الفصل الحادي عشر: حقائب بداية جديدة

3.3K 78 16
                                    


"مرحبا أيها الأخ الأكبر!" أجابت على هاتفها بمرح قدر المستطاع وهي تتفصح البريد الإلكتروني الخاص بالعمل.

تبقى يومان فقط على مغادرة رائد في مهمته وكانت تجاهد لإنجاز أكبر قدر ممكن من العمل بينما يقضي رائد بعض الأيام في المنزل مع الأطفال. فبين الاعتناء بالوحوش الصغيرة وأعراض الوحام الشديدة، كانت تجد صعوبة في خدمة العملاء القلائل الذين تركتهم وقد بدأ صبرهم ينفذ. يالله كم هي مرهقة، فأغلب الأمسيات حين تلج شقتها الصغيرة، لا تتمنى سوى رمي جسدها المهدود على السرير والنوم. إلا أنها لم تستطع فعل ذلك. فالعمل يناديها ما إن تطأ قدمها عتبة الباب. وبدون سحر الكافيين كانت تصارع النعاس بشدة لتظل ساهرة بما يكفي لإنجاز أي عمل.

"ما الأمر يا زينة البنات، صوتك يبدو متعبا؟" سأل آدم دون أن يخفي نبرة الشك بصوته.

"أعتقد أن الأخبار الجديدة وصلتك"

"أي خبر؟"

"لا تستغبني آدم"

"نعم، هاتفتني أمي"

"يا ربي، ألن أتمكن من إخبار أي أحد بنفسي؟" تذمرت بطفولية فضحك.

"بلى، أنا واثق أن أمي ستتركك تخبرين ابراهيم.. وذلك بعد أن يختفي رائد بعيدا حتى لا يطير عندكم ويقتله"

"لكنها أخبرتك؟"

"أنا عالق هنا في هذه السفينة النائية، لربما فكرت أني الخيار الآمن"

"كيف تسير أمورك؟ لم أتحدث معك منذ فترة" سألت وهي تسند أسفل ظهرها الذي كان يؤلمها بشدة. حياة البحرية جعلت آدم يرتحل في كل مكان حتى أنها أحيانا تستغرق بضع دقائق لتتذكر في أي محيط هو.

"لا بأس بها. حياتي مملة ولكن جيدة. وماذا عنك؟ الكثير من الأمور حدثت، أليس كذلك؟" قال بتعاطف.

"يالله يا آدم، ليس لديك فكرة"

"كيف انتهى بك الأمر بإتمام زواجك منه بهذه الطريقة؟" سأل.

"أعلم أني مغفلة، الرجل لا يطيقني أبدا"

"لست كذلك. الجميع يحبك رانا ومن لا يفعل فهو مجرد أحمق" سمعت شيئا يتجعد في الخلفية ثم صوته يمضغ شيئا مقرمشا بفم مفتوح. يالله، تقسم أن أخويها ليست لديهم أية آداب حينما لا يكونون قرب والدتهم.

"هو ليس أحمقا" جادلت بضعف.

"أنا أحب هذا الرجل، لكنه كان دوما مهووسا بلميس حد العمى"

"هذه صورة ساحرة"

"تعرفين ما أقصد. ماذا حدث؟ أشاخت عمتي وارتخى حذرها؟" أنهى سؤاله بسخرية تفهمتها وهي التي اشتكت له مذ زواجها تغير طبع عمتها السمح وتشديد الخناق عليها لامتعاضها من رائد ووضعهما الغريب في نظر الكل حسب رأيها. فما الداعي لتأجيل انتقالها لبيت زوجها وقد أتما جميع أركان الزواج؟!

زواج على ورقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن