~المستقبل~

762 81 60
                                    

دون سابق إنذار علت من حوله صفارات الأجهزة الطبية معلنة عن الخطر القادم ، لكنه لم يكن قد استراح من العملية الأولى لتأتي هذه أيضا

صفير جعل روح الجالس تنتفض خوفا ليقبض على يده قال بنبرة خائفة مخاطبا ذلك الذي على السرير كأنه يسمعه :
ضياء .. لا تقلق .. ستتجاوز هذا .. كن قويا كالعادة فقط

اسرع بالضغط على زر الحائط ليرسل انذارا للاطباء، رغم ذلك لم يستطع أن يبقى مكتوف الأيدي ريثما يصلون ، وضع رأسه على صدر ضياء ليسمع نبضه بحركة خائفة : هذا سيء إن صوته مضطرب جدا ربما يحتاج عملية اخرى

ضغط على صدره برفق ليساعد قلبه على العمل محدقٌ بجهاز قياس نبضه الا ان الطبيب وصل ليبتعد

أخذ الطبيب سماعاته لصدر ضياء متسائلا عن وضعه الحالي

فاخبره بهاء قبل ان ينطق الآخرون : الدم لا يتدفق بجسده بشكل جيد ، انها مضاعفات العملية الاولى نبضه في تباطؤ مند ثلاث دقائق كان الوضع مستقرا قبلها .. اما الآن..

تجهمت ملامح الطبيب و رد بالكلمات التي تمنى بهاء عدم سماعها مجددا و هو يفحص عيون ضياء : يجب ان يعود لغرفة العمليات بسرعة .. هيا بنا حالا .. ربما تعرض لنزيف داخلي

قال ذلك على عجلة ليسرع الممرضون بفك تلك الأجهزة

اقترب بهاء شاردا ممسكا ذراعه : لم يبقى الكثير .. لا تستسلم الان .. ضياء .. مررت باصعب من هذا

اتجه معهم بلهفة لغرفة العمليات و كلماته لم تتوقف : ستعود .. لن يحدث اي شيء .. ستنتهي هذه المعاناة قريبا

وصلوا للباب ليطلبوا منه التوقف فحاول الدخول رغما عنهم : يجب ان ابقى معه

_ارجوك سيدي لا يمكننا السماح لك بذلك

اقفلوا ذلك الباب ليشتغل الضوء الاحمر من فوقه ذلك الضوء الذي حدق به لاكثر من خمس ساعات قبل ثلاثة ايام

لمَ لا يمكنني فعل شيء ككل مرة انتظر فقط .. كان معك حق  شعور العجز هذا لا يطاق .. إنه قبيح بشكل خانق .. لو فقط لم يحدث هذا الان لو ..

شد قبضته جهة ذلك الباب ليقول آخر كلماته : لن يتأذى أحد بسببك

هدأ كل مابداخله بل اجبر نفسه على ذلك خصوصا بعد سماع خطوات تقترب منه بتثاقل، فالتفت بابتسامة مطمئنة : خالتي لا تقلقي حدوث هذا امر طبيعي فقط لننتظر

لم يكن ذلك كفيل لجعل ماغلّف قلبها من قلق ينفك، تلك السيدة الاربعينية التي ذبلت عيناها سوداء من الدموع خلال الايام الثلاثة الماضية كانت على وشك ان تنهار تماما، ليس اي احد خلف ذلك الباب الذي حصد أرواحا بل جزء منها هناك مدت يدها المرتجف ليعود فيضان دموعها : بها .. ء .. ماذا..

نهض المعني بسرعة ليمسك يدها و يجعلها تستقر بصدره فبعد ضياء لن يبقى غيره دواءً لجروحها

رد بصوت هادئ مطمئن لها : لاداعي لكل هذا .. سيكون بخير صدقيني

فقط سمحت لتلك الدموع الحبسية بالفرار فلطالم فعلت ذلك منذ سنوات، مر الكثير و بقت بضعة ايام لتحدد المصير

لحظات ليسير بها للمقاعد بجانب الباب مرت الدقائق لتهدأ من روعها فوقف رجل   باواخر الاربعينيات ذو صوت حاد ليطلق ضحكة خفيفة كاتما ما خلفها : اذا لا حاجة لك بي هنا

جلس بجانبها ماسكا يدها برفق قائلا : كل شيء سيكون بخير لن يكون سعيدا برؤيتك هكذا

كان والد ضياء، فاضاف بهاء : عمي معه حق سيفتح عينه واول ما سيطالب برؤيته هو ابتسامة والدته .. خالتي أليس هذا ما يحدث كل مرة

أومأت برأسها بهدوء و تنهدت لتزداد أمنياتها، فلو نجح الأمر هذه المرة لن تعود لجو المستشفيات الخانق هذا و رغم ابتسامتها المنكسر ربتت على يد بهاء برفق : شكرا بني .. لا تصدق كم ان وقوفك بجانبي يريحني .. ككل مرة

هز برأسه نافيا : لاداعٍ لقول هذا

فعلا لاداع لقول اي شيء فقط ليعود و يستيقظ و لن اهتم لأي شيء اخر

نعم كذبت عندما حدث هذا اول مرة رغم اني تجمدت خوفا فلم اجد ما افعل غير النهوض و التقدم من أجله فلطالما اخبرني لؤي

~بهاء ابتسامتك تجعل كل شيء هادئا مثلك حتى لو كانت غبية جدا~

أضحكني ذلك الوصف كثيرا لكن تلك الابتسامة تغير الكثير من المواقف المتوترة

لحظات ليعود بخطاه لغرفة ضياء حتى يحمل هاتفه فوجد اتصالات و رسالة من رائد ففتحها

*لنثق بذلك الوعد دائما .. آسف لاني بعيد لكن سأحاول ان آتي مع امجد نهاية الاسبوع .. هذه المرة لن اقف خلف الباب بل سأدخل لأراكما معاً مجددا .. أمزح وحسب .. أتمنى ان ينهض قبل ذلك*

تاه محدّقا بتلك الكلمات : هل كان هناك يومها ماذا يقصد؟

ثوان حتى تذكر ماجاء لأجله رفع هاتفه ليفتح قائمة المتصلين ليعيد الاتصال بشخص محدد و ما ان رد : ليس بعد ساعة تعال الان حالا ..
.......
جلس بهاء ينتظر انتهاء العملية ، أخذت الذكريات السابقة تدور به إلى اول صدمة جمعته بمرض ضياء حقا، هو الآن زائر لتلك الذكريات ، يمشي بين زواياها ، و يقلّبُ صفحاتها واحدة تلو الأخرى

يتبع
********

التعليق لكم 😶😶😶😶

لست وحيدا 2 _ماذا اكون ؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن