدأ مفعوله تلك المره .
.............
يقف أمام والدته يحتضنها وزوجته تاخذ دورها في ذلك في حين أتي فارس ليقف علي مشهد إحتضان شخص لتميمه , لم يظهرله سوي ظهره ليهتف بصوتٍ آجش
- تميمه !
نظرت تميمه بسعاده لفارس وهي تأخذ يده وتهتف بنبره سعيده
- تعالي يافارس كريم جه
جحظت عيناه لوهله قبل أن يهتف
- كريم مين ؟
- كريم أخويا إنت نسيت
اقتربت فارس من كريم هو الأخر ليحتضنا بعضهما ليهتف كريم بمرح
- ليك وحشه يا حضره الظابط
- وانت كمان والله يا بشمهندس
صرخت لمياء وهي تضع أخر طبق علي مائده الطعام
- الأكل يا ولاد يلا
أمسكت تميمه يد فارس وهتفت برجاء
-تعالي اتغدي معانا بقي انهارده
أردف هو بإعتذار مُبعداً يديها
- معلش يا تميمه مش هقدر اسيب ماما لوحدها
أومأت بخفه قبل أن تستطرد
- طيب عايزاك في موضوع كده
هتفَ هو بنصف عين
- شكلك مش مريحيني
ضحكت هي بسعاده قبل أن تقرص وجنته وتتحدث بثقه
-طول عُمري بتاعه مصايب
ثم تابعت بجديه
- بجد عايزاك ضروري تعالي انهارده قبل ما تسافر
أومأ لها بابتسامه قبل أن يدخل الشقه المقابله , ليغلقا معاً الأبواب ... وحتماً ستُغلق
........
جلست في الشرفه تتذكر أخر حديثٍ لهما ليرفض ما أخبرته رفضاً قاطعاً
- لأ يا تميمه يعني لأ هنفضل نعيد ونزيد في الموضوع ده ؟
- ليه يا فارس , انت كمان كنت بتحب الورد معرفش بقيت بتكرهه ليه كده
هتفت مُعترضه نبرتها كانت أشبهه للرجاء تحاول أن تجعله يحيد عما في عقله لكنه أبي وهتف بنبره جامده
- هو كده , موضوع ان تفتحي محل ورد ده ميلزمنيش ومش هيحصل يا تميمه
التمعت عيناها ببعض العبرات كانت ستنسل من مُقلتيها لكنها تماسكت وأبت أن تنزل أمامه لتهتف بقهر
- هو انت ليه كده أي حاجه بحبها مش بترضي , متخرجيش متحطيش متعمليش متلبسيش حتي لو الحاجات دي عاديه .. في إيه بقي !
استطردت هي بدموع خانتها وانحدرت علي مجري وجنتيها
- دي مُعاملتك ليا , ع العموم شُكراً جداً بس انا مش هتخلي عن حلمي
أردفَ بصلابه وهو يستند علي الشرفه بيد ويده الأخري في جيب بنطاله ينظر بتحدٍ
- حتي لو هتختاري بيني وبينه !
أدارت لهُ ظهرها وهتفت بقوه وشجاعه تأججت داخلها
- أيوه يا فارس .. كفايه لحد كده وأعتقد انك اكتر واحد هترتاح
- فعلاً هرتاح ودي أحسن حاجه حصلت في حياتي
نظرَ لها بإزدراء قبل أن يرحل وتبقي هي تنظر بصدمه لظهره .. لمـن حبت ووثقت , هو يري أنها تعانده وهي تري أنه يحبها
القسوه أصبحت حائلاً بين قلبين أحدهما مكسور والأخر يُملم جراحه فالسلام علي من جفي وسقط قناعه ، من كنا نتوسم خير منه .. وجدناه اقسي من الزمان
ومن احتمينا به ووجدناه يُلقي في وجهنا نيران الغدر ... لا يستحق منا شفاعه ولا يُطلب منا غفران
يتبع..  

شظايا الورد بقلم/ سارة عاصمWhere stories live. Discover now