٢٣) بقايـا.

1.1K 163 109
                                    


...
..

أوقف دراجته النارية دون جلبة على بُعد مسافةٍ يسيرةٍ من ذلك البيت،  تحسس السكين التي جلبها معه في جيب بنطاله، وهو يدفع الباب الموارب بهدوء ويدخل،  استقبلته غرفة معيشة صغيرة،  بثلاث أرائك تتوسطها طاولةٌ دائرية ونافذةٌ تغطيها ستائر ثقيلة، تقدم للداخل وهو يتلفت بحذر، لم يكن المكان يوحي أنه عرين الأسد،  هجم عليه أحدهم،  كاد يتقلد سلاحه لولا أنه انتبه أن ذلك الشخص كان شقيقه الصغير الذي عانقه بشوق.

"سامر..  هل أصابك مكروه؟  هل آذاك..؟ ".

سأله بقلق وقد نسي حذره وهو ينحني نحوه،  فأمال سامر رأسه باستغراب وسأل شقيقه بحيرة:

"لمَ يؤذيني؟  إنه لطيفٌ جدًا.. ".

رفع حاجبيه وهو يسمع جوابه،  لقد خُدِع أخوه،  لقد أوقعه ذلك النذل في مصيدةٍ لم يحسب لها حسابًا،  أمسك يده وقال له:

"ستحكي لنا كل شيءٍ حين نعود.. ".

سحب سامر يده وتراجع للخلف خطوتين.

"لن أعود،  سأبقى مع أبي.. ".

غُسِل دماغ شقيقه،  وأدرك كم كان خطؤهم جسيمًا حين أخفوا عنه كل ما يتعلق بذلك الرجل،  إنه طفل،  ويريد أبًا مثل أي طفلٍ في عمره،  لذلك لم يكن صعبًا خداعه.

"سامر يا أخي..  إنه ليس كما تظن.. ".

"بلى، لقد دللني واشترى لي الحلوى واللعب،  لم أحصل على لعبٍ جديدةٍ منذ زمن.. ".

تنهد الأخ الأكبر،  ها هو ذا يصبح جزءًا من ملهاةٍ ساخرةٍ ألفها أبوه بحنكة،  لحظة!  أين هو؟  عادةً لا يظهر الكاتب على خشبة المسرح أثناء العرض،  ولكن حالما تنتهي المسرحية.....

"سامر..  أمي قلقةٌ عليك..  هل يرضيك أنها لم تذق الطعام منذ أيام؟ ".

"قال أبي أنه سيعيد شملنا مرةً أخــ..

"لا تقُُل أبي... ".

زجره فراس بكل الغيظ الذي كبته مذ جاء،  فانتفض سامر،  وضم قبضتيه إلى صدره وإصراره على البقاء مع ذلك الرجل اللطيف يزداد.

"هل ستُنكر أنه ابني! ".

جاء ذلك الصوت المظلم من خلف فراس،  فاستقام الأخير واقفًا ينظر إليه.

"جيدٌ أنكم لم تُشوهوا لطفلي الصغير صورة والده.. ".

قال فراس دون النظر لأخيه:

أشِقّاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن