١٩) غضـب.

1.4K 159 73
                                    

....
...
..
.
أشعر أن أيادٍ تمتد لعنقي وتخنقني كلما تخيلتهما معًا،  كلما تخيلتُ ذلك الوغد ينعم برؤيتها ليلَ نهار،  يستطيع أن يمد يده إلى شعرها تتخلله أصابعه بحرية، يستطيع رؤيتها بكامل زينتها وأناقتها وجمالها، والأهم من كل ذلك، يستطيع التكلم معها كل حينٍ دون أن يضطر للافتراق عنها، لن يمر وقته معها سريعًا،  لأن كل وقتها له.

مرت أيامٌ  على آخر مرةٍ رأيتها فيها،  وأيام على زيارة زوجها لمحله،  الذي أعمل فيه منذ أربعة أشهر.

تمالك فراس دهشته حين أخبرته بحقيقة المالك،  وقال لي كالذي قاله أمجد حين علِم.

اِنسَ ذلك وحسب..

لكني لا أجيد النسيان،  قد أتناسى،  لكن لا يمكن أن أنسى مشاعري.

...

عاد أمجد لمدرسته،  بالكاد أخفيتُ استيائي على حاله،  كلما حاول التشبث بالحياة، كلما تطلع وتأمل وحلُم، أصابه الوهن،  لم أعرف إلى متى سيُلاحقه هذا المصير.

هل يُمكننا تجنُّب المصير لو تناسَيناه أيضًا؟ 

دلفتُ لغرفته في المساء،  كان جالسًا على سريره يقرأ كتابًا، جلستُ قبالته أنظر إليه وهو منشغل بالقراءة،  ابتسمتُ وأنا أعرف أنه منزعجٌ من وجودي فهو لا يحب أن يقاطع أحد قراءته،  امّحت ابتسامتي حين انتبهتُ لغلاف الكتاب،  وقلتُ محاولًا الحفاظ على توازن صوتي:

"ألم تقل أنك ستعيده إليها؟ ".

"هل تُقلقكَ قراءتي له! ".

"لم أقل هذا.. ".

رفع رأسه إلي،  متفرسًا في وجهي المكشوف.

"هل سبق أن قرأته؟ ".

طرفتُ بعينيّ،  مرةً ومرتين،  استعصى علي الجواب،  حررني من اضطرابي حين عاد للقراءة وهو يقول:

"هذا الكتاب يُثير غرابتي.. ".

"لماذا!..  أليست قصة أطفال..؟ ".

"أشعر أنها ليست قصةً عادية.. ".

"مادا تقصد؟ ".

قلت وأنا أعيره كامل انتباهي،  لا أذكر تفاصيل القصة،  لكني أتذكر المشاعر التي كانت تجتاحني حين كانت أمي تقرؤها لي،  مشاعر التشبث بشيء خشية فقدانه.

أغلق الكتاب ووضعه بجانبه متجاهلًا سؤالي.

"هل جئتَ لتقول شيئًا.. ؟".

أشِقّاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن