الفصل الثامن عشر

2.6K 90 3
                                    


الفصل الثامن عشر " إحتضار "
وقفت أمامه بثبات تحاول أن تداري خجلها وحُمره وجنتيها التي لا تتخضب سوي بوجوده , أخذت ملـك من بين يديه واستدارت لكي تذهب بها إلي الفراش لكن صوته الآجش أوقفها قائلاً
- عايزك يا شهد , لو سمحت حطي ملك علي السرير ونتكلم
اضطربت شفتيها ولم تجد ما تتفوه به غير كلمه " حاضر " الذي اعتادتها منذ قدومه
وضعت ملك في فراشها لتقع عيناها مطولاً علي وجهها الذي يشبه تماماً , غير أن عيناها ذات أمواج البحر العالية
لكن تقاسيم وجهه تراها الأن أهدابه الطويله , شعره الفحمي الناعم التي ملست عليه بحنو قبل أن تتذكر موعدها معه , عدلت من وضع حجابها وهي تنظر للمرأه وتستعد للنزول
وجدته جالساً في الحديقه يضع يده علي رأسه كأنما يفكر , وقفت تستجمع شجاعتها أولاً لتتقدم منه بعد وهله هي الأن تقف خلفه مباشره , استشعر وجودها ليلتفت بإبتسامه عذبه مُخبراً إياها بأن تجلس أمامه
هي الأن لا تعرف لم أخبرها بأن تأتي ولا تعرف فيما سيتحدث لكنـها واثقه أنها سعيـده الأن لانها تجلس وهو في المحيط الذي تجلس به , قطع حديثها الثائر في عقلها بقوله
- مش عايز أضيع وقتك , بس هعرف حاجه عليكِ والموافقه والرفض في الأخر قرارك
قطبت حاجبيها بدهشه فهو يتحدث بجديه الأن ولا يحمل أي ملامح علي وجهه سوي التجهُم
هتفت بنبره مرحه بعض الشيئ لتزيل التوتر
- في ايه يا زين , براحه عليا شويه ... هو حصل حاجه ولا ايه ؟
نظر في عينيها لثواني ثم هزّ رأسه بنفي ليعاود حديثه الخشن من جديد
- دلوقتي طبعاً إنتي عارفه ملك لوحدها معايا , ومامتها ولا بتسأل أصلاً ... ف يعني لو !
استطرد حديثه ويبعثر خارجاً كل ما في ذهنه
- أنا عايزك تبقي ماما لمـلك يا شهد
ابتسمت هي برضا ولكن ابتسامتها لم تستطع أن تتسع أكثر لأنها بدأت تفهم الأن
- أكيد طبعاً أنا بعاملها فعلاً أكنها بنتي ..
كانت كلمتها الأخيره خافته , ليردف هو سريعاً إلي مُبتغاه
- أنا عايز أتجوز يا شهد ... عشان خاطر ملك !
..........
- إحنا لازم نتحرك فوراً
هتفَ بها فارس وهو يرمق اللواء بنظره سريعه ليجده مُتربكاً بعض الشيئ
ليتابع صُهيب الذي وقفَ هو الأخر متحفزاً
- واحنا كمان اكتشفنا ان في حد بينقل الأخبار بتاعتنا ليهم , عشان كده هما دايماً سابقين بخطوه
ازدادعرق اللواء الذي قام من مجلسه بعدما أنهي المُقابله في عجله من أمره , ليفتح فارس ملف مراقبته ليجد أنه لا إدانه سوي أنه متزوج من اخري ..
وقف فارس ويده في جيب بنطاله وصُهيب بجانبه يقص عليه ما عرف عن مادليـن ليهتف فارس بنزق
- كُنا ناقصين أصلاً , مش كفايه في حته مفيهاش شبكه وبعيد عن البيت 3 ايام
- قصدك بعيد عن تميمه 3 أيام
أردفَ صُهيب بنصف عين وهو يتابع رده فعله , لينظر لهُ الأخر شزراً قبل أن يهتف
- طب منت كمان بعيد عن المدام !
