الفصل التاسع

36 4 0
                                    

وقفت أمام باب شقتها .. تذكرت أنها تركت حقيبتها بشقة حازم ... فيها مفاتيحها و هاتفها .... كيف ستدخل الآن ؟؟؟ ... عادت ادراجها لتتوجه الى مقر عمل سعاد لتأخذ مفاتيحها .. لكنها تفاجأت بقنبلة متأهبة للإنفجار تقف أمامها
_ تأخرتي ....
_ انت .. ما الذي تفعله هنا ؟؟.. الم انتهي منك
قال وهو يمسك وجهها غاضباً بيد واحد ... لكنها لم تحد بنظرها عنه بتحداً واضح:
_ توقفي عن محاولتك التظاهر بالقوة .... و ان كنت تظنين بانك سوف تتزوجين من ذلك الأحمق ... فأنت مخطئة للغاية
_ لا تتدخل بحياتي
ترك وجهها ليمسك معصميها و يهزها بقوة و هو يحاول جاهداً كتم صوته الحانق قائلاً :
_ اياكِ ياسمين .. اياك ِ .... ستفقدين اي فرصة لرؤية يزن ... حينها عليك أن تنسيه نهائياً
قالت بهدوء ينافي الموقف و المنطق :
_ سوف استعيده .... ثق بي
زاد من ضغطه على معصميها دون ان تصدر آهة ألم واحدة
_ سوف تموتين ياسمينتي ... يوم يكتب كتابك على رجل غيري ...ستوقعين على شهادة وفاتك ... هل تفهمين؟؟
_ وقعت عليها وقت زواجي منك و حصلت على شهادة ميلادي الجديدة يوم ارسلت ورقة الطلاق
_ انت حمقاء و غبية ..تنصبين منصة اعدامك بيدك
_ ارحل من هنا حازم .. لم أعد أخافك
رفع يده و صفعها على خدها ... بقيت ثابتة مكانها ... دون ان تحيد بنظراتها للحظة ...
_ والان ياسمين
قالت وهي تمسح بباطن كفها خيط الدم الذي سال من شفتها مطلقة نظرات التحدي ... مبتسمة بسخرية :
_ لست خائفة منك لقد انتهى عهدك
القى بها أرضاً بقوة وهم بركلها لكنه توقف في اللحظة الأخيرة .. امسك بمعصميها من جديد و رفعها قائلاً :
_ هذا اخر تحذير لكِ .... سوف اتفهم انك غاضبة و لست واعية لما تقولينه
عندها انفلتت منها ضحكة مجنونة و هي تقول:
_ تتفهم !!!!
نظر حازم لتلك المجنونة المعلقة بين يديه و هي تضحك بهستريا واضحة
اطبق بيده على فمها و هو يقول:
_ سوف اتركك الآن و لكن سأعود لأخذك معي عندما تعودين لوعيك ..مجنونة
تركها و هي لا تزال تضحك بجنون و ما ان رحل انهارت قدميها لتجلس على درج المبنى باكية, مقهورة و متألمة
خرجت إحدى الجارات التي استمعت للحديث كاملاً دون أن تتدخل ...
_ هل أنت بخير ياسمين ؟؟
اجابتها بالبكاء الذي يحرق القلب ..ساعدتها على الوقوف و ادخلتها الى شقتها و هي تقول
_لنتصل بسعاد سوف تساعدك ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
جلس حمزة أمام سامر يستمع باهتمام
_ انتونيو ريماريو
_ تاجر الاسلحة الايطالي ؟؟
_ بالضبط.. رجلنا في داخل عصابته ابلغني بمعلومة جديدة
_ تكلم ...
_ شحنة كبيرة من الاسلحة يتم تحضيرها و من المشتبه ان تكون للمنظمة أكس
_ مشتبه ؟؟
_ لم يتمكن من تأكيد المعلومة
وقف حمزة بتوتر وهو يزفر بضيق
_ طريقة العمل هذه لن تنفع
_ حمزة!!!
