٧) الرحيــل.

2.5K 255 35
                                    

..
...

في اتجاه الشمس نركض، بعد أن كشف نورها عن أرض فسيحة خالية من الحياة، نركض إلى ما لا نهاية، المهم أن نبتعد قدر ما استطعنا عن تلك المنشأة التي سلبت منا أجمل سنوات عمرنا، ركضنا حتى وهنت أجسادنا.
انتصفت الشمس السماء، و مالت للزوال، أبطأنا المسير كي نلتقط أنفاسنا اللاهثة، انحنى أمجد و يمناه تعتصر معدته.

"مـا بك؟"..

سألته هلعاً، فأجاب بصوت جاف من العطش،

"تعبت، ما عدتُ أحتمل".

و جثى على ركبتيه من التعب، تبللت الأرض بقطرات العرق التي انسابت من أعلى جبينه، جلستُ أمامه مولياً ظهري له.

"هيا.. اصعد..".

حملته على ظهري، أصبحت خطاي أثقل، و إزداد إرهاقي و تخدرت ساقايً إلا أني جاهدتُ كي لا أشعره بثقله عليً. أحسستُ برأسه يحط على كتفي، كذلك ثقل جسده، خشيتُ أن يكون قد أغمي عليه، فأنزلته و مددته على الأرض، تفقدتُ تنفسه وكان طبيعياً، كان وجهه هادئاً، كان نائماً بهدوء، و لأتأكد،.ألصقتُ أذني بصدره كي أسمع نبضات قلبه وكانت منتظمة، فابتسمتُ برضا، وكان ذلك آخر مشهد أذكره قبل أن يخيم ظلام كثيف على عيني، و يفقدني الرؤية.

...

"أهلاً بك يا عزيزي،
مسرورة لأنك لا تزال تتذكرني، لن تستطيع أن تقدر مدى سعادتي عندما قرأتُ اسم جُمان، تناهت إلى سمعي نبرة صوتك وأنت تناديني بهذا الاسم، أنا بخير، وأرغب بشدة أن أعرف ما يلم بك من سوء، أعتذر عن تحديد الموعد، فلدي أطفال ولستُ أقدر على تركهم لوحدهم في البيت، أخبرني في رسالة أخرى عما يسؤك وسأبذل جهدي لمساندتك، أبلغ تحياتي لأخيك وأطلب منه أن يراسلني،
صديقتكَ الوفية،
جُمان. ".

تسانديني يا جمان!، أوَ تعرفين ما أصابني يا جمان، تنهدتُ و فكرتُ في تأجيل كتابة رد لها، بعدها، بدأت أسترجع في ذاكرتي تفاصيل الشريط العتيق الذي يوشك أن يتلف..

....

داعب ضوء ناعم أجفاني ففتحتها في ثقل، لم يكن المنظر مألوفاً آنذاك، كان السقف مختلفاً عن الذي عهدته فهذا السقف لا يشبه قاعدة السرير التي تقبع فوق سريري، ولا هذا الضوء يشبه الضوء القاتم الذي اِعتدته، في الملجأ.

انتصبتُ جالسًا وأنا أتلفت حولي مذعورًا،.أين أنا! عاد إلى ذاكرتي شريط الأمس، اليوم الذي قضيناه في السير حتى اضمحلت أجسادنا، نعم،. هربنا بالأمس من الملجأ التعس، تراءى إلى ذاكرتي آخر مشهد رأيته في ذاك المكان،.حينما كان مازن يلوح لنا و يعود أدراجه.

أشِقّاءWhere stories live. Discover now