كانت تقاسيم وجهه حزينه , لا يعلم أيخبره أم لا ولكنه اتخذَ قراره قائلاً
- مش عارف هنكمل ولا لأ؟
نظرَ له فارس بتعجُب تبعته حده غلفت تقاسيم وجهه ليشيح الأخر نظره بعيداً عنه
- ده إزا يده ,, كتب كتابكو بعد شهر ؟
أردفَ صُهيب بلا مُبالاه
- كل شيئ قمه ونصيب
أمال فارس رأسه ويتطلع إليه بصدمه , كيـف حدثَ هذا , الأن هو في إحتضار المشاعر , داخل يحتضر كلياً , حاوط كتفه بيده وتحدث بنبره هادئه
- حصل إي هي اصُهيب
- محصلش حاجه بس أنا عارف إن محدش هيعرف يعيش معايا ولا بأسلوبي
رفع فارس حاجبه الأيمن هو مندهش من كلام رفيق عُمره , أيري نفسه سيئاً لتلك الدرجه أم أن تجاربه مع انساء فاشله!
- صُهيب الأمور متتاخدش كده
- لا بتتاخد كده
أجاب وهو يشيح بيده ليتنهد فارس تنهيدهً حاره خرجت من أعماقه وهو يستمع غلأيه , فم باله بمن يحترق داخلياً
- بص أنا مبقتش أعرف أتعامل مع حد , يا اما دي عايزه فلوس وهتروح للي معاه فلوس أكتر , يا اما دي بتمثل الحنيه لحد ما تنكف وياعالم هيحصل فيا ايه قد ما حصل زمان
الأن يعرف أن صديقه يمر بحاله ضعف هائله , فتور بالمشاعر أودي بحياة قلبه !
- صُهيب إهدي مش كله كده , عندك زيي أنا وتميمه بجد مشوفتش في طيبتها ولا حنيتها بالعكس هي دايماً اللي بتقف جنبي في المواقف الصعبه , مفتكرش مثلاً إني مريت بحاجه ضايقتني إلا وهي كانت معايا بتخفف عليا ... مش كلهم وحشين .. مش كلهم سمر!
جحظت عينا صُهيب من حديث فارس , ندبات قلبه لم تلتئم بعد وهو يذكره بمن جرحته
- فكر يا صُهيب .. لإن أمنيه بنت كويسه , لو ضاعت مش هتعرف تعوضها
تركه ورحل ليختلي بنفسه قليلاً , ليعرف حجم علاقتها بمن يُحب أو بمن سيحب .. في تلك اأثناء هو من سيحدد مصيره كلياً
.............
جلست تضع قدمها فوق قدم , قلبها يؤلمها لول مره , تشتهي نظره في ملامح ابنتها , الأن تعرف أنها أخطأت بحق ابنتها , وأين هي تلك السنوات التي اضاعت فيها عُمراً فوق عمر تركتها لمربيه لا تعلم شيئاً عن التربيه سوي الضرب , وفي النهايه تركتها لوالدها كيف لأمٍ ان تفعل هذا بابنتها الوحيدة ,, الأن هي مشوشه ما بين إكمال ما تفعله أو أن تتخلي عن كل شيئ لأجل ابنتها , قطع حديثها كارل وهو يأتي مُستند علي فتاة ملابسها تدل علي أنها من ملهي ليلي , ولم يخيب ظنها فهتف الفتاه بصوتٍ عالٍ
- حضري الأكل وطلعيهولنا فوق
رفعت مادلين حاجبيها بصمت وهي تراقب المشهد , ثم تقدمت من الفتاة وصفعتها علي وجهها بقوه حتي أنها وقعت أرضاً هي وكارل المتمدد لا يدري بشيئ سوي أنه في حاله سُكر
مالت مادلين علي كارل المُلقي أرضاً وهتفت بتقزز وصوتٍ عالٍ ونبره مُتهكمه
- لا تدخل بيتي ثانيهً , ولا تأتي لي بحثاله !
ثم أمرت الحرس الموجوده خارجاً بأن يلقيهما منا المنزل
وصت كارل يملأ الارجاء الي أن خفت
- لن أدعكِ تهنئين بفعلتك ..
قامت بمهاتفه سمر سريعاً قائله بحزم
- البيه لسه مجاش من الفُسحه بتاعته ولا لسه ؟
أجابت سمر بصوت هادئ
- لسه مجاش يا مدام
- انتي ماالك بارده كده ليه
هدرت مادلين والعصبيه تتأكلها , لتجيب الأخري جديه
- يعني المفروض أعمل إيه يا مدام انا بكلمه بس مبيقولش جاي امتي ولما سالت قال مش عارف
هدأت أنفاسها لتهتف ببرود مُخيف
- تمام اعرفي وبلغيني ...
أغلقت الهاتف وهي تنظر أمامها للفراغ عيناه تشع انتقاماً لا يُنسي , وحقداً لا يُدفن ...
............
