١٤|بِدايةُ الرّحلَة

88 24 8
                                    

مَضَت عدّةُ أيّامٍ مُذ خروجهِ منَ المنزلِ
عدّةُ أيّامٍ أخرَى منَ السكونِ الدَاخلي

يشعرُ بالغرَابةِ بسببِ الهدوءِ الذِي خيّم عَلى نابِضهِ
وبكَيفَ أعلَنت مشاعرهُ عَن نهايةِ الحربِ

بدّل ثيابهُ المنزليةَ الواسعةَ لأخرَى تناسِبُ المَكانَ الذي سيقصدهُ
لقميصٍ أسودٍ كلونِ السّماءِ، وبنطالٍ أبيضٍ كنجومِها

وبعدَها أخذَ دفترهُ المُحبّبَ لقلبهِ، ليتّجهَ لوجهتِهِ
لمكانٍ هادئٍ يُماثِل سكونَهُ، لمكانٍ تألفُهُ روحُهُ

وعِندما وصلَ لوجهتهِ، ابتسامةٌ صغيرةٌ اعتلَت وجههُ
فقَادَ خطواتهُ ناحيةَ ذلكَ البحرِ، بحرٌ عكسَ توهّجَ قمَرهِ على سطحهِ

كانَ يُعانِق دفترهُ ناحيةَ صدرهِ، يثبّت نظرهُ على مياهِ البحرِ
يتناسَى وجودَ الأشخَاص حولهُ،كأنّما يسيرُ على جسرٍ عالٍ مخصّصٌ من أجله
لا يصل لهُ أحدٌ سواه، وربما لا تراهُ سِوى بندقيّتاه

جلسَ بذاتِ الوضعيّةِ التي يجلسُ عليهَا دائمًا
واضعًا لدفترهِ جانبًا كما حذاءهُ الذي خلعهُ مُسبَقًا

مرّ على خاطرهِ ذكرَى ذلكَ اليوم
ذكرَى ذلكَ النّهرِ الغامِض..

ذلكَ النّهر الذي انتشلَ حزنهُ عندمَا سقطَ بعمقهِ
النّهر الذي جعلهُ يُدرك بأنّهُ المُنقِذ الوحيد لنفسهِ

"هل وربما سُميَ بنهرِ الشجوِ يا قمَر؟"

تنهّدَ بعمقٍ ليفتحَ صفحاتِ دفترهِ، كاتَبًا بمنتصفِ الورقةِ..
"غطستُ بنهرِ الشجوِ يا قمَر..
فانتشلَ حُزني واضطرابِي كذلكَ بؤسِي كمَا القَلق..
فأخبرتُ نفسي بأنّي سأصبحُ قِطارًا يمضي.."

رفعَ بقلمهِ عنِ الورقةِ قليلاً، ونظرَ تجاهَ القمرِ مُبتسِمًا
ليكتبَ مُجدّدًا..
"ستبدأُ رحلتي يا قمَر، ستبدأُ رحلةٌ جديدةٌ وسترافقِني أيضًا"

أغلقَ دفترهُ ووضعهُ قربَه، تراجَع عدةَ خطواتٍ للوراء ومن ثمّ..

انطلقَ بجلّ سرعتهِ ناحيةَ المِياه، والابتسامةُ لم تبرَح شفتَاه
اندفعَ كقطارٍ مُسرعٍ لن تصدّهُ الحياة، حتّى التمَست قدماهُ برودةَ المِياه

رُغمَ تباطؤِ خطواتهِ بسببِ وصولهِ لتلكَ المِياه، ألا أنّه واصلَ الإندِفاع
حتى غطسَ أخيرًا مُبتسِمًا بإتسَاع..
"سيعودُ تايهِيونغ كمَا كَان، ولا مكانَ للحُزنِ بعدَ الآن".
_____

قَمَر | كِيم تايهِيونغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن