الفصل الثامن

41 4 0
                                    

نظر حمزة اليها غير مصدق ... يمكنك ان تسمع صوت دق القلوب المضطربة ... و صوت الانفاس المختنقة
ضمت قدميها الى صدرها ... تبكي كما كانت في تلك الليلة ...نفس الصورة ارتسمت أمام حمزة ببشاعة واقعها
_ لقد فعلت كل هذا بك ... لما .... لماذا لم تخبري سامر ؟؟
نظرت اليه من وسط دموعها و هي تهز كتفيها :
_ و لما أخبره ؟؟
نهض حمزة ليذرع الغرفة بفوضوية تعبر عن توتره و غضبه
_ ليقوم بطردي أو ضربي .. ليقتلني حتى
قالت أماني بصوت اكتسحه الغضب :
_ حقاً !!! و يخيب ظنه بذلك الشاب الذي احتواه كابناً له .. ؟؟ لا يمكن أن أتصور المه و ندمه وقتها ..لم استطع فعل ذلك به .... دفنت ما حدث بتلك الليلة و تظاهرت بأنه لم يكن ... ان ما حدث تلك اللية لم يحدث لي لقد حدث لفتاة اخرى ..او انه مجرد مشهد سينمائي من فلم مرعب ...
كان صدر حمزة يعلو و يهبط بقوة ..مرر يده بين خصل شعره يحاول السيطرة على نفسه .. لكن كان الأمر أكبر من صبره و هدوءه .. أخذ يضرب الحائط بقبضته بجنون و هو يصرخ :
_ لقد ارتكبت جريمة بحقك ... و فوق هذا حاصرتك بتواجدي الدائم حولك ... و ختمت الأمر بزواجي منك مكرهة
تكومت أماني على نفسها و هي تصرخ :
_ توقف يا حمزة توقف ... أرجوك
لكنه لم يسمعها واصل لكم الحائط يعاقب نفسه بالألم ....
_ أحمق .. كم كنت احمقاً و غبي
رأت أماني بقع الدم التي بدأت بالتشكل على الحائط .. صرخت بفزع:
_ حمزة ... لا ... توقف .. توقف
لا جواب .. جنون مطبق سيطر عليه .... الرعب كسى قلبها .. كيف يمكن أن توقفه ؟؟؟... اقتربت منه و بدون تردد ... القت بجسدها على ظهره .. و أحاطت صدره بيديها وهي تقول باكية :
_ توقف .. أتوسل اليك
شعر بكهرباء ناعمة تسري بجسده أنزل يده ليضعهاعلى كف أماني التي استقرت على قلبه المضطرب.. ليسمع همسها الباكي و هي تقول :
_ لم تكن بوعيك .. لم تكن انت تلك الليلة ... ذاك رجل ولد لليلة واحدة ومات ... كان يجب أن أواجهك ... لاختلف الوضع بدلاً من هذا العذاب الذي استمر سنين طويلة .... لم تكن بوعيك ..
قال حمزة بصوته الأجش و هو يسحب أماني لتواجهه :
_ أماني ... صدقيني .. أنا لا أذكر شيئاً مما حدث بتلك اللية .. حتى تلك الفتاة لا أعلم من هي و كيف التقيت بها ....أنا آسف يا أماني .. لقد أخطأت بحقك كثيراً .. و أنا مستعد لأي قرار تتخذينه
نظرت اليه بعدم فهم
_ ما الذي تقصده بالقرار ؟؟؟
قال و هو يبتعد عنها قابضاً على كفه :
_ ان أردتِ حريتك فهي لك يا أماني لن أجبرك على العيش معي و قد ..
_ توقف ..لا تكمل
_ أماني ... أرجوك !!!
_ أجبني على سؤال واحد فقط ....
_ ماذا ..؟؟
_ هل كان سبب اصرارك على الزواج مني هو ظنك بأنك اقترفت ذنباً معي .. أردت أن تصحح خطأ لم تعلم إن كنت ارتكبته أم لم ترتكبه ؟
اقترب منها مسرعاً و هو يحيط وجهها بكفيه ..محدقاً بعينيها
_ بالطبع لا .. أحببتك منذ التقيتك طفلة و عشقتك مراهقة و سلمت قلبي لك امرأة ... أحبك و اكره نفسي لإيذائك ..
_ حمزة .. أنا ... لا أريد الابتعاد عنك ... أريدك الى جانبي
جاء صوتها عذباً جميلاً ... ذاب في أعماقه ليقترب من شفتيها ببطء و هو ينظر لعينيها ... ليرتشف منها شهداً اشتاق اليه بجنون ... و لأول مرة تستسلم له بالكامل .. ذابت معه ... لأول مرة تستشعر الهيام بلمساته ....
توقف الزمان .... و اختفى العالم من حولهما ... غارقين في بحور العشق اللذيذ ... توقف حمزة لينظر الى وجهها اراد أن يتأكد بأنها راضية ... راى حمرة اكتسحت بشرتها .. هكذا كانت تتورد لدى لقائه قبل تلك الليلة ... عيناها تلمعان
أمسكت كفه و هي تنظر الى اصابته
_ يجب أن تعالج يدك .. سأحضر علبة الإسعاف
منعها من الذهاب و هو يحيطها بذراعيه القويتين و هو يقول :
_ كل الجروح اليوم شفيت ....تعلمين.... أشعر بالنعاس ...... أريد ان أنام دون الخوف من أي كوابيس تهاجمني ......
ابتسمت له برقة وهي تقول :
_ ستنام مرتاحاً .. و سأحرسك من أي كابوس قد يقترب منك
هم بتقبيلها لكنها ابتعدت وهي تقول :
_ يجب أن نداوي جرح يدك في البداية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
خرجت سلام لتجد معتصم يذرع غرفة المعيشة ذهاباً و اياباً بعصبية و همجية يكاد يفتت الارض من تحته .. نظر اليها بعينين خاويتين فقدت بريق الحياة
_ هل اخبرتك ؟؟
_ أجل
_ و ...
_ لقد ..استدانت المال من شخصٍ ما ..مبلغ كبير للغاية ... و بسبب الفوائد المتراكمة .... خشيت من ان تعرف انت و والدي بعد تهديد الدائن لها بالحضور ....عملت طوال الفترة الماضية حتى تسدد ما عليها
_ تردين مني تصديق هكذا أمر ؟؟
_ ليس لدي كلام آخر
عقد ساعديه على صدره و هو يقول :
_ حسناً لنقل أني صدقت هذا الهذر ... ما حاجتها للمال .. لم يقصر ابي معها و انا و انت كنا نعطيها على حساب نفسينا .......
_ ارادت أن تشتري سيارة ...
_ سلام ... انت تكذبين علي
_ اياك و اتهامي بالكذب ... تعلم أن نورا قد تفعل اي شئ لتحصل على ما تريد.... لقد ربيناها على هذا ... تذكر انها كانت تطالب بسيارة خاصة بها و أننا رفضنا وقتها ...
_ رائع ..حقاً رائع ... و أين السيارة ؟.؟؟
_ لم تشترها لقد سُرق المال منها
صرخ بصوتاً اخترق قلوب نساء المنزل
_ سرق ؟؟
_ أجل سرق منها
_ حسناً سوف اتظاهر بتصديقك .. من هو هذا الدائن .؟؟
_ انه أمجد الرجل الذي تشاجرت معه في المحل .. لقد وظفها لتسد دينها
_ اه ... حقاً .... سأذهب لتصفية الحساب معه اذا
_ انتظر ... انه في طريقه الى هنا اتصلت به منذ ساعه
_ تحدثت اليه تلك الوقحة ؟؟
_ انا طلبت منها ذلك ليأتي و يخبرك بكل شئ .... أعلم أنك لن تصدقني بسهولة ...فالشك قد سكنك و سيطر عليك
_ اريد هاتفها الآن
_ لماذا ؟؟
_ احضري هاتفها اللعين ...بالكاد أمنع نفسي من الدخول و تهشيم راسها
_ سأفعل .. سأفعل
دخلت سلام و هي تغلق الباب ورائها و هي تخرج انفاسها التي كتمتها . .. كانت نورا منكمشة على نفسها بين احضان جمانة
_ نورا اعطني هاتفك ... من الجيد انني استخدمت هاتفي للتراسل مع أمجد
_ لا يعجبني توريط أمجد بكل هذا
_ ليس لدينا اي خيار ... لو كان لديكِ حل اخر أخبريني به ارجوك
_ قد يقوم معتصم بايذائه
حل الصمت بين الفتيات ثقيلاً ... جاء صوت معتصم المرعب و هو ينادي سلام يسالها عن الهاتف ... اسرعت اليه و هي توصي جمانة باوصاد الباب
اخذ الهاتف من يدها يبحث عن دليل ادانة... على جريمة يريد أن يعاقبها عليها مهما كانت ...في النهاية يأس من بحثه ليلقي بالهاتف باتجاه الحائط ليتحطم ..تحت انظار سلام التي تحاول استجماع ما بقي لديها من قوة
جاء صوت جرس الباب معلناً وصول امجد ...أسرعت سلام لتفتح ... أوقفها معتصم بنظرة واحدة منه ... نظرة جعلتها تتجمد مكانها
فتح الباب ليلتقي الرجلان بنظرات تكاد تكون أقوى من الرصاص ...
_ هل تسمح ؟؟
قطع أمجد الصمت .. تحرك معتصم من أمام الباب و هو يشير بيده الى الداخل ..
_ تفضل اجلس
_ شكرا ..
_ سيد معتصم .. أظنك علمت ...
_ كم المبلغ ؟؟
_عفواً؟؟
_ أخبرني بكم تدين نورا لك
_ أنا لم أتي هنا من أجل المال
_ حقاً .. ؟؟ جئت لتدافع عنها كما فعلت بالمحل
_ هي لم ترتكب اي خطأ
_ هروبها من المنزل ليس بخطأ ؟؟
_ لم أعلم بهروبها .. و لكن الانسة نورا ...
_ انا لا أطلب منك الدفاع عنها.. اريد أن أعرف المبلغ الذي تريده منها و لننتهي
_ لا أريد شيئاً منها لقد وفت المبلغ الذي عليها من خلال عملها
_ عملها!!! حسب ما فهمته هي تدين لك بالكثير
_ لقد سامحتها سيد معتصم
وقف معتصم غاضباً .. هائجاً .... و هو يقول :
_ سامحتها؟؟ لا بد انها قدمت لك خدمة تنسيك أموالك كلها
_ أخي أرجوك ...
_ لا تتدخلي سلام التزمي الصمت
اشتعل الغضب بعيني أمجد الذي وقف بدوره قابضاً على كفه بقوة مانعاً نفسه من التصرف بطريقة لا تحمد عقباها
_ لا أصدق أنك تتحدث عن شقيقتك بهذه الطريقة ... أقسم لك انها لم ترتكب اي ذنب طوال فترة عملها معي و أمي
تراشق الرجلان النظرات ..قطعه أمجد قائلاً:
_ أريد الزواج بنورا ..
صدرت شهقة من سلام حاولت قدر الإمكان إخمادها... هما لم يتفقا على هذا ..
نظر اليه معتصم بعدم فهم
_ تريد الزواج من نورا ؟؟
_ أجل ..أكثر من أي شيء ... و لا أظن أن رجلاً يقبل بامرأة منحلة لتكون أماً لأبنائه
ظهرت علامات التفكير على وجه معتصم .... أما نورا التي اتكأت على كتف جمانة واقفة خلف الباب تستمع لهذا الحديث .... لم تصدق ما سمعته .. زواج ؟؟؟ لقد جن حتماً .... كيف سوف تتصرف الآن .. إن أراد الزواج منها فعليها أن تخبره بالسبب الحقيقي لهروبها ... إنها لا تستحق رجلاً كأمجد هو يستحق فتاة أكثر براءة و طهراً
جاء صوت معتصم الحازم مسبباً ارتعاشاً بأوصالها الضعيفة
_ قبل الحديث عن أي زواج .. يجب أن تسترد نقودك .... أخبرني بالمبلغ أولاً
_ أخبرتك بأنها
_ سيد أمجد أرجوك ..لن أقبل أن تكون أختي مدينة لأي أحد و خاصة من رجل يطلبها للزواج
زفر أمجد بعدم ارتياح و هو يقول :
_ الفان
_أرجوك سيد أمجد ... الحقيقة
_ حسناً خمسة الاف .. رضيت الآن؟
نظر اليه معتصم محاولاً استشفاف الحقيقة .. لم يرى بعينيه سوى الحزم
_ حسناً انتظر هنا سأكتب لك شيك
نادى على جمانة التي لحقت به سريعاً الى غرفة النوم .....
