14

34.1K 1.1K 18
                                    

ظلت لحظات متخشبة مكانها من هول الصدمة. أما هو فظل جالس أرضا ينظر إليها إلى أن قطع الصمت:
_مالك بهدوء: متخفيش يا رحمة. انا مش جاي أعملك حاجة، تعالي هنا وانتي تعرفي انا جاي ليه
_ رحمة و ومازالت على صدمتها : انت دخلت هنا ازاي
_ ابتسم: مش مالك ظهران اللي تقوليوا دخلت ازاي. تعالي واهدي وانتي هاتفهمي كل حاجة.
اقتربت منه على مضد وخوف وجلست أيضا أرضا...
تنهد بشدة قبل أن يتحدث وهي صامتة:
_ كنت عيل صغير مرتبط بأمه اوي، كنت بحكلها على كل حاجة بتحصل معايا و أحب اقعد معاها... لحد ما شوفتها في منظر بشع لطفل يشوف فيه أمه، بتحاول تقنع عمه بعلاقة غير شرعية عادي ولا فارق معاها... أبويا طلع ضعيف هو و عمى وانتحروا...عيل صغير كل معاني الأخلاق والمبادئ  والحب والثقة اتهدوا قدامه في لحظة ... وقتها كل ما أكبر وافهم اكتر افتكر كل همسة، كل نظرة... كل تلميح من نرمين تجاه عمي عشان تقرب منه و محدش واخد باله... اتحولت لحد تاني خالص يغلب عليه القسوة والعنف ... بطلّع غضبي و قسوتي وعنفي على كل واحدة تحاول تجذبني ليها ... وعلاقتي بحنين بدأت كدا... كنت متضايق اوى لما معرفتش أقرب منك وشوفت نظرة الخوف والغضب منك ليا، لكن أبوها كان بيثق فيا ... على الرغم من كل اللي انا فيه ده مقدرتش اخون ثقته، واتجوزتها ... تعرفي ان حنين الوحيدة اللي متأذتش ولا شوهتها لما قربت منها زي كل مرة، بل العكس ... عشان... عشان... عشان كنت بشوفها انتي يا رحمة....
طال الصمت لبعض الوقت وهي اتسعت عيونها من آخر جمله، ثم أكمل: كنت بعافر واكابر واغضب واستغرب من شعوري ناحيتك... مكنتش فاهم اللي بيحصل معايا ... كنت بتضايق لما تهتمي بالباقي وأنا لأ... كنت بغير من معاملتهم معاكى... كنت عايزك انتي اللي تهتمي بيا مش حنين... كنت برده مش عايزك ولا عايز اي واحدة تدخل حياتي لأني مابثقش فيهم ولا بحبهم ... بارد مع الكل إلا قدامك... بحب السلام والهدوء اللي بحسهم وانتي معايا ... وفي اليوم  اللي طلبتي فيه الطلاق وطلّعتي كل غضبك، ساعتها كابرت وعملت اللي انتي عايزاه ع الرغم اني كنت مصدوم و اتضايقت وحسيت بوجع ... كنت غضبان منك ومن نفسي اوي... لحد عندك و بعمل و بقول حاجات غير شخصيتي... لما كنت بغير عليكي كان كلامي وعصبيتي بيطلعوا من غير مبرر لنفسي قبل ما يكون ليكي... كابرت و غضبت و عاندت، بس ماكنتش مرتاح في بعادك ... مش قادر... قريت مرة ان في حياة الرجل ثلاث نساء، واحدة لا يستطيع العيش معاها، واحدة لا يستطيع العيش بدونها و واحدة تشاركه الحياة... اكتشفت الفترة اللي فاتت انك التلاتة بالنسبة ليا ... مش قادر أعيش معاكى بسبب اللي حصل بينا و مش قادر أعيش من غيرك لأني مش مرتاح ولا حاسس بهدوء و سلام في وجودك، وإني الأوقات اللي كنت بقضيها معاكي في هدوء زي لما كلتي البسبوسة معايا و غيره كنتي بتشاركيني حياة... انا تعبان اوي يا رحمة . ثم احتضنها سريعا، اندهشت رحمة فحاولت إبعاده:
_رحمة: مالك !... ما ينفعش
_ عارف يا رحمة قصدك ، بس انا رديتك
اتسعت عيونها وحاولت ابعدها لتسأله، لكن لم يعطيها فرصة وأكمل هذه المرة بدموع: أيوة رديتك لما أتأكدت اني بحبك ... وإني مش قادر على بعدك  ... مش عيب اعترفلك ولا حتى اعيط قدامك يا رحمة انتي الوحيدة اللي مش هاخبي عليها... انتي بتصوني الهيبة و بتقدّري ... وتستهلي اني اجيلك واعترفلك بمشاعري ناحيتك ... كمان انا واثق فيكي انك مش هاتقلي من ضعفي قدامك حتى لو مش بتحسي ناحيتي غير بالكره ...بس انا عايز اقولك كل حاجة جوايا... رحمة... انتي اديتلهم أمل أن يكملوا الحياة، أنا مكنتش عايش اصلا...انا اسف يا رحمة على اني اذيتك قبل كدا... انا عارف انك مش بتحسي ناحيتي زي ما بحس ناحيتك وليكي الحق ...
_ قاطعته بهدوء: ممكن تبعد ؟
ابتعد بتساؤل... اندهش ... أنها تكفكف دموعه ببسمه و دموع محتبسة بعيونها:
_ هشششش... انا كنت هاتجنن ... ازاي بفكر كدا... ليه بفكر فيك؟ ... ليه عايز اعرفك اكتر؟... ليه حسيت اني اتجمدت وأنا ببص ف عنيك؟... ليه قلبي دق بسرعة؟ ... لما سيبت البيت ... ليه كنت بردو بفكر فيك وعايزة اشوفك؟... ليه حسيت بأمان سابني لما بعدت عنك؟ ... ليه مش عارفة أكرهك وحاولت ادورلك على عذر للي انت عاملتوا معايا؟ ... ليه لما شوفتك كنت عايزة ابصلك كتير قبل ما امشي عشان مش عارفة هاشوفك تاني ولا لأ؟... ليه عايزة اساعدك ترتاح من جواك لأني كنت حاسة انك عايز حد يساعدك؟... ليه اتضيقت لما اتجوزت حنين وإني اشوفك خارج معاها؟... و يا ترى هاتطور علاقتكوا اكتر وأنا مش موجودة ف البيت؟... ليه ماحدش هز كياني و لفت نظري على الرغم اني محدش ع الارض بيلفت نظري؟ ، انت عملت كدا... ماحدش ملى عيني انه يبقى جوزي غيرك .. حتى مافكرتش ف كدا غير بعد ماعرفتك... ليه كنت بشوفك انت غير الباقي؟ ... اه بحب و بقدر و بهتم باخواتك لكن انت حاجة تانية ... عمري ماشوفتك زيهم ... مالقتش سبب غير اني كمان بحبك يا مالك...
احتضنها بفرحة : بجد يا رحمة؟!يعني مش خوف مني ولا شفقة ؟!
_ رحمة ببكاء:تفتكر انا لو كدا هاسمعك ... وبعدين مش انا اللي اقول كدا عشان خوف أو شفقة؟
_ يعني موافقة نكمل مع بعض و نساعد بعض و تساعديني اني اكون بني آدم كويس؟ ... وإني ارتاح من عزابي... مش هاتسبيني ...
_ انا مش هاقدر اسيبك... انت اللي اوعى في يوم تفكر تبعد عني ولا تسبني يا مالك انا مش هاقدر أكمل حياتي من غيرك... انا كنت تايهة اوي من غيرك و قلبي كان بيوجعني ... خاليك معايا يا مالك ونساعد بعض ...
_ انا عايز أفضل هنا معاكي ... عايز أحس بالسلام والهدوء معاكى يا رحمة ...
_ ماشي يا مالك
  دلفوا الغرفة وناموا بهدوء و مالك محتضنها و نام سريعا ...
                  ******* 
بصباح اليوم التالي، حنين بقلق :
_ زين ما تعرفش مالك فين؟
_ زين بدهشة: ايه؟!
_ ماجاش من البارح و بتصل بيه مش بيرد
_مالك مش عيل صغير ... لما يلاقي نفسه عايز يرد عليكي هايرد عليكي... ثم تركها وذهب
_ حنين بضيق: بني ادم مستفز
                      ********
بشقة رحمة... استيقظت من نومها و نظرت له بابتسامة رقيقة على حالته الهادئة :
_ رحمة بهدوء ورقة: مالك ... مالك
_ امممم
_ قوم
_ أقوم ليه؟... سيبيني شويه انا بقالي كتير اوي ما نمتش كدا
_قوم عشان شغلك ... و روح غير هدومك ديت، ويلا نفطر
_ ماشي ياستي اديني قومت اهو
_ صباح الخير
_ بابتسامة: صباح الخير على احلى عيون
_ ايه دا أنت عندك غمزات!...
_ ايه!... أيوة ...
_ أول مرة اخد بالى أو اشوفها...
_ يعني بتعاكسيني
_ بصراحة آه...يلا بقا نقوم نفطر .

انثى في عرين الأسود(مكتملة)Where stories live. Discover now