٩) حــديقةٌ وفتـاة.

2.2K 224 44
                                    

فصل طويل هذه المرة.. ☺️
تعويضًا عن انقطاعي لعامٍ ونصف🙏
قراءة مُمتعة 💕
ومُبارك عليكم الشهر 🌙

...
..

كانت أشعة الشمس ساطعةً تلك الظهيرة والغيوم الرمادية تندفع ببطء وهوادةٍ عبر السماء لتقلل وطأة حرارة الشمس.

لم تكن الحديقة مكتظة في تلك الساعة، رأينا الفتاة تجلس وحيدةً على كرسي خشبي تظللها شجرة برتقال مثمرة.

ابتهجت حين رأتنا وأغرقت أمجد بالقبلات والمُلاطفة وهي تقول بأنها لم ترَ ولدًا أجمل منه من قبل، وكان يتنحى عنها ووجهه يحمر حتى أذنيه.

مدت يدها لي بعفوية وهي تبتسم بعذوبة، لا أعرف كم ثانيةً أو دقيقةً استغرقتُ حتى مددتُ يدي وصافحتُ يدها الحريرية كأيدي الأطفال، قالت وهي تدقق النظر في عيني اللتيين لا ترتفعان عن مستوى عينيها

"نادِني جُمانة".

سحبت يدها وعدلت ذلك الشال الأسود الذي يختبئ تحته شعرها وكانت بين الفينة والأخرى تعدله بحركة روتينية، لم أجرؤ على الإفصاح عن رغبتي برؤية ذلك الشعر الذي يرتفع متكوماً تحت حجابها، يتبين لي أنه طويل وكثيف ويملك لون الليل كحاجبيها الغامقين وعينيها الغارقتَين في الظلمة التي تناقض بشرتها القمحية المحمرة..

"كم عمره؟ ".

طرحت ذلك السؤال ونحن نتمشّى في إحدى ممرات الحديقة المبلطة بعد أن تركنا أمجد يلعب مع الأطفال في سنه على الأرجوحات، ولا حاجة للقول أن إقناعه باللعب لم يكن سهلاً فلولا تدخلها وتشجيعها له لما وافق.

"اثنا عشر".

"لا يبدُ في هذا السن.. إنه صغيرٌ وخجولٌ جداً".

لم أعلق، فخجله الزائد يرجع لانعزاله الطويل عن الناس ولم أشأ حينها إخبارها بذلك.

"أتَعلم! إن اسمه يذكرني بقصة مصورةٍ قديمةٍ قرأتُها غير مرةٍ في طفولتي".

كانت تتحدث وهي تنظر إلى الطريق الذي نمضي فيه لذلك لم تلحظ تلك الدهشة التي بدَت علي، مصادفةٌ لم أعلم أنها ستجر قطاراً من المُصادفات اامؤلمة لاحقاً.
أردفت وفي صوتها حنينٌ للماضي:

"أذكر أن بطل القصة كان منعزلاً كتوماً لا يحب المدرسة لكثرة الأطفال فيها ولا يغادر غرفته لئلا يصطدم بأهله.. ثم. . تعرف إلى صديق علمه الكلام وعوده على الانخراط في الجماعات فأصبح الأكثر طلاقة وأكثر شخص محبوب من الجميع إلا أنه نسي صديقه القديم الذي أسِف بدوره وغاب عن حياة أمجد فخبا نور هذا الأخير وطفق يبحث عن صديقه القديم لكن لم يجد له أثر، فعاد لوحدته القديمة وانعزل تالياً عن الناس حتى تلاشى ذكره في الأذهان".

أشِقّاءWhere stories live. Discover now