٠- مدخل.

17.3K 517 272
                                    

كان لا يزال ينظر إليها بصدمة. عيونه العسلية لم تستطع أن ترمش وهي تنظر لها بتفاجئ، كانت مرمية على الأرض كجثة هامدة رغما الأصوات المتألمة الصادرة عنها. عقله لم يستوعب ذلك بعد، شعر وكأنه علق في لحظة ما قبل وقوع الكارثة.
قلبه قد توقف عن النبض بالفعل من وقتها وكأنه ثابت في دائرة زمانية تغوض في عمق مظلم بينما تكرر تلك الصور عديد المرات في ذاكرته إلى ما لا نهاية، كانت وكأنها تريد أن تحفر في جوهر روحه.

صدر أنينها المتألم وهي تحاول رفع جسدها أو
حتى يدها، لكن عبثًا...

هي تشعر بالألم في كل أنحاء جسدها الذي شكت لثواني أنه لم يكن خاصتها... أنه ليس ذاته الجسد الذي أمتلكته طوال حياتها، لأنه حتماً ليس هو ذاته صاحب الألام الرهيبة والعظام الثقيلة.

سقطت دمعة من محجريه عندما صدر أنينها من جديد ثم كان يخطو خطوة واحدة إلى الأمام وقد تجمعت الدموع في عينيه أكثر من ذي قبل.

"ما هذا؟" همس بنبرة مختنقة، مرتعشة. يجبر أقدامه على التقدم إلى الأمام، لا يعلم سبب شعوره بثقلهما، ولا يعلم لم لم يكونا ملكه في تلك اللحظة. وكأن كل شيء تخلى عنه حينها...

رفع يديه المرتعشة إلى شعره بينما عيونه كانت تتسع ببطء وبدهشة، ثم كان يشده بخفة حينما لمح وجهها الدامي وبركة الدماء التي تتسع شيئا فشيئا أسفلها.

"أنا..."

شعر بالأختناق فجأة وبغصة تتكور في حلقه تمنعه من الكلام.

شده على شعره بدأ يصبح أقوى من ذي قبل لكنه لم يشعر بذلك، ولم يشعر بأظافره التي كانت تخترق جلده وتنخره بقدر شعوره بالألم يجتاح صدره ويثقله حتى أصبح يحارب لألتقاط أنفاسه.

"كيف لهم أن يفعلوا ذلك؟" سأل بنبرة باكية وقد تدفقت الدموع من عيونه دفعة واحدة كشلالات جارية، بدت وكأنها محتجزة لسنين طويلة داخل الكهف عاتم قبل أن تنشق الحجرة التي تفصلها عن النور دون سابق أنذار وتسمح لها بالتحرر ومعانقة الضواء أخيراً

عقربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن