... منّ هوَ ...

15.2K 449 37
                                    

.
.
.
.
- لوسيان؟
- نعم انسة تشاستين؟
- هل ستحضر مارسيل معك لنلعب مجدداً؟
تنهد الخادم الشاب وربت على رأس الفتاة الصغيره التي اتمت عامها التاسع هذا الشهر:
- تلك ليست فكرة جيده انستي.
قطبت تشاستين حاجبيها بأنزعاج وقالت:
- لكن لمَ لا؟
- لانه معاقب بالطبع.
اجاب الخادم بثقة وهو يقدم لها كأس من العصير:
- انظري ماذا حل بركبتيكِ بسببه.
نظرت تشاستين الى ركبتيها بعد ان قامت برفع فستانها المزركش الذي اخفى ضمادتين:
- لكنه ليس السبب في ما جرى! لقد كنا نلعب وانا التي ركضت وسقطت!
- ومع ذلك لم يحميكِ، اليس كذلك؟
- لقد كنا نلعب!!
- تشاستين!
صاح رجل ذا شعر فضي من ورائها:
- هذا يكفي!
خفضت الفتاة الصغيره نظرها الى الارض بخوف وحزن دون ان تقول شيئاً بينما اتجه الرجل الى رأس المائده بردائه الاسود وقلادة الصليب التي تدلت على صدره.
- هل احضر الفطور سيد كينغ؟
سأل لوسيان وهو ينحني فأومأ الرجل واشار بيده ليصرف الخادم.
- هل انهيت جميع واجباتكِ؟
سأل الرجل وهو يطالع ابنته فأجابت بضعف...:
- نعم...
- نعم ماذا؟
قال الرجل وهو يقطب حاجبيه:
- نعم يا ابتِ...
- جيد...لقد قالت والدتك بأنكما ستحضران العِظة في صباح الغد، لا تنسي ارتداء قلادتك الخاصه لحمايتك من مصاصي الدماء، يجب ان نكون حذرين قدر الامكان من هذه المخلوقات، فأنها تنهك هذا المجتمع وتنهش قواعده كالحشرات الضارة.
- حاضر يا ابتِ.
- ولا تنسي العناية بركبتيك وتغير الضماد قبل ان تذهبي، لا اريد لرائحة الدماء ان تجذب الانتباه لكِ.
- كما تأمر...
تراجع القس في مكانه واخذ ينظر الى ابنته بتمعن ثم قال:
- الستِ فتاة مطيعة هذا الصباح...هل ترغبين بطلب شيء ما؟
رفعت الفتاة عينيها لترى والدها لاول مرة هذا الصباح ثم تنهدت وقالت بوهن:
- اريد ان ارى مارسيل مجدداً...
- مارسيل؟
اجاب وهو يحك ذقنه ذا اللحية الفضيه...
- اليس ذلك الفتى المضطرب؟
- انه ليس مضطرب...
اجابت تشاستين بنبرة منخفضه:
- انه كذلك، تارة ترينه كالملاك وتارة اخرى كالشيطان.
- انا...احب صحبته...
وضع الاب يديه على الطاوله ليلتقط الشوكة والسكين ويبدأ بتناول الطعام الذي وضع امامه:
- يجب ان تتمتعي بصحبة افضل من هذا يا تشاستين، واذا كان لديكِ الوقت لتضيعيه في هذه التفاهات فسيسرني اعطائكِ المزيد من الواجبات لتقومي بها.
.
.
.
.
فتحت تشاستين عينيها بعد ان تسلل الضوء الباهت من الستارة السميكه في غرفتها، ولوهله اعتقدت بأنها لا تزال بشر حتى حاولت ان تتنهد ولاحظت بأنها لا تتنفس مثل السابق...
- لقد كان حلماً...
قالت في نفسها وهي تنهض على السرير وتمرر اصابعها على جبهتها والى شعرها...
- لمَ الان...
سألت نفسها ثم تنبهت الى فستانها الذهبي الذي لا تزال ترتديه منذ ليلة البارحه...لكن ماذا حدث...فهي لا تذكر متى عادت الى الحفل ولا حتى متى انتهت...
- تشاستين، انه كريستن هل لي بالدخول؟
جاء صوت قريبها من خلف الباب، فأجابت بصوت شبه مبحوح:
- تفضل...
فتح كريستن الباب ورقت عيناه حالما وضع نظره عليها، لقد بدت كالمراهقه بشعرها الفضي القصير وبنيتها الصغيره:
- كيف تشعرين؟
قال كريستن وهو يجلس الى جانبها على حافة السرير:
- كما لو دهسني قطيع من الابقار...
- او ثور هائج...
نظرت اليه بأرتباك، لقد كانت مشوشه ولم تفهم ماذا يقصد:
- ماذا تعني؟ ماذا جرى ليلة البارحه؟ لا اذكر اي شيء...لقد كنا نرقص...ثم...ثم...
بدا الصداع يصيب صدعها فدلكته بإطراف اصابعها بأحباط:
- ثم دهسكِ الثور الهائج...
- كريستن بحق السماءعن اي ثور هائج تتحدث؟!
- عن ذلك الذي كاد ان يكسر ذراعك كعود اسنان...
قطبت تشاستين حاجبيها ثم ضربتها ليلة البارحه كالصاعقه...لقد كان هناك...مارسيل كان هناك...ولقد بدا غاضباً للغايه، غاضباً ومخيف كما لم تره من قبل...
- هل تعرفينه؟
سأل كريستن وهو يطأطأ رأسه بأتجاهها فنظرت اليه والدموع تتجمع في عينيها ، لقد كانت مشوشه ، سعيده وخائفه، متألمه وغير مصدقه...
- انه...انه مارسيل...
- لكن الم تقولي بأنه قد مات؟!
- اجل لقد مات!
صاحت تشاستين بأحباط وهي تشير بيديها في كل مكان لتعبر عن غضبها وحزنها:
- لقد مات امامي، لقد شاهدته يقتل نفسه...لكن...لكن ، البارحه رأيته ايضاً اليس كذلك؟!
- اجل، فعلت...ذلك اللقيط بدا بأنه يعرفك اتم المعرفه...
- هذا لا يعقل كريستن...هناك خطأ ما...
نكرت تشاستين ما رأته وهي تمسح دموعها بعصبيه، لقد مر وقت طويل منذ ان بكت بسببه...
- انه مصاص دماء يا تشاستين...ربما قد تكون تلك الاجابة عن تساؤلاتك...
فتحت تشاستين عيناها من الدهشه ، لكنه كان يمقتهم! كيف حدث ذلك؟!
- م...ماذا كان يفعل هنا؟ هل تعلم؟ هل سيعود؟!
سألت تشاستين قريبها بتوتر فأجاب الاخر وهو يأخذ احد يديها بيده:
- لقد كان برفقة الليدي سيلينا...انه كبير خدمها...وهو لا يزال هنا برفقتها...
مارسيل كان لا يزال هنا، معها في القصر ذاته...
- لقد مررتِ بصدمة عنيفه ايتها الفأره، كدت ان اتحول الى رماد من القلق عندما رأيتكِ تسقطين في منتصف القاعة، حتى اني اردت ان اقتله لولا وجود الليدي سيلينا الى جانبه...
ساد السكوت بين الاثنين بينما اخذت تشاستين تتدارك الامر ثم اكمل كريستن:
- لقد تحدث مع ميكائيل وميراج ، وهو يطلب رؤيتك منذ البارحه، الخدم يمقتونه بالفعل، لقد حطم العديد من صحونهم...
اصطنع كريستن الضحك ولكن تشاستين لم تبادله ذلك...
- هل ترغبين ان تريه؟ بأمكاني ان احضره الى هنا...
- ك...كلا!
قالت تشاستين بخوف، كان مارسيل غاضباً منها لدرجة ارسلت الخوف والرعب في اعماقها، وهي لم تر ذلك الغضب والحقد الا عندما تظهر شخصيته الاخرى...تلك الشخصيه الشيطانيه التي لطالما حاول ان يقمعها ويتخلص منها دون فائدة...
- لمَ لا؟
سألها كريستن:
- سأبقى معكِ اذا رغبتِ.
- كريستن ارجوك اني خائفه...
كانت لا تزال تشعر بقبضته المؤلمه منذ البارحه بالرغم من اختفاء الاثر من على ذراعها.
- سأبقى معكِ، لا تقلقي، سأعود بعد قليل...
نهض كريستن وتخلى عن يد تشاستين التي تمسكت به لتمنعه من الذهاب ، ثم خرج لينادي على الشاب المقصود...
كانت الفتاة خائفة للغايه، لم تعتقد ان مصاصي الدماء قد يكونوا بهذا الضعف تجاه من يحبون، ربما كان ذلك ما شعر به ميكائيل حين كان يبتعد عن ميراج...
ازداد خوفها اكثر فأكثر حين سمعت صوت اقدام خارج غرفتها ثم طرق الباب:
- تشاستين لقد عدت...
قال كريستن وهو يفتح الباب وينظر الى وجهها الشاحب الخالي من الالوان والذي عكس لون شعرها الفضي عليه.
مشى كريستن ليقف الى جانب سريرها ويلتقط احد يديها المرتجفتين بيديه وتمسكت به بقوة بدورها.
دخل بعد ذلك شاب طويل ذا مظهر قاسي وبنية رشيقه، شعره الكستنائي المموج تساقط على جبهته بأهمال  بينما زين وجهه بنظارة طبيه ليخفي عينيه الزرقاوتين ذوات اللمحة المحمرة عند المنتصف، كان يرتدي بذلة سوداء انيقة ولم تبدو عليه ملامح العطف او المحبه، بل الكره والحقد وحتى القرف في احد اللحظات:
- يبدو بأنكِ قد وجدتِ لنفسكِ رجلاً يا تشاستينا الصغيره.
قال الشاب وهو يطالع القريبين...
- اجلس رجائاً.
اشار كريستن لمارسيل بالجلوس ولكنه اكتفى بالنظر ناحيته بنظرته الساخره وقال:
- لا داع لذلك، جئت لأرى شيئاً ما، ولقد فعلت، ليس لدي اي شيء اخر لاقوله.
نظر مرة اخيرة الى يد تشاستين بين يدي كريستن ثم تلاقت عيناها الحزينتين بعينيه واستدار ليخرج بهدوء ويغلق الباب بقوة...
- مارسيل!
صاحت تشاستين عليه وهي تحاول النهوض الا ان كريستن امسك بها:
- انتِ متعبه، دعيني اتحدث معه...
- كلا كريستن... دعني اذهب اليه ارجوك!
قالت له بحزن وصوت مجروح وهي تبتعد عنه لتركض ناحية الباب وتخرج لتتبع الشاب...
.
.
.
.
يتبع...

مشعوذة الجنرال ( مارسيل )Where stories live. Discover now