الفصل العشرون: طعنة غدر

2.5K 97 68
                                    


اصطحبها رائد صبيحة اليوم التالي بعد أن تم تخريجها من المشفى في رحلة صامتة ومجهدة لمنزل والديها.. ولم تكن رنيم تدري سبب سكوته فهو من سحب البساط من تحت قدميها.. ولا من سبب عرضه مرافقتها بدلا من والدتها مثلما كان مخططا.

"سنغادر عند الرابعة" نطق أخيرا كاسرا الجمود بينهما وهو يدير السيارة على درب والدها، "طائرتنا تقلع في السادسة والنصف"

"جديا؟"

"لا بد لي من العودة فيما لو تم استدعائي.. لقد كنت محظوظا حتى الآن" رد بهدوء.

"إذن، هذا كل شيء؟" ثم أطلقت ضحكة قصيرة ساخرة، "وماذا ستفعل بالصغار أثناء عملك؟"

"قالت شهد أنها ستعتني بهم ريثما أجد حضانة مناسبة"

"ستدخلهم الحضانة بدلا من تركهم مع عائلتهم التي تعشقهم" قالت باستهزاء بينما يتوقفان أمام المنزل، "يا له من خيار حكيم!"

"هم ينتمون لي.. أمانهم واستقرارهم بجانبي وأنا أقطن في الشرق" نظر إليها أخيرا صارا على حروف كلماته ثم أدار وجهه مردفا بنبرة أقل حدة، "لن أسمح بشتاتهم بعيدا عني"

'مثلما حدث معي' أكملت رنيم في ذهنها ما لم ينطقه مغمضة عينيها بوجع قبل أن تسأله بيأس: "ليس هناك ما يسعني فعله لتغيير رأيك، أليس كذلك؟"

هز رائد رأسه نفيا بفك منقبض وأصابعه تشد على المقود حتى ابيضت سلامياته.

"حسنا"

حدقت رنيم خارج الزجاج الأمامي لبرهة طويلة بعد أن ركن السيارة في الموقف الصغير... متسائلة عما ستفعله؟! لا فكرة لديها على الإطلاق.. إنها تشعر بفجوة عميقة في صدرها تتسع بمرور الزمن مخلفة وراءها خندقا من نار.

"شكرا جزيلا لك على الاعتناء بهم لأجلي.."

فتحت الباب وغادرت السيارة كارهة الاستماع إلى هرائه.

"فهمت" همست من بين أسنانها المطبقة بينما كان رائد يندفع حول السيارة ليمسك بمرفقها لكنها نهرته، "دعني"

قال بصوت متوتر "رنيم.."

"لا. لا يمكنك القيام بذلك ثم التصرف وكأن كل شيء على ما يرام"

"أنت مجبرة على ملازمة السرير! ليس الأمر كما لو أنه يمكنك الاعتناء..."

"أختي؟" نادى ابراهيم من المدخل متجها نحوهما، "أتحتاجين إلى المساعدة؟"

التفت رنيم نحو أخيها الذي كان يهتز حرفيا من التوتر. إنه يحاول، هي تعلم هذا جيدا ولكنه يضغط على نفسه كثيرا ليكبح جنونه ويقف جانبا بينما يدرك أنها تتألم.. حاميها المخلص.

لطالما كان الشبه الكبير بين آدم وابراهيم يبهرها وهي صغيرة.. لدرجة أنها كانت تخطئ بينهما أحيانا؛ ولكن مع اكتمال نمو إدراكها.. سرعان ما فهمت أن التوأم المتطابق شكلا.. مختلفان كالشمال والجنوب قالبا.

زواج على ورقWhere stories live. Discover now