... بِدايةٌ جَديّدة؟...

3.2K 194 2
                                    

.
.
.
.
كل ما يرغب به المرء هو مكان يحتضنه ويشعر بالانتماء إليه...
تلك كانت أمنيات ميراج حين شاهدت الخدم وهم يخرجون حقائبها نحو العربة الملكية التي رافقها عربتي حراسة لبعض الفرسان وأخرى لتشاستين و مارسيل..
تجنبت ميراج رؤية زوجها بعد أن قام بأمرها بالرحيل واستخدم قواه كسيدها عليها حتى تصاع وتكف عن المقاومة..
كان الأمر مؤلماً، لقد سلب إرادتها دون أن يستمع لها...كيف آن الحال إلى هذا؟....
من الجانب الآخر راقبت تشاستين الملك وهو يغدو ضعيفاً منحنيا إلى زوجته طالباً للسماح ومتأملاً وداعاً قصيراً... ومن الناحية الأخرى كانت سيلينا تقف أمام مارسيل وهي توجهه ببعض النصائح التي لم يهتم بها...
- هل ستكونين بخير؟
جاء صوت كريستن من خلفها:
- بالطبع....
أجابت وهي تلاقيه بعناق دافئ:
- اعتني بنفسك حسناً؟
قالت له فأبتسم ورفع حاجبيه متعجبا:
- لست انا من سيرحل برفقة مخبول...
- أليس ذلك جيداً؟
قال مارسيل وهو يسحب تشاستين إلى ذراعه:
- اعتقد ان كلمة وداعا كانت لتفي بالغرض.
عتم الغضب ملامح كريستن ولكنه تراجع بعد أن اومئ لتشاستين بالوداع وفي هذه الأثناء ركبت ميراج عربتها دون اي ضجة أو كلمة تاركة ورائها زوجاً حزيناً لعله يندم على فعلته ويعود بها إلى القصر.
تملصت تشاستين من ذراع مارسيل وصعدت العربه دون أن تنتظر مساعدته وبعد أن استقرا داخلها ، مضت ثواني معدودة حتى بدأوا بالتحرك.
كان أمامهم طريق طويل و شاق لكن لم يهم مارسيل ذلك، لقد كان مستمتعا بالأمر حتى اعتبر هذه الرحلة كشهر عسل.
حين بدأت العربات بالسير وأخذ القصر يصغر شيئا فشيئا حتى تلاشى في الافق، رغبت تشاستين بالعوده، لطالما انتابها شعور الخوف لمغادرة الوطن، كما أنها لا تعلم عن ما ستواجه هناك وكيف ستتصرف ميراج، ام ما أن سيكون مارسيل طبيعياً كفاية أو أن معاملته لها قد تسوء في أية لحظه.
- هل ذهبتِ إلى ارض السحرة من قبل؟
سأل مارسيل وهو ينظر عبر النافذة إلى لا شيء بالتحديد..
- كلا..
أجابت تشاستين هي تشبك أصابعها،ثم اكملت:
- لكني قابلت الملك الحالي ذات مره.
- اصحيح ذلك؟
طأطأ رأسه ناحيتها ليعكس ضوء القمر على جانب وجهه الأيمن.
- اجل ، إنه خال الملك ...
- اه.. لقد سمعت بذلك، كيف قام بخيانة اخته من أجل الملك.... ليست بداية مشوقة..
- لقد فعل ما رأى بأنه الصواب.
أجابت تشاستين بحذر وهي ترفع رأسها لتلتقي بعينيه الكريستالتين:
- اي صواب هذا وقد غدر أقرب الناس اليه؟
- فجر كانت تمول المتمردين وهددت بقتل ميكائيل و ميراج كما أن لها دورا فعالا في المجزرة التي أدت إلى مقتل والديه ، لا يمكن أن تحكم عليه بهذه الطريقة. لقد فعل ما رأه صحيحا وجميع من في المملكة شاكرون له، فلولاه لما تمكن الملك من انقاذ ميراج بعد سممها الطبيب.
- هل أشاهد اللمعان في عينيكِ يا تشاستينا؟
لمعان؟..... فكرت تشاستين، لقد كانت معجبة بويرلوك وتكن له الاحترام الا انها وجدته اكبر منها بكثير واكثر برودا من مارسيل ذاته.
- أنه عتيق يا مارسيل..
