...مَمّالِكّ...

2.3K 171 8
                                    

.
.
.
.
- كان يجب ان تعلم يا بيكاسوس، لقد حذرتك، قلت لك ولكنك وبشكل صريح تجاهلت اوامري وعصيتني، انا يا بيكاسوس، بعد الذي عرضته عليك وكل الرغبات التي حققتها لك.
وقف بيكاسوس صامتا كالعمود امام عتاب افرودايت له حين اكتشفت هروبه.
- اخبرتكِ!
قال اوليمبوس معاتبا بدوره:
- لقد حذرتكِ منه من يعلم الان ما قد فعل بهروبه او كم من المخاطر التي عرضها لنا! من رأك؟ اجبني!
صاح به بينما اكتفى الاخر بالنظر اليه كما لو كان حشرة.
- ارمني بالزنزانة بأسرع وقت لو سمحتِ.
اجاب بيكاسوس الملكة بعد ان بدا عليه الأسى والاستسلام، كان يرغب بالوحدة لكي يراجع ما سيفعل من عمل احمق تاليا. تعجبت افرودايت وبدا على ملامحها الخيبة...
- خذه يا أوليمبوس...لقد كنت مخطئة بحقك...
قالت بحزن ثم اكملت:
- سأرسل إلى ميكائيل لأخبره بما فعلت واطلب مسامحته وحالما سيرسل من اجلك سترحل عن هنا إلى الأبد!
سارت افرودايت بعيدا عنه لتخفي دموعها التي كادت ان تسقط من اجله...لقد فعلت له واعطته كل ما رغب به...إذن لم لا يمكنه ان يرى...
لم لا يمكنه ان يشعر بها؟ هل كانت ميراج تلك الفتاة البشرية...افضل منها حقا؟...
جذب اوليمبوس مصاص الدماء من ذراعه ثم قام بجره بعنف الى الزنزانة الفضية المظلمة المخصصة له:
- ستبقى هنا حتى يقرر الملك ما الذي سيفعله بك. اخلع عنك سترتك وقميصك وناولني اياهم.
- وماذا تظن بأنه سيفعل بي؟
سأل بيكاسوس وهو يبتسم بسخرية ويخلع ثيابه ليسلمها بكسل، كان يريد ان يتسبب بسخط الجنرال ويفقده اعصابه لعله سيقتله في لحظة غضب:
- ربما الاعدام او التعذيب حتى الموت!
قال الجنرال وهو يصر اسنانه:
- اي منهما يكفيني!
- اتظن ذلك حقا؟
سأل بيكاسوس...
- انا طبيب القصر واعرف اسرار جنسنا اكثر من اي شخص اخر...بالاضافة الى اني كنت قريبا منه لفترة لا تقل عن مئة عام...كلا...هو لن يقتلني...لا تعلق الكثير من الامال على هذا.
وجد بيكاسوس نفسه راغبة بأرسال كل من حوله الى الغضب، اراد ان يشعرالجميع بما يشعر او ان يتركوه وشأنه.
- عندها سأقتلك بيدي.
- كلا لن تفعل ذلك ايضاً...انت لا تستطيع ان تلمس شعرة من فوق رأسي دون اوامر ملكتك، لكن انا...انا استطيع ان افعل كل شيء...لقد رأيت بنفسك كم من عمل عملته...حتى اني تسببت بحرمانك من اكثر شخص احببته في حياتك...اليس كذلك؟ تلك الاميرة ذات الشعر الاحمر التي توفت في تلك الحفله؟ ما أسمها؟...آه تذكرت...جنج...
تناول اوليمبوس مصاص الدماء بيده كالدمية البالية من ذراعه حتى كاد ان يخلعها له من مكانها ثم قال:
- إحذر...انت لا تعلم مع من تتحدث او عن من، لا تفكر حتى بقول اسمها والا سأجعلها اخر كلمة تنطق بها.
ابتسم بيكاسوس ببرود وابعد شعره الذهبي عن وجهه ثم نظر في عيني الجنرال واجاب:
- جن...