هي الأن بين غياهب المشاعر وقوه الحُب , حتي الأن لم يحادثها أو علي الأقل بطمئنها عليه , هي لتلك الدرجه لا تعني لهُ شيئاً , لكن القرار الحتمي التي ستتخذذه غالباً لن يكون في صالح قلبها
لكن لم الأن هي تتقد من السعاده فور أن رأت رسالته
" أنا أسف ... بحبك "
تقفز من علي ا{ض فرحاً وهي تمسك الهاتف تقربه من قلبها وتغمض عينيها بهيامٍ واضح , كتبت بأنامل مُرتجفه وهي تحاول ان تبقي ثابته
" خلاص مش زعلانه .. بس كان لازم تقولي انك مسافر "
جاء الرد مطمئناً لقلبها مشفياً لندباته , قاطعاً لشكها
" جت علي فجأه , وكنت محتاج أقعد مع نفسي شويه"
" بحبك"
صرخت بقوة لتضع يدها علي فمها سريعاً لقد أرسلت له " أحبك " بعد ان خانتها اناملها لوهله , كانت تنظر للشاشه ليتضح أن رأها ثم بعد ذلك هو يكتب ليأتيها الرد الذي جعلها تضم الهاتف بهيامٍ مره أخري ويدها علي قلبها مُتمتمه " لأخر العُمر "
" بحبك ... طول العُمر ولأخر العُمر"
.......
بعد يومان
كانت تقف في الشرفه تقضم أظافرها هو سيأتي في أي لحظه , لقد أعدت الغداء وما يحبه دائماً وبقيت تنتظر منذ ربع ساعه , وها هي الأن سيارته تدخل حيز المنزل لتصرخ هي بقوه وتنزل سريعا لإستقباله
وقفت متحمسه لتراه ينزل من سيارته , أسرعت اليه واحتضنته بقوه ليضمها هو الخر هامساً باشتياق
- وحشتيني
ردت هي الأخر بعيني مغمضتين وانفاسٍ لاهثه
- وانا كمان ..
بعد فتره
كانت تجلس أمامه تتأمل تقاسيم وجهه , تشعر أن به شيئاً ما لكنه يُجيب دايماً ب
- مفيش حاجه يا تميمه مرهق م نالسفر شويه
نظرت في عينيه قائله بحزم
-لا في وأنا متأكده
هدر بصوتٍ عالٍ بعض الشيئ
- مفيش حاجه يا تميمه قلتلك بطلي زن
انتفضت هي من صوته ورمشت بعينيها عده مرات تستوعب ما حدث , أهو غاضبُ الأن , لم يأتي في بالها إلا أن يذهب للجحيم فهي أعدت كل شيئ وهو يصرخ بوججها لنها طلبت أن تعرف ما به !
تركته سريعاً وذهبت لشقتها المقابله لتتجاهل رسائله بأن تعود ونداءاته المستمره ..
........
- عشان ملك , عايزني عشان ملك ؟
هتفت شهد بصدمه حاولت أن تخفيها لكنها تغلبت عليها وتركت بصمه علي تقاسيم وجهها , ليجُيب هو الأخر بلاشفقه
- ايوه ملك دلوقتي بقت محتاجه حد يراعاها ... محتاجه أم !
أردفت وهي تنظر أرضاً وقد تجمعت العبرات في عينيها تحاول مداراه حزنها بعدم النظر إليه
- خدامه يعني ؟
-لا مقصدش كده , أم يا شهد أنا عارف انك الوحيده اللي اثق فيها انها تبقي مع بنتي
صمتت لوهله تفكر , قبل أن تتحدث وتلك المـره تحاول فيها كتم نزيف قلبها الدامي
- انت ايه اللي رجعك , كنت مرتاحه أكتر وانت بعيد , أينعم كان نفسي أشوفك بس انا انجحرت اكتر لما جيت .. في الأخر لو هتتجوزني عشان حاجه مش عشان حُب وكلام فارغ انت مش هتعترف بيه
ثم استطدرت وتلك المره الدموع اتخذت مجري واسعاً علي وجنتيها , ولكنها تبتسم رغماً عن ذلك .. ولا تعطيه فرصه للحديث
- أنا أسفه شم هقدر أكون لعبه ليك تاني ... كفايه انك اتخليت عني زمان ورحت اتجوزت واحده تانيه , بس أنا اللي غبيه أنا اللي سامحت ومعملتش لنفسي كرامه
بس المرادي ... أنا اللي مش موافقه .. كنت اتشرف ابقي أم ليها لكن مش زوجه ليك !
يتبع..  

شظايا الورد بقلم/ سارة عاصمWhere stories live. Discover now