الفصل الثاني: عناق أرواح متوجعة

3.2K 73 6
                                    


"ماذا تفعلين هنا؟" دمدم رائد بصدمة وهو يفتح الباب الذي كانت تطرقه منذ خمس دقائق، فهي لم تقد الطريق إلى هنا حتى يتجاهلها.

"كنت في الجوار...." ردت بتلعثم المراهقة الخجول التي جاهدت كثيرا للتخلص منها ولكن رؤية صدره العاري أعادتها سنوات للوراء.

"الأطفال بخير؟" سأل وهو يمشي عبر الغرفة ويتناول سيجارة ليشعلها بقداحة مستريحة على منضدة القهوة.

يالله، منذ متى وهو يدخن!

"خالتي قالت أنهم ناموا باكرا".

"هي اتصلت بك؟"

"أجل".

"أخبرتها أني سأعود صباحا"، هز رأسه استهجانا.

"هي قلقة عليك".

"كما ترين، أنا بخير".

"حسنا، لن أجادلك في هذا"، حسمت ترددها بالولوج للغرفة أخيرا بعدما لمحت بطرف عينها النظرة الفضولية لأحد المارين وتركت الباب يغلق خلفها. "أترغب بالمشاركة؟" سألته وهي تشير برأسها إلى القهوة على الطاولة.

"أنت لا تفضلينها"، حاول التملص.

"هل ستشارك؟" أصرت وهي تحدق في ظهره المشوه بألم بينما كان يقف أمام الشرفة المفتوحة.

"أظن هذا"، تهدل كتفاه باستسلام.

جلست على حافة الأريكة وهو يسكب لها كوبا من القهوة وأومأت بشكرها بينما يسلمه لها. يالله، إنها تكره رائحتها. فمنذ أن دفعها فضول طفولتها لتجرعها مقلدة والدها، وهي كلما شمت رائحتها تذكرت القيء الممزوج بالقهوة الذي خرج من أنفها يومها.

"لم يكن بوسعك إسراف مالك على نوعيات جيدة، أليس كذلك؟" سألت وهي تأخذ رشفة صغيرة بينما ترمق علبة السيجارة المشهورة برداءتها مجعدة أنفها.

ضحكته المفاجئة جعلتها تبتسم، ولكنها لم تنظر إليه وهو يجلس جوارها على الأريكة.

"اعتقدت أنه لا يهم إذا كنت لا أستخدمها إلا نادرا"، تنهد نافثا الدخان من فمه.

"هذه هي خطتك لليلة؟" غمغمت بخفوت وهي تحدق بالعلبة الفارغة تقريبا مستشعرة الحرارة التي دبت في جسدها من الشراب الحار وجعلتها شبه دائخة.

"أنا لست مثله"، نبرة صوته جعلتها تدير رأسها لتقابل عينيه أخيرا وما رأته فيهما من مشاعر عنيفة حاولت بفشل الابتسامة المتكلفة على جانب شفتيه سترها، ألجم لسانها فهربت بعينيها عجزا لتصطدما بصدره الواسع.

"أوه، انظري لنفسك. مازلت تحمرين خجلا أمام صدري العاري وكأنها أول مرة تريني فيها هكذا".

زواج على ورقDove le storie prendono vita. Scoprilo ora