رمى اوليمبوس مصاص الدماء على الارض بكل قوته حتى فرقع رسغه من هبوطه وهو يصرخ ثم تركه وسط زنزانته التي احاطتها غرفة حجرية مظلمه...
كان بيكاسوس مسجون داخل زنزانة حجرية...بداخلها زنزانة من قضبان فضيه...
جلس مصاص الدماء في مكانه واخذ يتأمل ما حوله وهو يمسد رسغه ويعيده الى مكانه
...ميراج تحمل ابن الملك...وهو مسجون وسيتم تسليمه خلال ايام...كيف وصل به الى هذا الحد...
مرت الساعات ولم ينتبه بيكاسوس للوقت ، لقد كان يشعر الان بالذنب تجاه افرودايت وما فعلته من اجله.
سمع صوت باب الغرفة يفتح لتدخل الاميرة الصغرى...لينا...
سارت بخجل الى ان وصلت امامه وكانت تحتضن شيئا بين كفيها، نظرت الى الارجاء دون ان تقول كلمة ثم تنهدت...
- اتعلم...
قالت بصوتها الناعم...
- اتعلم ايها الطبيب...حين رأتك أفرودايت في تلك الحفله المشؤومة...لم اتمكن من اسكاتها...كانت تتحدث عنك كالفتيات المراهقات...
اكملت بأبتسامة حزينه...
- حتى بعد مقتل جنجر...لم تكن لتشع سعادة مرة اخرى الا حين جئت ملتجئا الى هنا...
- ايتها الاميرة...
قال بيكاسوس لكنها قاطعته:
- اتعلم...افرودايت عاشت وحيده...وحيدة لوقت طويل...لقد كانت حذرة دائما خائفة من ان تتعرض للأستغلال بسبب الفانين...ولكن حين رأتك، اعتقد انها ظنت بأنك مختلف...لأنك خالد اصلا...وبالرغم من هذا......انت...انت سببت لها الالم والتعاسه...بسببك ستبقى اختي كالحجر ولن تثق بأحد مجدداً...
سكت بيكاسوس ، لم يكن لديه شيء يقوله، لقد علم انه يسبب الالم والتعاسة لجميع من حوله...لكنه يريد ان يصبح سعيدا ايضا...ولولا ظهور ميراج...لكان في طريقه الى قلب افرودايت التي خاطرت بالكثير من اجله وسامحته على افعاله...
- الان...انا لا يمكنني قتلك...
قالت وهي تمسح دموعها...
- لقد طلبت مني الا اؤذيك...لكني اريدك ان ترحل عن هنا ولا تعد ابدا، هي لا تريد ان تسلمك للجنرال ميكائيل ولكنها لا يمكنها ان تسكت ايضا... لذا ارحل...ارحل ولا تعد لم يكن العطف يوما ليقابل بالعطف بين بني البشر وانت كنت منهم.
فتحت قبضتها لتخرج مفتاح فضي وفتحت القضبان ثم ادارت ظهرها وخرجت دون ان تقول اي شيء...
وقف بيكاسوس متعجبا امام الباب المفتوح وحملق به كما لو لم يكن مصدقا...من سيفعل شيئا كهذا؟ هل افرودايت بهذا الجنون حقا؟ ولينا...كيف تتركه يذهب وهي تعلم ان هدفه ميراج لا غير...ربما لانها تدرك بأنه لا يستطيع ان يؤذي ميراج مرة اخرى لانها رأت بأم عينها ما اصابه من اكتآب وحزن حين ظن بأنها ماتت وامضى الايام في عزلة مظلمة حتى اخرجته افرودايت منها شيئا فشيئا...
اراد بيكاسوس الخروج من الزنزانه ولكن كما لو تجمدت قدميه...لم يستطع التحرك...اعتصر قلبه الالم بسبب الملكة...هو لم يكن يوما شخصا قاسياً، كان ميكائيل من فعل ذلك به ولقد رد له معروفه المؤلم بتسميمه ميراج...والان ماذا يريد بالتحديد؟...الحصول عليها؟ وهو يعلم تماما بأنها لن تقع في حبه...لم تكن تملك الخيار اساسا لأنها نصف الملك الاخر...كان كالهواء بالنسبة لها...اذن كيف سيكسب قلبها...ما الذي يرغب به بالتحديد!!
بدأ عقله يطحن الافكار كما لم يفعل من قبل، شعر بأنه سيصاب بالجنون...الى اين سيذهب؟ ميكائيل سيقتله من اول نظره، وميراج لا ترغب به بقربها هي وصغيرها... ارض السحرة لهم علاقة وطيدة بالجنرال الان...بالتأكيد سيكون وجود مصاص دماء هناك امرا مثيرا للريبه والشك...الى اين المفر...
تراجع بيكاسوس الى الخلف دون ان يشعر حتى التصق بالقضبان الفضيه التي بدأت تلسع ظهره وتحرقه كأسياخ شواء لكنه لم يهتم، الروح المعذبة قد اشتاقت للأرتياح والسعادة...لقد كان متعبا وهالكا جسديا وعقليا وخائفا ...
تمنى لو كان بشري مجددا ذا سنوات فانية، لكن ذلك ايضا كان مستحيلاً...
.
.
مرت ثلاثة ايام تحديدا منذ ان فتحت لينا الباب لبيكاسوس ومن وقتها لم تغادر افرودايت غرفتها ، كان لديها واجبات كثيرة وهي تعلم ذلك، لكنها لم ترغب بفعل اي شيء...كانت تشعر بالالم في جسدها وقلبها كما لو تعرضت للضرب المبرح ورغبتها بأن تتكور وتنام معظم اليوم امر لا يمكنها مقاومته...
سمعت افرودايت صوت الطرق الخفيف على باب غرفتها ولكنها تجاهلته، لم ترغب برؤية احد، واذا سكتت لربما يرحل الجميع ويدعوها وشأنها...
- أختي؟...
جاء صوت لينا من وراء الباب...
- هل انتِ مستيقضة؟ لقد حصل شيء ما...انا لا اعلم ما افعل وكايا لا تريد التدخل...
- ارحلي فحسب...
همست افرودايت وهي تغمض عينيها...
- افرودايت؟
قالت لينا مجدداً ثم فتحت الباب لتقابل اختى الكبرى التي احتمت في فراشها من العالم الخارجي...
- لحسن الحظ انتِ مستيقظة!
قالت لينا بأرتياح فتنهدت الاخرى ودعكت صدعها:
- هل هناك حرب؟
سألت افرودايت فترددت لينا واجابت:
-ك...كلا...
- أهناك اضراب ام مشاكل تجارية؟ هل ارض الجن تعاني؟
- ك...كلا...
- إذا لمِ انا مستيقظة يا لينا؟
كان صبر افرودايت ينفذ على اختها الصغرى...
- انه...انه بيكاسوس...
قطبت الملكة حاجبيها وشعرت بنار تحرق جوفها من الغضب والحزن:
- لا اريد ان اسمع اي شيء عنه! اخرجي من هنا!
- هو لم يغادر ...
اجابت لينا...
- افرودايت انا حقا لا اعلم ما افعل...
تسللت الدموع الى عيني لينا الكبيرتين، لقد كانت تحمل مسؤولية لم يأهبها اي احد لها خاصة مع ثلاث اخوات يكبرونها سناً...رق قلب افرودايت على اختها الصغرى ولم تصدق ما سمعت وتنهدت مجددا ثم قالت...:
- ماذا حصل...
- يجب ان تري ذلك ...انا لا ...يمكنني ان اشرح الامر...
فركت افرودايت عينيها بعصبية ثم نهضت لترتدي وشاحاً حريريا تغطي به نفسها من اعين سكان القصر خاصة ببدلة نومها البيضاء التي كادت ان تميل الى الشفافية...
تبعت الملكة اختها نحو زنزانة مصاص الدماء ولم تتمكن من ان تتجاهل تلك الرائحة الغريبة التي علقت في الهواء...رائحة شواء؟...
