الفصل الخامس عشر: رفيق الروح

2.8K 93 18
                                    


في المرة الثانية التي اتصل فيها رائد، تركت رنيم فدوى ترد على الهاتف وتمرره للأطفال. في المرة الثالثة، غادرت المنزل تماما. ولكن بحلول المرة الرابعة، كان كمال وفدوى قد عادا للغرب ولم يعد لديها خيار سوى التحدث إليه، على الأقل حتى تتمكن من تسليم الهاتف من جديد.

"مرحبا؟" ردت بصوت حازم.

"رانا؟ إنه أنا" قال مبدئيا يجس نبضها.

"أهلا رائد، سأنادي ريم"

"انتظري!" ناداها قبل أن تبعد الهاتف عن أذنها.

"كيف حالكم جميعا؟ هل الصغار بخير؟ وأنت، كيف حالك؟" سألها بصوت شبه يائس.

"الأطفال بخير. رواد جن جنونه اليوم لأنه أجبر على مشاركة عدي قطع الليغو الخاصة به وريم لم تذهب اليوم للمدرسة لأن الأساتذة لديهم ندوة تربوية ويزن يستمر في العبث في أغراض الزينة خاصتي ووجهه يظل مصبوغا بأحمر الشفاه طيلة النهار. إنه عرض يتكرر كل ثمانية عشر ساعة ولم أستطع التخلص منه"

ضحك رائد فابتسمت.

"وأنت؟" سألها بحذر.

"أنا بخير"

"هل كنت مريضة؟"

"لا، لا تقلق. أنا أتولى زمام الأمور"

"هذا ليس سبب سؤالي"

"بلى، إنه كذلك" ضحكت قليلا باستهزاء، "لا بأس"

"أنا آسف حقا رانا"

"لا داعي للاعتذار" ردت بسلاسة، رافضة الخوض في غمار تلك الدوامة من جديد فقد ملت من الشد والجذب المتواصل بينهما. كل ما يعنيها أن ندمه لو كان حقيقيا فلن يستمر في قول الكلام الجارح مرارا وتكرارا.

هي تعرف ماضيه جيدا والتشتت الكبير الذي عانى منه في طفولته وتعلم أنه طالما كان يواجه صعوبة في التفكير قبل أن يتحدث خاصة حين تغلبه العاطفة. كلاهما يشتركان في صفة التسرع هذه. إنما هي ليست أبدا شخصا يؤذي الغير أثناء الغضب كما يفعل رائد. ولعل هذا راجع لنشأتهما المتناقضة كلية مما دفعها لمسامحته آلاف المرات. ولكن في مرحلة ما، على الإنسان أن ينضج ويتصرف كشخص راشد.

نهرها رائد: "توقفي عن التصرف على هذا النحو"

"كيف؟"

"وكأنني لم أجرح مشاعرك!" هدر في الهاتف.

"لم تفعل. أنت كنت قلقا على الأطفال وأنا.. تفهمت ذلك"

زواج على ورقWhere stories live. Discover now