٢٢) مُمتن.

1.2K 167 131
                                    


أنصحكم بأخذ نفس عميق قبل قراءة الفصل؛ لأنه قد يستنزفكم مثلما استنزفني..

---------------

أسندتُ يدي على باب المدخل وأنا منحنٍ وسعالي لا يتوقف بعد الركض الذي ركضته والهواء الذي ابتلعته،  مشيتُ مترنحًا أضغط رأسي الذي يكاد ينفجر بيدي، دخلتُ المصعد وضغطتُ زر الطابق الثالث، أسندتُ ظهري للخلف وأغمضتُ عينيّ المتورمتين بتعب،  طاقتي تتلاشى، علي الحفاظ على ما بقي منها وإلا سيذهب كل شيءٍ سُدى.

فُتح المصعد،  فغادرته ومشيت في الممر بخطى متباطئة،  وتوقفت قدماي أمام الباب الذي كُتب عليه رقم ٣، لا أعرف كم لبثتُ واقفًا أمامه دون حراك،  لكني لا أذكر أني مددتُ يدي لأطرقه حين سمعتُ صوت المقبض من الداخل،  فُتِح الباب لتُقابلني عينيه اللتين أثقلهما الهم.

"هل أنتَ مريض؟ ".

سألني بصوته الذي لبّده البرود منذ أيام، وعيناه تتفحصان وجهي المُرهق، مريض؟  هل مرضي يُهم يا صديقي؟ 

"أين مالك؟ ".

سألته بصوتٍ انبح من السعال،  فأشار بيده للداخل:

"نادِه لي.. ".

"هل تُخفي شيئًا؟ ".

سألني بشك،  مجيئي في هذه الساعة دون سابق إنذار وبهذه الهيئة، لا يوحيان أن ثمة أمرٌ طبيعي، جاهدتُ لإبقاء ملامحي جامدةً وأنا أحرك رأسي يمينًا وشمالًا،  وبدل أن يُناديه خرج وأغلق الباب وأسند ظهره عليه.

"قل لي ما الأمر.. ".

قال وهو يتكتف،  غير عازمٍ على طاعتي،  زفرتُ بتعب وأنا لا طاقة لي بالجدال،  لا يمكن أن أنفذ ما نويتُ تنفيذه ما دام هنا.

"تعال معي.. ".

قلتُ له بهدوء وأنا أتجه إلى السلالم فتبِعني بالهدوء ذاته.

سعلتُ حين صفع الهواء البارد وجهي بعد ولوجنا للسطح،  سرتُ بحذر على الأرض التي بللها الهتان الذي أخذ ينهمر لتوه..

"هل ستخبرني أم ماذا؟ ".

ألقيتُ نظرةً خاطفةً على الباب وحسبتُ عدد الخطوات التي أحتاجها لبلوغه، بقي علي تشتيت انتباهه فقط،  كنا واقفين في نفس البقعة التي وقفنا فيها يوم لقائنا الأول، حين تهجمتُ عليه بغيظٍ بعد استفزازه لي، لم أتوقع أن يأتي اليوم الذي أخاطر فيه لأجله.

"مروان..! ".

قال وهو يميل رأسه باتجاهي، احترتُ فيما سأقوله، رأسي ينبض بقوةٍ مانعًا إياي من التفكير.

أشِقّاءWhere stories live. Discover now