دخلت الاختين الى الغرفة وتوسعت عينا افرودايت حين وقعت على بيكاسوس...لقد كان جالسا عار الصدر ومتكئً على القضبان الفضية، بشرته مائلة الى لون الرماد المنطفئ منذ زمن وتخللتها عروق سوداء تغلغلت صدره وذراعيه حتى وجهه، لقد كان مغمض العينين وقد استرخت ملامح وجهه بعد ان اسند به الى الخلف حيث القضبان.
شعرت افرودايت بيديها ترتجفان وبقلبها ينقبض وينبض كالمجنون حين استدارت حول الزنزانة حتى اصبحت خلفه ورأت ظهره المحترق والفضة التي نهشت لحمه...وكيف ان جسده كان يحاول شفاء نفسه دون جدوى ليلتصق بالقضبان ...لقد كانت رائحة الشواء تنبعث من هنا...من جسد بيكاسوس والفضة...
- من فعل هذا!؟!
صاحت افرودايت بجنون...كان الجنرال اوليمبوس واقفا عند باب الغرفة الحجرية والرضا باد على وجهه...
- أنت؟!
اشارت له افرودايت فاكتفى بأن يومأ نافيا لتصدقه وتنظر الى اختها...
- ل...لست انا ...انظري لقد فتحت الباب كما طلبتِ مني...
- لم يطأ احد هذه الغرفة وانتِ تعلمين ذلك جيداً...مصاص الدماء هو من فعل ذلك بنفسه.
قال اوليمبوس معلناً ما فكر به الجميع...
- هل... مات؟
سألت لينا وهي تنظر بفزع الى جسد بيكاسوس...
- ألا يتحولون الى رماد عند موتهم؟
قالت وهي تشعر بالقلق، اذا مات بيكاسوس فبالتأكيد لن تتعافى اختها من هذا الامر...
- بلى...لهذا السبب ليس لديهم قبور.
اجاب الجنرال، فتنهدت الاميرة واسرعت لترى مدى الضرر الذي حصل وكيف ستخرج القضبان عن لحم ظهر بيكاسوس.
كل شيء كان يتحرك ببطئ بالنسبة الى افرودايت...كانت تشاهد بعينين شاردتين...ترى ولكن لا تذكر ما وقع امام عينيها...وكل هذا كان...بسببها.
.
.
.
.
*بعد يومين*
لم تصدق تشاستين ما رأت حين استيقظت عند غروب هذا اليوم...يابسه...كانت امامها يابسة! بل غابات وقصور وتحضر!
كل شيء عدا المياه! كانت هناك عربة سوداء فخمة الصنع تنتظرها ومن معها لتقلهم الى قصر الساحر الاعظم!
ساعد مارسيل الملكة بالنزول اولا ثم اعطى كل اهتمامه وسخريته ومزاجه المتقلب لتشاستين التي التزمت الصمت وتجاهلت نظراته الناعسه ورمقاته تجاهها.
كانت حركة العجلات تبدو كالرحمة بالنسبة لها مقارنة بحركة الموج وطيات البحر ولكنها لم تغفل ايضا عن صديقتها التي بدت وكأن الحزن قد فارقها قليلا لتبهرها المناظر ويشدها سحر مملكة السحرة وكل اللوانها المختلفة و....شمسها الساطعة.....
- هذ يكفي.
قال مارسيل وهو يسدل ستائر النوافذ بشكل كلي، يبدو ان الشمس قد عكرت له مزاجه اكثر...ومن الافضل ان تحذر..
- لكني كنت انظر الى الخارج.
قالت ميراج فأجاب بأنها لا تزال حديثة الانبعاث ولا يمكن لها ان تتحمل الشمس اكثر من ذلك.
- اجل لكن تحولي الى رماد واحزري من سيتبعكِ؟
- مارسيل ارجوك.
قالت تشاستين لتجعله يتوقف عن تعكير صفو الجو قليلا.
- كلا انه محق...
اجابت ميراج...
- لقد كنت منبهرة بكل تلك الاشجار الملونة والهواء المختلف حتى نسيت امر الشمس، شكراً لك.
ارادت تشاستين ان تصفق جبهتها لعلها تفيق، كيف لصديقتها ان تغذي غرور هذا الوحش الوسيم؟
اكتفى بالايماء ثم اكمل حملقته على تشاستين المسكينه، كيف ستتحمل ابد الدهر برفقة هذا الرجل...
لمست بأطراف اصابعها تلك العضة التي حملتها بتهور ودون تفكير...ياترى هل كانت ستتراجع لو امتلكت فرصة اخرى؟
لكن لم التراجع...انه مارسيل...فكرت في نفسها...الم تكن ترغب به طوال حياتها؟
* كنت ارغب به الى جانبي حقا...وليس ان اكون دمية بين يديه...* قالت لنفسها بأحباط...لم لا تتمكن من ايجاد الحل!
قطبت حاجبيها وركزت على حركة العربة حين بدأت تبطئ وتوقفت عند نقطة ما...
- لقد وصلنا.
انبأهم الحوذي قبل ان يهبط من مقعده ويقف خلف البواب الذي انتظر اللحظة المناسبة لفتح الباب.
انزلت تشاستين اكليلا اسود قصير مصنوع من الدانتيل فوق وجهها ليحمي عينيها الزجاجيتين من اشعة الشمس المفاجئة وغطت ميراج نفسها بعبائة سوداء وارتدت قبعتها بحذر وما ان انتهت حتى طرق مارسيل على الباب ليُفتح لهم.
لمحت تشاستين اولا الارض الخضراء التي وطأت عليها بخطوات ناعمه وما ان رفعت رأسها حتى شاهدت السلالم الزجاجية التي امتدت حتى باب القصر وعند البوابة توقفت عيناها حيث شاهدت الساحر الاعظم يقف اعلاها بردائه الاسود ونظراته الذابلة والناعسه التي تغيرت مع ابتسامته الخفيفة.
- مرحباً سموكِ، وليدي تشاستين، اهلا بكما في بيتي المتواضع.
قال ويرلوك متجاهلا مارسيل، ليس لشيء، فهو حسبه من خدم الملكة.
- شكراً لك سيد ويرلوك. انه قصر رائع حقاً. هذا مرافقي مارسيل وخليل الليدي تشاستين.
اجابت ميراج وهي تقدم الاثنان وتلحظ لمعة البرق التي خطفت عينا الساحر الذي بقي صامتا ينظر الى مارسيل ببرود وعينان تكادان ان تنطفئا من شدة السواد.
- حسنا الجميع لديه عيب، ولا شيء لا يمكن ان نصلحه هنا.
ماذا كان يقصد؟ فكرت تشاستين عن اي عيب يتحدث، ثم بادلت مارسيل النظرات ووجدت عينيه تشعان بالدم وتحملقان بالساحر الذي بدوره اخذ يتفحص العضة التي زينت رقبتها.
- لندخل.
قال الساحر بعد ان استفاق:
- لابد من انكم متعبون.
وبالفعل اخذ الخدم الحقائب وبدأ الجميع بالدخول اولا الملكة وتاليا مرافقيها ولم يخفى على احد سخط مارسيل وغضبه.
لم يكن القصر كما قال عنه ويرلوك "متواضع" بل على العكس. كانت هناك شموع تطفو في الارجاء لتنير عتمة الممرات وزخارف ذهبية وفضية تعلو الاسقف والابواب والاعمدة الطويلة التي توزعت بشكل هندسي حول القصر واللوحات، الكثير منها...حتى ان تشاستين لمحت ان بعضها تعود لفجر، ففي النهاية، كانت هي من بنت هذا المكان واتخذته منزلا...
- ايها الساحر الاعظم...
جاء صوت يشبه السحر من ظلال سوداء تحولت لتكون فتاة شبه عارية لا يغطيها سوى القماش الشفاف الاسود عرفتها تشاستين على انها لورين...اليد اليمنى لفجر...
- لورين...هل جميع الغرف جاهزه؟ قال ويرلوك فأبتسمت بسحر وابعدت خصلة من الشعر الاسود الطويل عن وجهها.
- بالطبع...
بالطبع...لا بالطبع سيدي... يبدو ان ويرلوك يواجه مشاكل هنا...فكرت تشاستين ثم لاحظت ان نظرات لورين اتجهت نحو ميراج وميراج وحدها، كانت تتأملها من رأسها حتى اخمص قدميها بجدية تامه...
