الفصل الثاني والعشرون: مرآة الحقيقة

3K 129 73
                                    


رباه، لقد أفسد كل شيء!! كل شيء!!

ارتمى أخيرا على الأريكة بحسرة يضم وجهه بين كفيه جاهلا ما عليه القيام به. حين قرر إعادة أبنائه معه، لم تكن نيته خبيثة أو أن يفعل ذلك نكاية برنيم. لقد كان يظنه الصواب خصوصا في ظل الظروف الحساسة لوظيفته والتهديدات الخطيرة التي باتت تصلهم مؤخرا، وهو ما جعل فرقته تعود سريعا لأرض الوطن. لكنه لا يستطيع أن يبوح بهذا لأحد. جل ما يسعهم فعله اتخاذ الحيطة والحذر، ولا مكان أأمن من هنا حيث هناك حراسة مشددة على المنطقة السكنية الخاصة بعمال القطاع العسكري أمثاله. ومع ذلك، في قرارة نفسه وبعيدا عن كل ما سلف، هو مؤمن أن أبناءه مكانهم الوحيد معه ولن يقبل أي جدال في ذلك. هذا مبدؤه الأول حين قرر الزواج والخلفة. ورغم كرهه بقاء رنيم هناك حد الوجع.. وجع الشوق والفقدان.. إنما ليس هذا خطأه. ألم يحذرها سابقا مبديا عدم اقتناعه بسفرها مع الصغار وأخذهم لهناك في المقام الأول!! والآن انظروا إلى ما حدث..

كان عليه العودة بأربعة أطفال مفطوري القلوب تاركا إياها وراءهم.

هو يعلم أن هذا التغيير كبير نوما ما للصغار فقد كانت رنيم تعتني بهم لفترة طويلة حتى شعر أنه غريب بالنسبة لهم. إنه يتفهم ذلك جيدا لكن ما لم يتوقعه قط أن يكرهه طفليه الأكبر. ريم لا تتحدث مطلقا مع أي أحد ورواد هائج كحيوان مسعور يستحيل السيطرة عليه.

الصغيرة ستولد قريبا وحينها يمكن لرنيم العودة لبيته. لقد كان ينوي إعادتها معهم منذ البداية، فمكانها الدائم بات معهم، إنما لم يخطط للمهزلة التي حدثت هناك إذ بدا الأمر كما لو أنه سرق أبناءه.

أجفلته طرقة على الباب فهب على قدميه ليرى القادم ولا زال العبوس ملازما لملامحه المرهقة، منتصف الليل ساعة متأخرة للظهور على عتبة منزل أحدهم.

"آدم؟" سأل متفاجئا "ماذا تفعل هنا؟"

"الكثير لنتحدث عنه صهري، هل يمكنني الدخول؟"

"أجل، أجل، تفضل"

شاهده في حيرة وهو يسقط حقيبة ظهره قرب الباب ويتجه مباشرة نحو المطبخ.

"ألديك قهوة؟" ناداه بهدوء.

"لست أدري، لقد وصلت للتو إلى هنا"

"أجل، سمعت بذلك" أجاب عائدا نحوه بعد برهة يحمل في يديه كوبين من القهوة سريعة التحضير.

"ما الأمر؟" سأله عندما مد له واحدا.

"أنا متأكد من أنك تعرف سبب وجودي هنا"

"رنيم" رد بخفوت وهو ينهار على الأريكة خلفه.

"ما الذي يحدث رائد؟ فعلتك شنعاء حتى بالنسبة لشخص مثلك"

"ماذا تقصد؟"

"أنت لم تحب رانا قط.. كلنا رأينا ذلك؛ فلم دخلت بها وقد كان زواجكما مجرد اتفاق لا يزيد عن عقد قران مؤقت؟"

زواج على ورقWhere stories live. Discover now