الفصل الرابع عشر: قبلة وداع

2.6K 88 24
                                    


"جدكم هنا!" هتف عمه فيما كانت زوجته فدوى تضم رنيم بين ذراعيها فحمد رائد ربه على وصولهم في الوقت المناسب.

"جدي!" صرخ الأطفال واندفعوا نحوه جميعا عدا رواد الذي ظل ملتصقا بوالده.

"هل تريد مساعدتي في إحضار حقائبي رودي؟" سأله رائد وهو يحمله على وركه صاعدا الدرج للطابق العلوي قبل أن يسلمه حقيبة ظهر صغيرة تضم مستلزماته الشخصية وجهازه اللوحي ومصحفه الخاص. بدت ضخمة على كتفيه النحيفين وتأرجح جسده الصغير قليلا قبل أن يستقيم ويتقدمه نحو الأسفل.

"مرحبا بني" سأله عمه ما إن وضع الحقائب قرب الباب، "كل شيء جاهز؟"

"أجل" رد بإيماءة فصافحه كمال وجذبه نحوه ليعانقه.

"شكرا لقدومك عمي.. رنيم ستواجه وقتا عصيبا حين أغادر"

"لا مكان غير بيتك أفضل التواجد فيه"

"دوري الآن" قاطعته فدوى وهي تبعده عن رائد لتضمه بدورها. "كل شيء جاهز؟"

ضحك لتكرار السؤال وأجاب متنهدا.

"لدينا هدية لك أبي" هتفت ريم بحماس فيما تركض نحوه يتبعها رواد وعدي.

"حقا؟"

رن جرس الباب ثانية فابتلع رائد ريقه بصعوبة.

"سأتولى ذلك وافتح أنت هديتك" قال كمال مبتعدا.

وقفت رنيم تحمل يزن على وركها على بعد بضعة أقدام والتقت عيناهما لفترة طويلة قبل أن يخفض رائد بصره نحو الهدية التي كان رواد يضعها بين يديه. كانت ملفوفة بورق مجلة أطفال شهيرة ولم يستطع كبح ابتسامته للمنظر المألوف. لطالما كانت فدوى تغلف الهدايا بورق مستعمل مرددة أن امتلاك زوجها لشركة قطع الأشجار لا يبيح لها هدر الورق لذا كانت تحتفظ دوما بالرسوم الهزلية طيلة السنة لتستخدمها في هدايا أعياد الميلاد والمناسبات الخاصة.

"كيندل" أفسد رواد المفاجأة وهو يقفز في مكانه بينما يقترب كمال وحسام نحوهم.

"إنها أفضل هدية في العالم" الجدية في صوته حملت صدق ما يجيش في صدره من امتنان وهو يقبلهم واحدا واحدا "شكرا لكم"

"هل حان وقت رحيلك؟" سألته ريم بصوت جاد للغاية بالنسبة لطفلة تبلغ من العمر ثماني سنوات تقريبا.

"نعم، آن وقت الذهاب" أكد كلامها وهو يمد يداه ليرفعها ويضمها لصدره. "سأعود قبل أن تلحظي غيابي"

قام بجولة أخرى من العناق والقبلات، ثم جولة أخرى، ثم ترك فدوى تقود الأطفال نحو المطبخ لتناول الإفطار.

"ترافقيني للخارج؟" سأل رنيم بهدوء عبر غصة حلقه.

"مؤكد"

حمل حسام وكمال حقائبه إلى السيارة المركونة في المدخل تاركين رائد ورنيم في فقاعتهما الصغيرة الهادئة.

زواج على ورقWhere stories live. Discover now