إجابته وهي تشيح بنظرها بعيدا عنه، حتى شعرت به بالقرب من وجهها واحد خصل شعرها سقطت ضحية بين اصابعه:
- وكذلك الملك ، ونحن.....ربما وجد السحرة طريقة ما لخداع الزمن والمضي قدما الا انهم لم يتجردوا من المشاعر يا صغيرة.
- انت تتخيل الكثير من الأشياء التي لا وجود لها.
- الا يعجبكِ ذلك؟
- كلا! انت مجنون!
ابتسم مارسيل وابعد عينيه عنها ليعود ويجلس في مقعده.
- اقترح ان تضعي كل انتباهكِ على الملكة والملكة وحدها في هذه الرحله، لا نريد حدوث أي أمر مأساوي أليس كذلك؟
ركزت تشاستين عينيها عليه حتى كادت أن تحدث ثقبا برأسه من حدة نظرتها.....هل هددها للتو؟
-الملك يثق بنا!
قالت له من بين أسنانها المرصوصة:
- انت وحتى انا لن نفعل اي شيء لنخون ثقته!
- ثقة الملك بي تتوقف عند سلامة زوجته وابنه فقط.
أجاب مارسيل وهو ينظر عبر النافذة للطبيعة التي مروا بها على الطريق الحجري.
- والآن أن سمحتي لي سأحاول الحصول على بعض الراحة والصحبة الممتعه.
فتح مارسيل باب العربة لتتسلل الرياح إلى الداخل:
- مارسيل ماذا تفعل؟!
قالت تشاستين تعجب وغضب:
- إلى أين أنت ذاهب؟!
- لا تتوقعي بأني سأشرب اكياس الدم الفاسدة تلك التي تدعونها بالغذاء والجلوس كحمل مطيع؟
كانت عيناه تلمعان كالياقوت الاحمر وهو يقف في الباب بجسده النحيل وشعره الذي تطاير مع الريح، لقد كان عملا فنياً بالفعل....
- اراكِ يا حملي الوديع.
همس لها فأبتسامة ساحره ثم انطلق الرمي نفسه خارج العربة دون أن ينظر حتى مغلقا الباب ورائه.
شتمت تشاستين حظها حين تذكرت ذلك اليوم الذي رمى نفسه من فوق ذلك المنحدر واعتقدت بأنه قد رحل إلى الأبد.
لم تلاحظ غصة الحزن التي شعرت بها حتى تساقطت دموعها من عينيها حين فكرت بأنه قد يرحل في يوم من الأيام إلى الأبد ويتركها مجددا ولكن هذه المرة سيكون المها مضاعف حيث سيترك لها رابطاً ابدياً والم لا يمكن تجاهله أو نسيانه....
بقيت تشاستين في العربه وهي تسرح في أفكارها وتستمع إلى اصوات العجلات وهي تدور وتطحن الحجر تحتها دون رحمة كما سمعت صوت الأشجار وهي تعانق بعضها البعض من الجو البارد ثم حاولت أن تلحظ اي صوت أو حركة غريبة تدل على عودة الشاب المجنون ولكن دون اي جدوى. لم تتمكن من محاربة مخاوفها حين فكرت بأنه قد تاه أو فقد أثار العربة ولم تخرج من هذه المخاوف حتى سمعت صوت شيئا ما قد سقط سقطة مدوية على سقف العربة وحينها فقط احست بالهلع.
هناك شخص ما فوق العربه، ربما قد يكون احد المتمردين أو قطاع الطرق، لكنها لم تسمع صوت الحرس أو السائق وهو يحذرهم أو ينحرف عن الطريق نتيجة المفاجأة، لذا لم يكن هناك أي احد سوى....مارسيل.
الا ان سرعان ما تحركت أقدامه فوق العربه وقفز ليصل ويحط كالقط على عربة الملكة التي لم تبالي بالضجة الغريبة.
اطلت تشاستين من النافذة لتنظر إليه.
لقد كان جالسا فوق العربة الملكية عند احد الزوايا تاركا قدميه لتلعب مع الرياح بينما استطلع ما حوله. لاحظت تشاستين بعض الدماء بالقرب من شفتيه وعلمت بأنه قد أصاب صيداً كبيراً، كما أن عينيه شعت كالقمر الدامي في الظلام.
من الناحية الأخرى، لم تكترث ميراج لما كان يحدث في الخارج فألم الانفصال كان قد غطى على جميع حواسها حتى كاد أن يعميها وبينما هي مستغرقة في أفكارها، جذب انتباهها نقراً على نافذتها، تجاهلته في بادئ الأمر لكن النقر استمر بشكل مزعج للغاية.