_ نحن نلف بدوائر مغلقة منذ عام
_ قد تكون الشحنة بالفعل لمنظمة اكس وعندها قد نصل لأحد كبارها
_ و هل تظن ان عملية الشحن ستكون سهلة المراقبة
_ نحن نقوم بما نقدر عليه .. تذكر أن مواردنا محدودة
_ أعلم ..يا سامر ولكن هذا لا يكفي
_ و ما الذي تريده ؟
_ لا أعلم و لكن كل جهات الأمن في العالم تطارد الشبح متناسية انه في النهاية مجرد فرد واحد من منظمة ضخمة لها جذور راسخة...ان ارادوا القضاء عليها يجب ان تدمر الجذور لا أن تلاحق الفروع
_ حمزة !!!!
_ كان أملي كبيراً بالعقيد زياد طارق و لكنه...
_ ولكنه تعرض لموقفٍ أكبر منه
_ أعلم .. اصبح الأمر عنده شخصي ...ففقد النظرة الشاملة للأمر
_ حمزة .. هل وصلت لنتيجة من خلال اطلاعك على سير عملية روسيا
_ لا شئ يذكر ....
_ دعنا الآن نركز على موضوع شحنة الأسلحة قد نصل لشيء
_ كما تشاء
_ سأسافر الى ايطاليا خلال يومين لأتابع سير العملية سأبدأ العمل على جوازات سفري المزيفة
قال حمزة و هو يبتسم بطريقة عابثة
_ تشعر بالسعادة عندما تقوم بهكذا عمل
_ لن أنكر ...هذه موهبتي
قال حمزة و هو يدلك رقبته باضطراب
_ كم اخشى أن يكتشف أمرنا قريباً لنجد انفسنا نحاكم امام محكمةعسكرية بتهمة الخيانة العظمى
_ تعلم أن أهداف منظمتنا نبيلة
_ اعلم .. ولكن لن يفكروا بالأمر بهذه الطريقة.. لقد اخترقنا جميع انظمة دولتنا و دول أخرى .. بالاضافه للجهات الأمنية
_ لقد قلت بنفسك جميعهم يسعون للقضاء على الشبح و تحقيق السبق بذلك ...فاقدين النظرة الشاملة للامر
_لا تنسى أنهم يخفون المعلومات الجديدة عن بعضهم حتى ضمن شعب جهاز الانتربول
_ يريدون ان يكونوا السباقين في اسقاط الشبح
_ و هذا خطئهم
ساد الصمت بينهما للحظات قاطعه سامر قائلاً :
_ هل استعدت قدرتنا على اختراق اتصالات الانتربول بشكل جيد؟؟
_ اجل و بطريقة غريبة
_ ما الذي تعنيه ؟؟
_ ليست ياسمين من تدير العملية
_ كيف عرفت ؟؟
_ احفظ اسلوبها و قدرتها ...من يجلس الآن غافل تمام عما نفعل
_ أخشى ان تتعرف تلك الفتاة على اسلوبك كما عرفته انت
_ لهذا أحاول جاهداً عدم التدخل بالأمر بشكل مباشر ولكن اخشى أن اصل لمرحلة تجعل تدخلي ضرورياً
_ أرجوك انتبه .. يكفينا خسارة فراس ... و كل الاسماء التي كانت معه ... برحيله عدنا لنقطة الصفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
دخل الى غرفة الجلوس ..... رأها تحتضن الوسادة بقوة ... علم انها خائفة ....تصارع أفكارها الخاصة .... كم كان غاضباً ... تهددها عقله و توعدها لخروجها من المنزل بهذه الطريقة .... لكن ما أن رأها حتى أطاح القلب بهذه الأفكار ليسكن صدره الحب الممزوج بالألم ... لم يتصور يوماً أن تكون هي من تدفعه لأمر لم يتصوره ... الزواج بأخرى !!!! لن ينكر أن جزءاً منه دفعه لخطبة ياسمين معاقباً اياها لمحاولتها الضغط عليه ... أنه زياد ..العقيد زياد ...يحبها بطريقه لم يعلم أنه يستطيعها ... هو رجل جاف و قاسي ..يهابه الكثيرون .. ولكن ... أمامها يصبح طفلاً صغير يستجدي الحنان و الحب ...
