...غريب...

1.6K 133 16
                                    

.
.
.
.
.
* قصر افرودايت*
من المحزن حقا كيف تؤول اليه الحياة في اللحظات الاخيرة، كيف ان البصيرة تنتصر على العقل وحكمته في النهاية، وكيف يصبح كل شيء ظننته مهما، لا يستحق كل الوقت الذي انفقته من اجله...
كل خطأ ارتكبته واعتقدت بأنه الصواب، كل نفس ازهقت، كل دمعة سكبت، كل الم وتعاسة سكنت القلب، كل شيء...كل شيء... يصبح كالسراب...
بيكاسوس كان يشعر بمشرط الطبيب وهو يفتح جسده عن قضبان السجن، ولكنه شعر بالتنمل والخدر، لم يكن قادرا على الحركة او فتح عينيه، فقط سماع الاصوات من حوله...صوتها بالتحديد...كيف اخذت تنتحب من اجل خائن...
* لا تبكي...*
قال في نفسه محاولا ان يواسيها لكن لم يخرج صوته...
لقد شعر بأنه شخص بغيض لفعله كل هذا بها، لكنه لم يستطع الرحيل حين فتحت الابواب في وجهه، لم يجد ملجأ اخر، وكل موطئ قدم فكر به لم يكن ليجعله امناً ومرتاحاً...
- لمَ لم يرحل! لمَ؟!
صاحت افرودايت وهي الى جانبه:
- هل فتحتم له الباب؟! هل انتم متأكدون؟!
لقد بدا صوتها كمن فاضت دموعها وسيطر اليأس عليها...:
- هذا يكفي، سأبقى انا هنا، لينا رجاءً خذيها الى مهجعها.
قال اولمبوس بصوت حازم فصاحت به الملكة بالنفي، لقد قررت البقاء الى ان ينتهي الطبيب، لن تترك بيكاسوس هكذا...ليس الان...
- اولمبوس...
همست لينا بقلق فتنهد الاخر وقال بهمس:
- ابقي قليلا سأخذها انا.
وبعد قليل دوى صراخ الملكة في السجن وبدا كأنها تضرب شخصا ما وتستنجد بفرسانها ان يخلصوها من قبضته...
* لا تؤذوها...* همس بيكاسوس في نفسه، اراد ان ينهض ليخلصها من ايدي الجنرال لكنه كان كالمشاهد فقط، يحوم حول المكان كالدخان، دون ان يشعر به احد...
ربما كان هذا مصيره وعقابه، ان يصبح دخان وذكرى تحوم في الارجاء كالارواح الضائعة التي ضلت طريقها ولم تعبر الى ما وراء الموت...
.
.
.
.
.
*قصر ويرلوك*
مرت بضع ساعات كالثواني منذ ان حدقت تشاستين بالمشاهد الخلابة عبر النافذة، وتسللت العديد من الافكار في رأسها، يمكنها هنا التخلص من مارسيل وبكل سهولة، بأمكان لورين ان تزيل تلك العضة كالبقعة المتسخة، واذا كانت تستطيع ان تعطي الحب، لربما بإمكانها ان تزيله ايضاً، لكن هل سيتركها مارسيل وشأنها ان حدث ذلك؟ ففي النهاية هو مجنون، وقد يعميه الانتقام، ثم من دون مشاعر الحب تجاهها، ربما سيقتلها بكل سهوله...
تنبهت تشاستين الى صوت طرق على بابها فنهضت لتفتحه بتردد:
- ليدي تشاستين، الملك يرغب بصحبتكِ في مكتبه.
قالت الخادمة التي انحنت امامها بأدب.
ويرلوك يرغب برؤيتها اذاً، ربما لديه ما يخبرها به...
ابتسمت تشاستين للخادمة ووافقت بعد ان تغير ثيابها، وما ان فعلت حتى اصطحبتها الفتاة الى المكتب في الجناح الغربي. كان القصر مريباً، ليس مظلما ومرعباً، بل يملؤه النور الاصطناعي ولكن احاطه سكون مريب، كما لو ان الكلام هنا كان مخالفا للقانون...
طرقت الخادمة ثلاث مرات على الباب ثم فتحته ووقفت جانبا لتدع الضيفة تدخل، وبالفعل دخلت تشاستين بمظهرها المعتاد وفستانها الاسود الحريري وما ان رأها ويرلوك حتى تساقطت الكتب التي كانت تحلق من حوله ونهض لحضورها:
- ليدي تشاستين.
قال بهدوء وشبح ابتسامه، ثم عادت الكتب لتحلق وتعود الى مكانها على الرفوف العالية.
- تفضلي بالجلوس.
قال وهو يشير الى كرسي امامه، فوافقت وجلست دون ان تتحدث.
- سعيد بقبولكِ دعوتي.
قال وهو يجلس:
- كيف هي حجرتكِ؟هل تعجبكِ؟
سألها فأجابت:
- اجل...شكراً لك، لكني لا ارى اي احد بقربي، اين وضعت الليدي ميراج؟
- لا تقلقي، هي بمأمن، وتلقى العناية اللازمة.
ساد الصمت المتوتر قليلاً حتى قررت ان تسأل هي:
- الن ينظم احد لنا؟
- مثل من؟
سالها وهو يطأطأ رأسه ثم قال:
- السيد مارسيل؟
بدت تشاستين غير مرتاحة لذكره فأكمل:
- كلا... انتِ وانا فحسب، والان اخبريني عن هذا الارتباط المفاجئ، هل هو من فعل ميكائيل؟
بدت تشاستين متراجعة قليلاً، لم تدرك ان ويرلوك كان قادرا على انتهاك خصوصيتها بهذه الطريقة المباشرة...
- كلا...ليس زواجا تقليديا اذا كان ذلك ما تلمح اليه.
-هممم، اذا ليس هكذا؟...
بدا كأنه يفكر ثم عاد وقال...
- هل اجبرت على ذلك؟
- سيد ويرلوك!
قالت وهي تنتفض من احراجها:
- ما خطبك!
- لا شيء، في الواقع تبدين تعيسة لدرجة الموت
- لطالما كنت كذلك.
ابتسم ويرلوك بطرف شفتيه، صحيح... لطالما كانت كذلك، حتى حين ساعدته في اعماله حين سقطت ميراج طريحة الفراش....
- هل تحتاجين الى المساعدة؟...
سألها وقد تغيرت نبرة صوته الى التعاطف والاهتمام ولكن البرود لم يترك عينيه مطلقا.
- انا.....
اجابت مترددة، ماذا ستقول؟ ستعود للكذب مجددا كما كانت تفعل بالرغم من الحقيقة الظاهرة.
- انا بخير.... للأن.
أكملت وهي ترغب بانتهاء هذه المحادثة الخانقة، وكما لو استشعر ويرلوك ذلك، نهض واخذ بيدها بصورة مفاجأة وهو يقول:
- لنذهب في جولة في الحدائق، لقد رممتها حديثا.
ومن غير ان ينتظر اجابتها، سحب يدها وسار وفي المقابل لم تقاومه بل نهضت وذهبت معه، لقد ارادت رؤية الحدائق والشعور بنسمات الهواء على بشرتها لعلها تصلح من حالها قليلا....
لحسن حظها كانت الشمس قد بدأت بالغروب وأصبح ضوئها الأحمر لا يؤثر بها وأعطى الأجواء لمسة سحرية.
حين وضعت تشاستين قدمها على حشائش الحديقة ورفعت عينيها لتراها، دهشت من هول المنظر، حقول من الورود الملونة امتدت على طريق حجري يؤدي الى متاهات عالية من الأشجار الخضراء وعلي يمينها وشمالها انتشرت النفورات العاجية والتماثيل الرخامية، حتى انها لمحت تمثال فجر قائما على يسار الحديقة قرب البوابة، ومن بعيد سمعت أصوات العصافير والطيور ولمحت طاووسا ابيضا يجوب في المتاهة.
- انه يعود لألكساندر، لقد كان حيوانه المدلل.
أجاب ويرلوك فضولها تجاه الطاووس واكتفت بأيماء رأسها. لقد سمعت عنه، حتى انها رأته بجانب فجر في تلك الحفلة المشؤومة لكنها لم تستطع ان تقرر ما اذا كان يتشارك مع زوجته بأعمالها ام لا.
- انه ليس عاديا...
قال الساحر:
- حين يتخذ الساحر حيوانا مدللا، يصبح الاخر رمزا له، لقد جاء بزوجان منهما عند زواج فجر والكساندر... الا ان انثى الطاووس تحولت الى اللون الفاحم وماتت بعد أسابيع، والذكر؟ ها هو امامك كل يوم يصبح اكثر نصوع من ذي قبل.