أغمضت ميراج عينيها لتبعد الغضب والإحباط ثم مدت يدها لتفتح النافذة بسرعة وتنهي كل ما كان يجري في الخارج.
- مساء الخير سيدتي.
جاء صوت مارسيل من فمه ورأسه الذي تدلى بالمقلوب من فوق العربه مما اجفلها وجعلها تتراجع بعض الخطوات للوراء.
- ماذا تفعل!
سألته بتعجب وخوف:
- فكرت ان اسليكِ قليلاً ، لقد سمعت صوت بكائكِ عبر الغابة.
سكتت ميراج واخفضت رأسها لتتجنب النظر في عيني الرأس المتدلي امامها.
- شكراً لك. لكني لست بحاجة إلى التسلية. اريد ان اكون لوحدي.
تركته وعادت الى مكانها الذي لم تبارحه منذ ان بدات الرحلة، ودعت ان يدعها وشأنها، لم ترغب بالصحبة وبالاخص صحبة مارسيل الذي لم تكن تثق به كثيراً ولا اعلم لماذا قد ارسله ميكائيل معها.
لكنه لم يفعل، بل بقي رأسه متدلياً كأنه قطع في المذبح.
- مظهرك يثير ريبتي سيد مارسيل.
قالت ميراج بأحباط:
- تعلمين يا سيدتي، لو اردتِ التخلص من هذا كله ووضع نهاية لما يجري في حياتك التي تتصف الآن بالبؤس فسأكون سعيداً للمساعدة.
- لكني لا أخطط لإنهاء حياتي!
قالت ميراج بعصبيه، كيف يجرؤ على عرض خدماته من أجل قتلها!
- ليس انتِ، لكن ماذا عنه؟
أشار بيده إلى الكائن الصغير الذي كان ينمو في رحمها.
لم تقل ميراج اي كلمة ، بل نظرت إلى الأسفل ببطئ ثم رفعت رأسها لتقابل العينين القرمزيتين.
- اه، أستطيع أن أرى بأني قد اثرت اهتمامكِ سيدتي.
-انت، انت لا تستطيع...
أجابت ميراج بتردد غير راغبة بتصديق ما يقول:
- بل قادرٌ تماماً ، يمكننا القول أن حادثا ما قد جرى ولم يكن بأمكاننا فعل اي شيء، أو اذا رغبت لا أمانع بالحقيقة.
- لمَ تريد مساعدتي؟...
سألت ميراج بفضول فأبتسم مارسيل واجاب:
- لكي أنهي عملي هنا وأعود لابدأ حياتي مجدداً.
كان الآن يبدو الحيوان المفترس أمام ناظريها، فبالرغم من كونها مصاصة دماء الا انها لم تعتد على المفترسين من حولها، كما أن موقفها كحديثة الولادة لا يساعدها كثيراً في أوقات الشدة، فهي لا تشعر سوى بالوهن والجوع طوال الوقت...
- سأمنحكِ بعض الوقت لكي تفكري في الأمر.
قال مارسيل ثم بدأ ينسحب إلى الأعلى:
- لكن لا تتأخري يا سموكِ، فأنا أسأم من الانتظار وقد اغير رأيي.
بعد ذلك اختفى مارسيل من امامها ، حتى أن خطواته ابتعدت عن سطح عربتها وحزرت بأنه قد تركها وشأنها بالفعل.
جلست ميراج وهي تفكر فيما ستفعل الآن، ربما كان من الأفضل لها أن تتخلص من ذلك الكائن الذي ينمو بأحشائها والعودة إلى جانب زوجها لتعيش بسلام وتتلخص من الألم والحزن، لكن هل كانت لتتحمل تأنيب الضمير؟ أكانت قادرة على قتل ما سيكون يوما ابناً أو ابنة لها؟ هل كانت لتعيش مع فعلتها؟ والأهم هل سيتقبلها ميكائيل.
ولو لم يتمكن من الولوج إلى عقلها، مارسيل لن يكون مستثنى ايضاُ.....
وبينما اخذت الملكة تفكر في ما ستفعل، قفز مارسيل عائداً إلى عربته بنفس الضجة التي رحل بها ليجيب تشاستين التي همت واقفة في وضعية الدفاع تحسباً لأي طارئ، ولكن بعد أن رأته عادت إدراجها لتتجاهله مثل السابق.