_ أين دفتر الشيكات ؟؟
قالت و هي تناوله الدفتر
_ معتصم .. انت لا تملك هذا المبلغ
_ سأتدبر أمري
_ كيف ...ماذا اذا صرف الشيك و وجده بلا رصيد يغطي المبلغ
_ البنوك اقفلت الآن و غداً صباحاً سوف أودع المبلغ
_ من اين ؟؟
_ هذا عملي ... لا تتدخلي جمانة
في الخارج كانت سلام تحدق بأمجد غير مصدقة عرضه المفاجئ ... قالت بهمسٍ غاضب
_ لما اقحمت موضوع الزواج بالأمر
_ لأن أخاك مجنون و قد يؤذيها
_ و هل تجد ان موضوع الزواج مزحة ؟؟
_ لا ..طبعا لا ... انا ... أحبها
_ حب ..؟؟
_ و هل يوجد رجل عاقل يقبل مواجهة ذاك البركان الثائر الا اذا كان عاشقاً...؟؟
_ أمجد!!!!
_ أريد أن أراها
_ لقد فقدت عقلك
_ هل هي بخير ؟؟
_ انت تحبها حقاً
اجابها بابتسامه بلهاء ... انتقلت عدواها لسلام ... لكن سريعاً ما اختفت بحضور معتصم الذي مد اليه الشيك
أمسكه أمجد بتردد و هو يطالع وجه معتصم و قال :
_ و الزواج ؟؟
_ أعطني وقتاً للتفكير ...
_ طبعاً و هذه بطاقة تحمل اسمي و ارقامي و عنواني
خرج أمجد من المنزل ... لينهار معتصم على أقرب مقعد و هو يدفن وجهه بين كفيه .. نظرت سلام اليه باشفاق ...جلست الى جانبه و وضعت يدهاعلى كتفه ..... نظر اليها ... هالها الحزن الذي اطل من عينيه و هو يقول بصوتاً مسحوق :
_ ان ما حدث مع نورا خطئنا جميعاً لقد اسرفنا يتدليلها حتى فسدت .. سمحنا لها بارتكاب الاخطاء حتى تمادت ...
_ أعلم .. و لكنها قد تغيرت اشعر بذلك
_ تغيرت !!!
_ معتصم أرجوك اسمح لي بأن أصطحبها للمنزل
_ انسي الأمر ... لن تخرج من هذا المنزل
_ و لكن ..
_ دون و لكن ..و لا تخبري والدي بشيءٍ الآن دعينا نرتب الأمور ...و حتى ...
_ تختفي الكدمات و الجروح عن وجهها
_ تستحق ما حدث لها
_ لا تكن قاسياً ..
_ قاسياً ؟؟ عام كامل و الخيالات تأخذني و تعيدني .. لم أذق طعم الراحة و هي مختفية ......انها أختى الصغرى
_ معتصم ....
_ انسي الأمر يجب ان أجد طريقة لأتدبر المبلغ الذي كتبته في الشيك
_ كم تحتاج ؟؟
_ لا علاقه لك بهذا الأمر
_ ارجوك دعني اساعدك
_ لا .. لا تقلقي .. اهتمي بها جيداً فقط
_ معتصم .. هل ستوافق على الزواج ؟؟
_ لا أعلم يجب أن أسال عنه و أعرف أصله و فصله ... شخص يدين الناس بفوائد .... ليس جديراً بالثقة ... و ما زلت لم أفهم بعد كيف تعرفت به نورا و تجرأت على طلب المال منه ..
_ صديقة لها ... طلبت المال من أمجد و أوصلته لنورا ... لم يتعرفا وجهاً لوجه الا بعد ان تاخرت بالسداد
فكرت سلام بأن الكذب يصبح اسهل و اسهل ... لا تعلم من اين جائتها الجرأة لترسم كل هذه الاحداث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأول مره تدخل مكتبه الصغير في المنزل ... كان يقضي وقتاً طويلاً في عمله هنا ... في كل ركن تتجسد صورته أمامها ... وضعت يدها على بطنها ..كما لو كانت تبث لجنينها قصصاً عن والده الغائب ...