- اتقصد انه يصبح كصاحبه؟
سألت تشاستين فضحك الاخر وهز رأسه:
- بل ان فجر لم تحب الحيوانات على عكس زوجها.
صمت الاثنان واكتفيا بالسير جنبا الى جنب على الطريق الحجري متمتعين بجمال المشاهد الخلابة، وبالرغم من ان ويرلوك كان يكره الأجواء خارج مكتبته الا انه احب صحبة تشاستين واحاديثهما الصغيرة لكن الاثنين لم ينتبها لوجود عينان حمراوتان تشع غضبا وهما تنظران من القصر عبر احد النوافذ لأحدى الغرف.
بالنسبة لمارسيل، كان ويرلوك يستعرض انتصاره الواضح امامه والا لم قد يختار الحديقة التي تطل عليها غرفته؟ بالرغم من انها لم تكن الحديقة الملكية حتى وذلك ما دفعه للجنون بالإضافة الى ابتسامة تشاستين، حبيبته هو لا ذلك المشعوذ التي لم تفارق شفتيها وحديثهما بكل سهولة ودون تكلف او مجادلة على عكس محادثتها معه هو مليئة بالجدال والالم.......كيف تجرؤ؟ فكر مارسيل في نفسه... الم تصبح ملكا له؟ لم تبدي مودتها لشخص اخر؟ لم لم تتراجع؟ ولم لم تلتفت لتنظر اليه؟..... هل اعماها الساحر لهذه الدرجة ام اهي لعنته وضعها عليها..... او ربما..... قد نسيت وجوده حتى لو للحظات؟ مهما كان الذي حصل، ستدفع ثمن لهوها مع رجل اخر، سيجعلها تدفع.......
عادت تشاستين اليى القصر ولاول مرة شعرت ان وزناً ثقيلا قد ازيح عن قلبها... لقد كانت صحبة ويرلوك لطيفة للغاية وتذكرت لمَ توافقا معا في الماضي، لكن شعور الالم والخوف سرعان ما عاد خين لمحت مارسيل متكأ على الحائط بالقرب من بابها وقد تنبه لمجيئها....
- ليدي....
قال لها وهو يصطنع الانحناء، فوقفت امام بابها لتفتحه واجابت بنفس النبرة:
- مارسيل...
- لقد كنت ابحث عنكِ.
قال لها ليهوى قلبها في معدتها خوفاً.
- كنت قد انشغلت قليلاً.
اجابته وهي تفتح الباب. وما ان دخلت حتى اكملت:
- لو سمحت، ارغب بتغيير ثيابي وزيارة ميراج.
اغلقت الباب حتى اخر شعرة ثم انفتح على مصرعيه بقوة واندفع ليبعدها عنه. كان مارسيل يقف ورائه ببرود قائلاً:
- لكني رأيتكِ برفقة ذلك المشعوذ...
يا الهي... فكرت تشاستين انها حقا في ورطة كبيرة.
- اجل ، لقد كنا نتحدث في بعض الامور.....انظر ماذا فعلت للباب ماذا سيقولون الان؟!
- انتِ تثيرين اعصابي يا فتاتي. اكاد ان اجن بسببكِ.
- مارسيل رجاءً، اتركني وشأني الان.
وكما طلبت منه لكن العكس. اغلق مارسيل الباب وتقدم نحوها بخطى تشبه خطوات الحيوان المفترس:
- سأمزقه إلى أشلاء..
قال مارسيل والابتسامة الباردة تكسو وجهه.
- هو لم يفعل أي شيء.
أجابت تشاستين وهي تشعر بصغر حجمها مقارنة بقامته الطويله.
- أهذا صحيح؟
سألها وهو يطأطأ رأسه نحو اليمين لينظر إليها بأستهزاء.
-انتِ بعيدة جدا عن المنزل أيتها الصغيرة..
همس لها وهو يمرر أصابعه المتثلجة على رقبتها وفوق علامة أنيابه الملتئمة.. وامسك بالاخرى رسغها النحيل.
سرت القشعريرة في جسدها الصغير الذي أبدى تلك الارتعاشة الخفيفة ليعلن عن مدى ضعفها تجاه هذا الشاب المجنون...
- كوني فتاة جيده...
قال محذراً بالقرب من أذنها بهمس مبحوح، ولوهلة ظنت بأنها رأت عضلات فكه تنقبض... لقد صر اسنانه لكي لا يؤذيها، لكن قبضته على رسغها فعلت ذلك حتى كادت أن تحطمه:
- ابتعدي عن ذلك المشعوذ..انا لا افكر مرتين وانتِ تعلمين هذا...أليس كذلك؟
حاولت تشاستين أن تجيب لكن الالم في رسغها منعها من ذلك حتى انها قامت بوضع يدها فوق قبضته في محاولة فاشله للتخلص منه دون جدوى...
- أليس كذلك؟
سألها مجدداً وهو يشد بقبضته ويجذبها نحوه حتى ارتطمت بالجدار المتصلب الذي يدعى صدره..
- اجل..
همست له واومأت:
- أرجوك دعني...
قالت بضعف وهي تجذب يدها لتثير انتباهه لعله يعود إلى صوابه.
- كنت سأفعل..
قال لها فشعرت بالأمل لوهله حتى نظرت في عينيه لتجدها حمراء قرمزية تلمع بالغضب...
- لكني قررت... بأن امتع نفسي قليلا.
دهشت تشاستين حين اغلق الباب ودفعها نحوه بعنف وبدأ بفك اربطة فستانها.
- ماذا تفعل؟!
سألت بخوف وهي تحاول ان تبعد يديه عنها ولكنه لم يرد وحين تشابك الشريط الحريري وعجز عن التخلص منه قام بسحبه بقوة ليمزق ظهر الفستان واكمامه القصيرة ويكشف عن ظهرها العاري، كانت تشاستين تشعر بالذعر وارادت الصراخ بأعلى صوتها لينقذها احدهم منه ولكن دون جدوى، حتى لو فعلت لن يأتي احد من اجلها، لقد كانت بالفعل بعيدة عن المنزل....
قام مارسيل بلفها بعنف لكي تواجه الباب، وبقي ظهرها المكشوف ملتصقا به حتى احست بأنفه يداعب كتفها وبيده الأخرى تجتاح خصلات شعرها لترفعها وتبعدها عن طريقه.
= الا تريدين ان نتمتع؟
سألها وهو يستنشق عبير رقبتها وشعر بجسدها المرتعش الذي التصق به. هزت تشاستين رأسها وتمسكت بصدر فستانها الممزق لكي يخفي جسدها عن هذا الوحش.
- لكني ارغب باللعب، الم تكوني راغبه بذلك مع المشعوذ؟
- كلا.... اقسم ..كلا ........
قالت بصوت ضعيف والدموع تتجمع في عينيها بعد ان احست بيده التي تمسك الشريط تنساب من تمزق الفستان حتى لامست اصابعها معدتها ودفعتها نحوه اكثر فأكثر. ارادت ان تهرب او تقاتل لكنها فقدت كل طاقتها الان، خوفها جعل منها ارنبا مرعوبا.
- انت لي تشاستينا..... حتى يفرقنا الموت، لا تنسي ذلك.
همس في اذنها مؤكدا وهو ينتزع يدها من مقدمة فستانها ليسقط الاخر ويتدلى على خصرها وتلفح نسمات الهواء بشرتها.
- لا تنسي.
كرر مجددا بصوت اكثر الحاحا وخشونة، لقد صر اسنانه بغضب وترك خصلات شعرها ليستغل وهنها ويدير رأسها حيث انتظرها وجهه وعينيه الدمويتين:
- لن يحبك احد مثلي يا تشاستينا.
همس على شفتيها:
- لا احد....
ثم قام بتقبيلها واخذ شفتها بين شفتيها بحرارة فانتفضت تشاستين وحاولت التخلص منه دون جدوى ليديرها مجددا فأصبحت تواجهه بجسدها العلوي العاري ثم شعرت بذراعيه تلتف حول وسطها بقوة يائسة محطمة وبشفتيه وانيابه تدمي شفتيها ولثوان احست بيأسه والمه وخوفه من فقدانها حتى بدأت رؤيتها تصبح ضبابيه وبقدميها تخونانها لتسقط اكثر بين يدي مارسيل وبذراعيها تستند على جسده حتى حلقت بوعيها بعيدا وسقطت كالجثة الهامدة في احضانه، لقد ارهقها حتى الموت، لقد آلمها حتى رغبت بترك هذا الحياة والتلاشي عن الوجود وفي المقابل لقد احبها بالقدر ذاته.
.
.
.
.
.
يتبع...

مشعوذة الجنرال ( مارسيل )Where stories live. Discover now