- يبدو بأنها احد مواهب السحرة.
قال مارسيل ليلفت انتباه ويرلوك والفتاة:
- وما هو ذلك؟ سألت لورين بعد ان تنبهت له فأجاب بسخرية:
- التحديق بما لا يخصهم.
لأول مره شعرت تشاستين بالخجل من الساحر ومستشارته...وارادت ان تعتذر لولا قول ويرلوك:
- انت ممتع. لكن كلا، لدينا مواهب قد لا تعجبك اكثر من هذه، لورين هلا رافقتي الليدي الى غرفتها لترتاح، سأقوم بمرافقة الملكة وهذا الشاب.
اومأت لورين واشارت بيدها الى الطابق الثاني وتبعتها تشاستين بهدوء، كانت تسترق النظر بين الحين والاخر لهذه الساحرة وتملكها الفضول حولها لم هذا الرداء الرث، الا تشعر بالبرد؟ يكاد ان يتضح كل شيء للعيان ...لكنها سكتت ولم تتحدث حتى جائت خادمة تركض نحوها:
- انسة لورين ارجوكِ ساعديني!.
قالت لها ثم بدأت بالنحيب.
- لقد قلت لكِ بأن الامر لا ينفع لكنك لا تستسلمين يا جوان، هل ترككِ ورحل مجدداً؟
قالت الساحره فأنتحبت الخادمة بقوة:
- لقد ترك المنزل ورحل برفقة فتاة بغاء!
- تستحقين ذلك.
اجابت لورين ببرود واكمل مسيرتها حتى تمسكت بها الخادمة:
- لكن يجب ان تساعديني ارجوكِ!
- لقد اخذت الكثير ولن يبقى لكِ شيء اذا ساعدتك هذه المره.
- خذي، خذي كل ما ترغبين لكن ساعديني اعيديه لي! اجعليه ينساها!
- لقد فعلت ذلك سابقاً وانظري ماذا جرى! لا تملكين المزيد من السنين لصنع معروف كبير، لقد قلت لكِ ان اجعله يحبكِ لكنكِ رفضتي وانظري الى حالكِ الان.
- كم...كم تبقى لي؟
سألت الخادمة فأجابت لورين:
- ربما عشرون او خمسة عشر، اذهبي يا جوان وفكري بالامر، انه لا يستحق ان تهدري المزيد من عمركِ لأجله.
ثم تركتها ومشت وتبعتها تشاستين.
- الن تساعديها؟...
قالت بصوت منخفض فأجابت الساحره:
- لا يمكنني فعلت لها الكثير.
- تبدو متعبة ومريضة...
- ذلك لانها تدفع سنوات حياتها كأنهن غبار او نقود.
تعجبت تشاستين، كيف تفعل ذلك؟ اهذا ما يقوم به السحرة؟
- اتعنين انكِ... تأخذينها منها كمقابل لمعروف...؟
- اجل.
اجابت لورين ورأسها مرفوع، ثم اكملت:
- كيف للسحرة حياة طويلة اذن؟
طرفت تشاستين بعينيها ثم اختلست النظر الى الفتاة...
- وما نوع المعروف الذي تقدموه...؟
تنهدت الساحرة وقالت:
- حسناً، كل شيء، فقط قومي بتسميته واعطيني اجري، مثلاً يمكنني ان اكسر روابط مصاصي الدماء، كالعضة تلك على رقبتكِ، او قتل شخص ما اثناء غفوته...او الوقوع في الحب والكثير الكثير لكن لا يمكن لأحد ان يعيد الموتى.
تنهدت لورين ثم وقفت امام باب غرفة كبير وقالت:
- هذه غرفتكِ، سأراكِ لاحقاً.
وغادرت تاركة تشاستين مصدومة من قدرة تلك الفتاة العارية، وبينما فتحت الباب ودخلت الى الغرفة وجدت يدها قد تسللت الى رقبتها حيث رقدت عضة مارسيل...

مشعوذة الجنرال ( مارسيل )Where stories live. Discover now