١٥|قلبٌ سَعِيد

91 24 10
                                    

كانتِ السّاعةُ تُشيرُ إلى وقتٍ متأخّرٍ منَ الليلِ
حينَها خرجَ بهالتهِ الهادِئةِ مِن مقرّ عملهِ

يجرُّ خطواتهُ المُتعبةَ بصمتٍ
مُدلِياً برأسهِ للأسفلِ

بالرغمِ مِن أنّه وعدَ قمَرهُ بأنّه سيصبحُ قطَارًا يمضي بالفِعل
ألا أنّه لم يعلم تمَامًا من أين عليهِ البدء

عبسَ بخفّةٍ عندمَا التمسَ العجزَ داخِله
حتّى قبلَ بدئهِ بأيّ خطوةٍ، تسلّل خوفُ الفشلِ بقلبِه

كانَ سيرفعُ بصرهُ ناحيةَ القمَر
ولكن وقعت عيناهُ ناحيةَ شيءٍ آخر

ناحيةَ امرأةٍ كبيرةٍ بالسّن، تتلكأُ بخطواتهَا تتنّهدُ بتعَب
وأكياسٌ ثقيلةٌ كانت تحملهَا بيديها الضعيفتَين، تضعُها أرضًا بمرّةٍ وترفعُها بأخرَى

حدّقَ بهَا لعدّةِ ثوانٍ، وتسائلَ عنِ الذينَ لم يساعدوهَا رُغمَ رؤيتهِم لحالِها
زفرَ بيأسٍ ليقتربَ منهَا، وأخرج يديهِ مِن جيبيّ معطفهِ وانحنَى لهَا

ابتسمَ بخفّةٍ ليحملَ الأكياسَ مِن أجلهَا
وقتمَا ترمقهُ بنظراتِها المُمتنّة

مشَى بخطواتهِ قُربها، ولم يشعُر بنفسهِ رُغمَ طولِ الطرِيق
حتى تحدّثت هي مستوقّفةً إياهُ بقولهَا..
"إنهُ منزِلي، شكرًا لكَ بنيّ"

أمسكَت يدهُ وربّتت عليهَا بحنانٍ تشكرهُ لما قامَ بفعلهِ مِن أجلِها
لم ينبِس بشيءٍ ولكنّهُ أومَأ كردٍ لقولهَا

حينَها لمعَت عيناهُ بخفّة
كتلألؤِ النّجومِ أعلاهُ برقّة

وضعَ يدهُ ناحيةَ صدرهِ مُبتسِمًا بلُطف
لتنطقَ المرأةُ قبلَ دخولهَا لمنزلِها ذاكَ مُتحدّثة..
"أمرُّ بهذا الطريقِ كلّ يومٍ بذاتِ الحَال، وأحملُ أثقلَ ممّا حملتهُ الآن
أطلبُ المساعدةَ بينَ الحينِ والآخَر، وبأوقاتٍ يأتي أمثالكَ ليحمِلوا عنّي هذهِ الأكيَاس"

"ولكِن..
أحاولُ أن أعتمدَ على ذاتِي بمعظمِ الأوقات لأنّني إن انتظرتُ المساعدةَ دائمًا فسينتهِي بيَ الحالُ واقفةً لوقتٍ طويلٍ وسيعلّمني الإتّكال"

ابتسمَت بلطفٍ بعدَها لتردفَ أخيرًا..
"انتظارُ المساعدةِ مُرهِقٌ أكثرَ بنيّ، وكنصيحةٍ مِن جدّتك..
لا تنتظِر أبدًا، فإن أتتكَ المساعدةَ مرّة أو عشرَ مرّاتٍ ستتوقّفُ عَن تلقّيها بيومٍ منَ الأيّام"

كلماتهَا أثّرت بهِ كثيرًا، وجعلتهُ ينظرُ لمَا حولهُ بغيرِ إدرَاك
قدّم لهَا المساعدةَ وهاهي تعالجُ أسئلةً دارت بعقله كثيرًا مِنَ الأوقَات

بدت وكأنّها مَن قدّمت له المساعدة عوضًا عنهُ الآن..

نظرَ مِن حولهِ مُتنهّدًا بعمقٍ مُريح
وابتسامتهُ كشفت عن قلبهِ الذي يخبرهُ بأنّه سعِيد

"قمرِي..
تايهِيونغ سعِيد، سعيدٌ وبحقٍ لما فعلهُ منذُ قليل"

"هي لم تربّت على كفّ يدي فقط بل ربّتت على قلبي بلطفٍ مُريح".
_____

قَمَر | كِيم تايهِيونغWhere stories live. Discover now