اما هو فجلس يحدق بها كأسد جائع لا يبدو عليه بأنه قد تناول طعامه للتو ولا يدل شيئاً على ذلك سوى بعض قطرات الدماء التي جفت على قميصه الأبيض تحت زيه الأسود الرسمي.
- تعالي إلى هنا.
خطابها امراً فتعجبت ونظرت إليه بفضول:
- م..ماذا تريد؟
قالت له لعله يفصح عن شيء ما، لكنه دنى منها حتى لامست ركبته ركبتيها من وراء فستانها:
- ارغب أن اقبلكِ يا تشاستينا.
أخبرها بصراحة وهو ينظر كيف يتحول شكلها إلى ملامح أرنب مذعور:
- ليست لدي رغبة بذلك.
اشاحت بعينيها بعيداً عنه، حتى سمعته يهمهم ضحكة ترسل الثلج في عروق سامعها.
شعرت تشاستين بقبضة تمسك وجهها بقوة وأصابع تحفر في خديها وتجذبها بين ساقي الكائن الذي جلس امامها.
كان وجهه يبعد بعض الانشات عن وجهها حتى أن لون عينيه المضيئتين عكست في مقلتيها لونهما الاحمر.
- لا أعتقد بأنكِ سمعتني.
همس لها بالقرب من شفتيها:
- قلت ارغب بتقبيلكِ. لم اسألكِ عن رغبتكِ يا حلوتي.
ربما كانت تلك الرابطة التي وضعت بينهما هي التي تتحدث عن افعاله أو بأنه قد جُنَ بها حتى يجبرها على الانصياع لكنها لم تمانع حقاً كما أنه شعر بالفقدان كلما ابتعد عنها ورغب بأن يثبت العكس لنفسه ويرفض الضعف لكن ها هو الآن منجذب الى شفتيها كذبابة نحو الضوء، منوم مغناطيسياً ومسلوب من الإرادة.
- اقتربي.
همست لها مجدداً ولكنها لم تفهم كيف ستقترب وهي تلامسه بكل تفاصيله،  جسدها بين ساقيه يديها على ذراعيه وكفه يضغط على وجهها بوحشية، فكيف ستقترب له أكثر ؟،
- أنا....لا...
حاولت أن تخلق جملة بينما لاعب شفتيها بيأس شفتيه دون أن يلامسهما فعلاً..
-م..مارسيل..
قالت بيأس ليخلصها من عناء الترقب، ولكن مهلاً، الم تقل للتو بأنها لا تملك الرغبة لهذا؟...
- توقفي عن طحن الافكار داخل رأسكِ الجميل يا تشاستينا..
همس لها مجدداً ليخبرها بأنه قد لاحظ تناقض كلامها وأفعالها وتبا كم احب ان يهدم جدران عنادها ومقاومتها حتى تصبح كقطعة جليد ذائبة بين ذراعيه.
- ساعدني.....
طلبت منه بيأس، فحتى هي لم تكن تحب التفكير وكم من حقيقة مرة مرت على بالها في الثانية...
- ساعد...
كادت أن تطلب منه مجدداً ، لكنه كان بالرغم من جنونهِ، رجلاً نبيلاً لا يدع فتاةً تتوسل به، وخاصة فتاته هو، تشاستينا التي كان يعشقها، تقبع أمامه خاضعة لرغبته،  راغبة به مثله تماماً.
انزل مارسيل رأسه ليكمل الاتصال بين شفتيهما ليخرسها ويفجر آلاف الألعاب النارية في قلبيهما ويطفئ العطش الذي لم يتمكن من آروائه بالدماء الطازجة.
- لا يسعني الاكتفاء منكِ، بحق الجحيم.
قال وهو يبتعد قليلاً لينظر إلى شفتيها الحمراوتين المتورمتين. لقد شعر بالإحباط بمجرد أن ابتعد بضع السنتيمترات عنها، ولاحظ الشعور ذاته في عينيها وتميزها بذراعه.
- لا تتركيني.
قال لها بجنون:
- مهما فعلت، مهما جرى ، لا تجرؤي على تركي، هل فهمتِ؟
واومأت تشاستين وهي تشعر أن عظام فكها قد تتحطم تحت قبضته لكنها سرعان ما نسيت ذلك وغطى الغيم على عقلها حين عاد ليقبلها دون رحمة مجدداً بعيداً عن الأعين والأنظار.
.
.
.
.
* في ارض الجن*
اقترب اوديس من ملكته بحذر كي لا يتسبب باجفالها ثم تنحنح بهدوء ليعلمها بوجوده وقال:
- ضيفك يطلب نزهة في حدائق القصر جلالتكِ.
تنهدت افرودايت ثم سكتت قليلا و نهضت عن كرسي العرش،  نزلت بضع درجات ثم سارت على الأرض المرمرية التي عكست صورة فستانها الذهبي المحمر والدرع التي كان يغطي صدرها بفخر وقد نقش عليه تأريخ هذه الأرض بأيدي أقدم الحرفيين.
شعرها قد ارتفع بأناقة فوق رأسها لتتساقط منه بعض الخصل التي اهملتها وتركتها تداعب كتفيها وصدرها المكشوف.
- كنت اعلم بأنه سيطلب ذلك.
أجابت وهي تنظر عبر النافذة إلى الأراضي الخلابة التي امتدت مع امتداد البصر وحتى الافق الذي لامس الشمس البعيدة.
- روح مثله لن ترضى بأن تبقى حبيسة في هذه الأرض...
اكملت افرودايت والحزن يكتسح عيناها.
- ما رأيك يا اوديس؟ هل ستعصي اوامري كما فعلت سابقاً؟
تراجع اوديس إلى الوراء وتساقط شعره الأبيض على وجهه بعد أن انحنى بكل احترام للملكة:
- كلا جلالتكِ، فأنا خادمكِ المطيع....
- انهض يا اوديس...
قالت الملكة وبعد ذلك ضربت بعصاها النحاسية الأرض مرتين.
كانت تلك طريقتها لتجعل اوديس يترك لباس الاحترام والواجب وشخصية المحارب المعقدة ويعود إلى ذلك الشخص الذي تربى إلى جانبها منذ زمن طويل مضى.
- أخبرني الأن برأيك يا اوديس.
تنهد المحارب ورفع رأسه ثم تتكئ بتعب على الطاولة التي زينت غرفة العرش ومن حولها مقاعد مزخرفة ذهبية لعقد اي اجتماع أو الاحتفال بأي مناسبة:
- انتِ تعرفين رأيي يا افرودايت. انا امقته، اكرهه،  تباً لو استطعت لطعنت قلبه المتحجر ورميت رماده في مياة المجاري!!!
- انت لم تنس إذاً.
- كيف لي؟
قال لها وهو يحبك اصابعه بشعره الطويل:
- كيف لي يا افرودايت....لقد كانت افعاله السبب وراء موتها...
- جنجر قُتلت بسبب المتمردين لا هو.
- لكنه كان يتعاون معهم!!! والآن يطلب نزهة في أرجاء القصر! من يعلم بمن سيلتقي أو من قد يتسلل إلى القصر ويراه! هل تدركين مدى خطورة هذا الأمر؟ هل تعلمين ماذا سيفعل الجنرال حين سيعلم بهذه الخيانة؟ إنه يبحث عنه منذ أشهر!!!!
- ميكائيل سيتفهم....
قالت افرودايت:
- اذا كان يكن له صداقة حقيقية فسيرى أن ما فعلته هو الصواب. هلا احضرته إلى هنا؟
- افعلي كيفما تشائين، لقد سئمت من هذا الجنون.
أجابها اوديس بيأس ثم تركها لوحدها بعد أن أغلق الباب بقوة تردد صداه في أرجاء الغرفة.
لقد كان مرهقاً ومتعباً جراء مقتل زوجته، كانت الآن الوحده هي التي ترافقه في لياليه المظلمه الحزينه حتى تخلى عن النوم واكتفى بالمزيد من الواجبات.
بعد لحظات قليلة دخل مصاص الدماء ذا الشعر الابيض بأبتسامته الهادئة المعتادة وهالته المطمئنة الحزينه التي لطالما أحاطت به.
- اردتِ رؤيتي جلالتكِ؟
- اعتقد بأننا قد تخطينا مرحلة الالقاب أليس كذلك؟
قالت افرودايت بلطف فابتسم مصاص الدماء واحاط جسدها الممشوق بعينيه ليتشرب جميع تفاصيلها بحذر:
- اردتِ رؤيتي يا افرودايت؟
ابتسمت افرودايت وهي تسمع بأسمها كيف ينطق من قبله واحبت ذلك كثيراً.
- اجل.
قالت له ثم أشارت إلى احد الكراسي الجانبية التي قبعت بالقرب من النافذة:
- اجلس.  .
لنتحدث.  .
يا بيكاسوس.
.
.
.
.
.
.
يتبع.....

مشعوذة الجنرال ( مارسيل )Onde histórias criam vida. Descubra agora