١٨|أرفُفُ التّجاهُل

90 19 21
                                    

بوقتِ الفجرِ وقبلَ شروقِ الشّمس
فارقَ فراشهُ يستندُ على نافذةِ غرفتهِ

لا رغبةَ لهُ اليومَ للذهابِ لعملهِ
لذَا أغلقَ هاتفهُ واضِعًا إيّاهُ على الرّفِ

سيخرجُ لمكانٍ مَا ولَا يودُّ مِن أحدٍ أنْ يُعكّرَ صفوَ ذِهنهِ
ارتدَى معطفهُ وتنَاسى مظلّتهُ رُغم رؤيتهِ للغيومِ الدّاكنةِ وكذلكَ سماعهِ لأرصادِ الطّقسِ

بندقيّتاهُ كانَت تنظرُ لمَا حولهُ
للطُرقِ الفارغةِ وللهدوءِ الذي يخيّم عَلى المكانِ بهذَا الوقتِ

المحلّاتُ مُغلقةٌ وبِضعهَا يفتحُ أبوابَهُ لتوّه
ابتسامَتهُ كانَت تشرحُ الرّاحةَ التّي تسلّلت لقلبهِ

ومِن دونِ أن يشعُر..
قادتهُ قدمَاهُ لمكانٍ لن يحبّذَ قلبَه ولَا عقلهُ استذكَار مَا بهِ

لكرسيٍ يتوسّطُ المُتنزّهَ العَام والّذي لَا يزورُه النّاسُ الآنَ قبلَ مطلعَ الشّمسِ
لتِلكَ الزّاويةِ المُفضّلةِ لهُ ولصدِيقهِ، لزاويةٍ اعتادَت وجودَهمَا بهَا مُعظَمَ الوقتِ

سمِعت أحادِيثهمَا كمَا ضحكَاتِهم، نحِيبهَم وموَاساتِهم
حتّى هدوئهُم وعدَمَ فعلِهم لشيءٍ سِوى الإبتسامِ لبعضِهم

لمعَت عيناهُ بخفّةٍ ولكنّه ابتسمَ بلطفٍ جالِسًا
كانَت بندقيّتاهُ سُتنزِلُ قطرَاتِها لولَا قطراتِ المطرِ الّتي سبقَتهَا

فمَا كانَ منهُ سِوى رفعِ قبّعةِ مِعطفهِ وإدلاءِ رأسِهِ أسفلًا بصمتٍ
ينظرُ لتلكَ القطرَاتِ كيفَ أنّها تُلامِسُ الأرضَ وكيفَ كوّنت بركةً صغيرةً بسببِ هطولِها كذلِكَ بالأمسِ

ولكِن قدومُ أحدِهم ووقوفهُ أمامهُ جعلهُ يقطّبُ مِن حاجبيهِ عندَ رؤيةِ حذاءهِ
لم يرفعَ برأسِهِ حتّى عندمَا جلسَ ذلكَ الشّخصُ بقربهِ، أهوَ أيضًا استيقظَ باكِرًا وأرادَ بعضًا منَ الوقتِ بمفرَده؟..

هذَا مَا فكّرَ بهِ..

"ألِهذَا الحدّ لا توَدُّ رؤيَتي؟"
صوتُ الآخرِ اخترقَ مسامِعهُ، بنبرةٍ هادِئةٍ اعتادَت أذناهُ علَى وقعِها ونبضَ قلبهُ مِن أجلِها

ولكنّهُ الآنَ يتألّمُ لسمَاعِها، وتنفّسهُ اعتلّ للحظَة

"لقَد انتظرتُكَ طوِيلًا مُنتظِرًا مَجيئك، ولو أنّك اشتقتَ إليّ لعانقتَني"
صمتَ تايهِيونغُ مُبتلِعًا ريقهُ، ورفعَ برأسهِ ناحيةَ رفيقهِ

رفيقهُ الّذي كانَ ينظرُ لمَا أمامَهُ بهدوءٍ ارتسمَ على مَلامِحهِ المُنزعِجةِ قليلاً
وهذَا جعلَ مِنهُ يحدّق بهِ فقَط هادِئًا ينتظرُ تبرِيرهُ

قَمَر | كِيم تايهِيونغWhere stories live. Discover now