الفصل الثامن عشر: عودة طارئة

2.4K 102 24
                                    


منزله كان مغلقا وساكنا حين ولجه بعد بضعة أيام ولا أثر لرنيم أو أطفاله؛ هي لم تنفذ طلبه إذن.

بعد ساعتين كان في طريقه للمطار وقد حصل على تذكرة بمعجزة. وبعد سبع ساعات من لمس قدميه أرض الوطن، كان يخرج من بوابة مطار '.....' في الغرب.. خالي الوفاض إلا من حقيبة ظهر محشوة بثياب وجدها مطوية في الخزانة.. وغضبا كافيا لإرهاب أي شخص حكيم من التحدث إليه، لا بد أنه كان ينبعث منه عبر موجات سلبية تنذر المحيطين به فابتعد الجميع عن طريقه.

استأجر سيارة صغيرة وتوجه شرقا نحو ممتلكات عمه على بعد ساعة تقريبا ومع أن وقتا طويلا قد مر مذ كان يقود على تلك الطرقات، إلا أن بعض الأشياء لا تسقط من الذاكرة. وأخيرا وحين حل الظلام توقف أمام مقصده دون حوادث حمدا لله.

"هل من أحد في المنزل؟" نادى فيما كان يعبر الباب المشرع على مصراعيه.

"رائد؟" تساءل كمال وهو يخرج من إحدى الغرف، "الحمد والشكر لله"

هرع إليه يضمه بقوة ويقبل وجنتيه بحب كما لو أن تجاوزه قبل أيام لم يحدث قط.

"ماذا تفعل هنا؟"

"جئت لآخذ الأطفال، أين هم؟"

"فدوى اصطحبتهم لل.." انقطعت كلماته عندما انفتح الباب الأمامي واندفع أطفاله بسرعة.

"كمال، من هنا..؟"

"بابا!"

جثا بسرعة على ركبتيه فاتحا ذراعيه لريم ورواد الذين ركضا إليه وتشبثا بقميصه لافين أذرعهم الصغيرة حول عنقه.

"اشتقت إليكم كثيرا يا أبنائي" همس باختناق وهو يستنشق رائحتهم بشراهة مقبلا رؤوسهم بلهفة ثم رفع رأسه ليرى يزن وعدي واقفين بجمود على مسافة منه، يراقبانهم باستغراب قرب الباب ويزن يلف ذراعا حول قدم فدوى متشبثا بفستانها الواسع.

"مرحبا يا صغيرين" قال برفق، "اشتقت لكما"

ظل عدي ينظر إليه بحذر واتخذ خطوة صغيرة إلى الأمام إنما عيون يزن البريئة كانت خالية من أي لمحة إدراك، هو لم يتذكره حتى بعد كل تلك المحادثات المرئية ويالله كم أن هذا أوجعه.

"هل كنتم تستمتعون مع الجدين؟" سأل بلطف وفجأة ركض عدي للأمام وكاد يسقطه على مؤخرته حين اصطدم بتشابك الجسدين الصغيرين الملتفين حوله.

"مرحبا يا برعم" قال بابتسامة لطيفة وحنجرته تضيق فتجعل صوته أجشا.

ثم أغمض عينيه وتنفس بعمق مستنشقا رائحة البراءة حوله.. وأخيرا هم في حضنه سالمين معافين؛ يالله كم ذبحه الشوق ونحره القلق بعيدا عنهم.

حملت فدوى يزن حين بدأ يثير ضجة ووقفت فيما أنزل هو الصغار على أقدامهم ولكن ظلت أياديهم متمسكة به إنما التزم ثلاثتهم الصمت وقد تفهمهم جيدا فهو أيضا كان بحاجة له حتى يتمالك نفسه.

زواج على ورقWhere stories live. Discover now