جلست على مقعد المكتب ... مررت اصابعها على أوراقه التي لازلت متناثره .... و على ادراجه نصف المفتوحه .. حاولت لسنوات طويله أن تجعله مرتباً في عمله و لكنه كان يقول بأنه لا يحسن العمل الا من وسط الفوضى المرتبه التي لن تفهمها يوماً ..لن تنسى وجهه عندما عاد يوماً ليجدها نظمت أوراقه و ملفاته ... شعرت به تائهاً لا يعلم ماذا يفعل .... غابت عنه لأقل من ساعه لتجده قد قلب المكتب راساً على عقب ....
تذكرت اليوم الذي اشترى فيه المكتب يتبهى و يتفاخر بالصفقه التى ابرمها مع البائع و انه قد أشتراه بثمن ببخس بالنسبه لقيمته ... و كان كالطفل الصغير و هو يعرض عليها الدرج السري الملحق بالمكتب قال أنه سيضع فيه أغلى ما يملك
فتحته بالطريقه التي علمها أياها .. لم تجد سوى دفتر صغير و صوره ... صوره لها من رحلتهما الأخيره الى فرنسا ...كتب عليها من الخلف " حب حياتي و أغلى ما في الوجود "
حاولت تمالك دموعها و لكن ... ما رأته بالدفتر الصغير جعل دموعها تتحجر ...حروف و أرقام غير مفهومه ... من أول صفحه لأخرها .. تبدو كالشيفره ...و ما خطى على اخر صفحه أكد ظنونها
" شيفره رقم 6 "
" ريتاج .. أن وجدت هذا الدفتر و قد حدث لي شئ..اتصلي بهذا الرقم "9453547673"
شعرت بقلبها ينتفض من مكانه و هي تهمس
_ ما الذي ورط نفسك فيه يا فراس .؟ ... ما الذي فعلته ؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تدعو الله بحياتها كما فعلت بهذه الليلة التي تبدو لها بلا نهاية ..... تدعو بكل قلبها أن تعود ياسمين سالمه .... اختها الصغرى التي ربتها بعد وفاة ولدتهما ... هي ابنتها قبل أن تكون اختها ... أوقفت حياتها و مستقبلها ..... لتكون بجانبها ... تخلت عن حب حياتها لتكون الى جانب صغيرتها حتى تجد هي شريك الدرب و موطن الأمان و الاستقرار ... و لكنها بدل ذلك تسقط بمطب تلو الأخرى ... متى سوف تعرفين الراحه صغيرتي ... حتى أرتاح معك .... متى سيعود صغيرنا يزن لننعم بالهدوء .....اه يا ياسمين يا جرحي الذي لا يبرء
بكت كما لم تفعل يوماً ... لم تبكي بهذا القدر يوم وفاة أمها ....لم تبكي وهي تتجرع قسوة والدها الذي يضيق النطاق عليها و على ياسمين ..لم تضعف يوماً .... كانت صخره ثابته في وجهه العواصف التي تضربهما من كل حد و صوب ..... هي الوحيدة التي وقفت بوجه حازم الذي اذاق أختها المرو العلقم ... و لولا تمسك ياسمين به لكانت خلصتها من براثنه وقتها ... لكن اليوم تقف عاجزه ..لا تعلم مكانها ... تشعر بأنها تخسرها مع كل دقيقه تمر
فتحت كتاباً تضعه الى جانبها دائماً .... لتتوقف على اسطر تم تحديدها بقلماً خطاط ...
أي شيء في العيد أهدي إليكِ؟...يا ملاكي وكل شيء لديكِ
أسواراً؟ أم دملجاً من نضارٍ...لا أحب القيود في معصميكِ
أم خموراً؟ وليس في الأرض خمر...كالذي تسكبين من عينيكِ
أم ورداً؟ وليس أجمل عندي...كالذي قد نشقت من خديكِ
أم عقيقاً كمهجتي يتلظى...والعقيق الثمين في شفتيك
ليس عندي شيء أعز من الروح...وروحي مرهونة بين يديكِ
ايليا ابو ماضي

الشبحWhere stories live. Discover now