التزم الصمت ....لم يعلن عن وجوده .... كم تمنى ان يتوقف الزمن عند هذه اللحظة .... يعلم ان ما سيحدث بعد قليل سيغير الكثير ... لن تبقى القلوب كما كانت ....
_ الى متى ستقف هناك صامتاً ؟؟
ابتسم زياد ... هذه محبوبته
_ حتى تأتي زوجتي لترحب بي كما اعتادت
القت دلال الوسادة سريعاً لتسرع اليه و قلبها يسبقها ...عانقته كما لم تفعل يوماً ....قلبها يخبرها بأنها خسرت اليوم ... ضمته بقوة و هي تعلن أنه لها ... زياد يخصها وحدها
_ اشتقت لك زياد
قال و هو يبعدها لينظر الى وجهها :
_ لو كنت تشتاقين حقاً ما كنت تركتي منزلك ... لكنت وقفتي على اعتابه لتلتقيني
خفضت راسها قليلاً
_ انا .... أردت أن تجد طريق حياتك
قال و هو يضمها لصدره بقوة اوجعتها ... كما لو كان يعاقبها على أفكارها
_ ايتها الحمقاء متى ستفهمين أنك حياتي و عمري و قدري
_ زياد ....
قال و هو يهمس باذنها كما لو أنه خشي أن يسمعه غيرها :
_ دلال ... أنا متعب ... متعبٌ للغاية
وضعت يدها على وجهه و هي تقول :
_ تعال حبيبي
أمسكت كفه تقدمت نحو الأريكة.... جلست هي .. لينام واضعاً رأسه على حجرها ... بدات تداعب خصل شعره بأصابعها الناعمة... واضعة اليد الثانيه على وجهه الحليق ... أمسك كفها التي على وجهه ليطبع قبلة عميقة بث فيها الكثير من المشاعر المختلطة...
_ دلال ... لنعد الى منزلنا ...
توقفت دلال عن مداعبة شعر زياد ... لتقول بصوت مضطرب :
_ زياد ...أخبرتك أنا ...
قاطعها زياد بحزم :
_ لا تتوقفي ...
عادت لتخلل أصابعها في شعره .. تعلم أن هذا يريحه و يهدأ من غضبه .. لكن هذه المرة ...ليست ككل مرة ... غضبه هذه المرة لن ينطفئ بلمسة منها كما اعتادت
_ دلال ..هل لازال قلبك ملكاً لي ؟؟
_ كيف تسأل عن أمراً كهذا ؟؟؟ بالطبع هو ملكك ... أعشقك زياد ... و في كل يوم ينمو هذا الحب أكثر و أكثر
وضع يده خلف رقبتها ليدفع وجهها قريباً من وجهه قائلاً بهمس مؤلم :
_ ولماذا أصبح حضورك باهتاً هكذا ؟؟
_ زياد!! لا تحملني أكثر من طاقتي أرجوك ... لم أعد أعرف ذاتي ..ضيعتها ... أصبح الحزن طريقتي و أسلوب حياتي
_ مددت يدي لك ألف مرة لأخرجك من هذه الدوامة
_ لن ينفع تصرف الفارس هذه المرة ... لا تحاول أن تحل الأمر لست قضية تعمل على فك طلاسمها
تركها و هو يخرج نفساً ساخناً ... شعرت به يحرقها
_ أعلم بأنك لست قضية ... أعلم بأن ما حدث معك يهد الجبال ... أعلم بأن ما حدث معك ..حدث بسببي و ...
وضعت يدها على شفتيه تمنعه من اكمال الحديث
_ إياك زياد أن تحمل نفسك الذنب ..اياك ... كل شيء مقدر و أنا مؤمنة بذلك .... لكن لا يمكن أن تمنعني من الحزن
_ دلال ...
_ اسمعني زياد ... صدقني عندما تتزوج و ترزق بأبناء .... سأكون الى جانبك أساعدك على تنشئتهم أو بالأحرى سأساعد زوجتك لأنك ستكون مشغولاً بتطهير العالم من الأشرار
_ يقتلني حديثك عن هذا الأمر بهذه البساطة .....
_ ما عشت و لا كنت في يوم
_ دلال ... اطمئني صغيرتي .. خلال أيام ..سأعقد خطوبتي
شعر بجسدها الصغير يرتجف بشدة تحت وقع كلماته .... نهض سريعاً ليحيطها بذرعيه بقوة .لكنها لم تتوقف عن الإرتجاف ... بدأت دموعها بالتساقط
_ أحرقيني يا دلال بدموعك ... عاقبيني أكثر و أكثر ... انا من أوصلنا لهذه الحال ..انا السبب ... وقد أصدرت الحكم وسأتحمل
آهات مكلومة خرجت من صدر دلال و هي تغطي فمها و هي تهز رأسها على صدره وهو يزيد من ضمها اليه.. رفع رأسه الى السماء يطلب النجدة من الله .....
_ دلال .. انت لا تريدين مني الزواج ...قوليها ..؟؟
رفعت راسها اليه بسرعة
_ بلا ...بلا ... لم أقل أن الأمر سيكون سهلاً ... أعلم بأني سوف أتألم
أحاط وجهها بكفيه و هو يقول :
_ و كيف تريدين أن أكون أنا السبب في ألمك ..؟؟
_ لست السبب ..لست السبب
نظر زياد اليها مطولاً ليعاود صهرها بين أضلعه ...
_ هناك شىء لم أخبرك به دلال
انتظرته ليكمل حديثه
_لم تكن المرة الأولى
_ لا أفهم
_ لم يكن لقائنا الأول في ذلك المطعم ....عرفتك قبلها بعامين و أحببتك ....
_ ماذا ؟؟
_ و قد عرفتني أنت أيضاً
_ أنا لا أفهم
_ كنت طالبة في السنة الثالثة .... و كنت أنا أعمل لدى قسم مكافحة المخدرات ..تم زرعي بينكم كطالب نقل من جامعة اخرى كنت أنا ....
_ رامي العمري ..
_ دلال!!!
_ أخبرني ألم تكن هو
نظر زياد اليها و الدهشة تتملكه
_ كيف علمتي ...؟!
قالت دلال و دموعها تنهمر بقوة و هي تضرب صدره الصلب بقوة :
_ ايها الأحمق ....ايها الأحمق
_ دلال ....
_ اتذكر عندما سألتني في بداية زواجنا إن كان قلبي قد جرح من قبل ...
_ بالطبع قلتِ أن هذا لم يحدث
_ و قلت أنت بأني كاذبة ...
_ لم أقصد و لكن ..
_تحسن معرفة الصادق من الكاذب ...رامي .... هو من جرح قلبي ... انت .. أنت باختفاءك وقتها بشكل مفاجئ ..علقت قلبي و ذهبت ... ذهبت فقط كما لو لم تكن .. ظننت ان قلبي لن ينبض من جديد
عادت لتضربه على صدره بيدها الصغيرة
_ عامين يا زياد ..عامين ... كيف طاوعك قلبك لتتركني كل هذا
أمسك وجهها بيده ليطبع على شفتيها قبلة طويلة جعلتها تستكين و تهدأ ... قال وهو يسند جبينه على جبينها :
_ كنت أخشى عليك من نهج حياتي و قد كنت محقاً
_ لا ..لست محقاً ... لست محقاً بالمره ... لهذا شعرت بالألفة الفورية لدى رؤيتك بالمطعم لقد عرفك قلبي
_ دلال .. كيف يمكن أن تحبي شاباً عابثاً !!
_ لهذا كنت أبكي يوم تحدثت الي
_ لا أفهم دلالي أخبريني
ضحكة رقيقة صدرت منها من وسط دموعها ....كم اشتاق اليها .... جعلته يبتسم كما لم يفعل منذ زمن
_ كنت أراك تركب دراجتك النارية ...تتصرف باستهتار ... تفتعل المشاكل ... ترافق الفتيات .. كنت نموذجاً للشاب الجامح الطائش ...
_ كان دوراً ألعبه لأحقق هدفي
_ في كل مرة كنت أراك فيها ...كان هناك شيئاً يتحرك بداخلي ... لكن أنكرت هذه المشاعر ...لا يمكن أن أحب شخصاً بهذه الصفات ..حتى جاء ذلك اليوم ... رأيتك فيه مع .. معها .....كنت تحتضنها بين ذراعيك
_ ماذا؟؟
_ تلك الفتاه ..شهيناز
_ كنت احميها !!!
_ مما ؟؟
_كان هناك من يهدد بقتلها لأنها هي من كشفت لي أمر الشبكة ...يومها قام شخص باطلاق الرصاص ناحيتها من مسدس مزود بكاتم صوت لهذا لم ينتبه الطلاب .... احطها خوفاً من اطلاق رصاصة ثانية
_ كنت تعرض نفسك لاطلاق الرصاص من أجلها!!!
_ دلال ... لهذا كنت تبكين يومها ؟!
_أجل شعرت بالغيرة و الحزن
_ حبيبتي ..
_ أذكر كلماتك يومها ...أذكرها كما لو كانت البارحة " دموعك غالية ...لا تهدريها ... "
_ قلتِ " أنا لا أهدرها .... هناك من استحقها "
_ قلت أنت " انا أحسده و هو أحمق لجعلك تذرفينها "
_ رددتِ علي " هو أحمق فعلاً أكثر الناس حمقاً "
_ و بعدها اختفيت .. فقط اختفيت
قال و هو يعبث بخصل شعرها القصير :
_ دلال ..لنعد الى منزلنا
خفضت راسها و هي تقول :
_ أرجوك ليس الآن
_ دلال !!!
_ أرجوك ..لا أريد أن أضعف و أقف بطريق زواجك
وقف زياد و هو يمرر أصابع يده بشعره غاضباً
_ دلال للمرة الأخيرة سأطلب منك العودة الى المنزل
_ لا
قال بصوت هادر :
_ تعلمين بأنني لست من النوع الذي يتوسل و يرجو ...إن لم تعودي الآن معي .. فلن أطلب منك بعدها
التزمت الصمت و هي تعيد احتضان وسادتها ... نظر اليها متألماً ... و من ثم خرج كالعاصفة الهوجاء و هو يحترق من الداخل ... فتح باب المنزل و اسرع بالخروج و نيران الغضب تعميه ....
_ زياد
جاء صوت ريتاج من خلفه تناديه ... تذكر أنه وعدها بالبقاء حتى عودتها عندما اتصل بها يخبرها بحضوره .....
_ ريتاج أنا اسف لقد نسيت ....
_ تشاجرت مع دلال
اجابها بتنهد قوي عبر عن مدى انفعاله و هو يقول :
_ اعذريني لا استطيع العودة الى فوق
_ لا بأس لنتحدث في الحديقة المقابلة لنا
وقفت ريتاج تحارب توترها أمام زياد الذي ينظر اليها بقلق
_ ما الأمر ؟؟..... تبدين مضطربة للغاية
_ زياد ... أرجوك أخبرني بشيء ..بصدق ... الحادث ..هل كنت المستهدفة ؟؟
_ ما الذي تعنينه ؟؟
_ أخبرني ...
_ ريتاج ما الأمر ؟؟
قالت و هي تخرج الدفتر الصغير من حقيبتها بيد مرتجفة :
_ وجدت هذا بين أوراق فراس
أخذ زياد يقلب أوراقه و هو عاقد الحاجبين
_ هذه شيفرة بالغة التعقيد ..من اين حصل عليها ؟؟
_ لا أعلم هل تفهم منها شيئاً؟!
_ بالحقيقة لا .. العمل على حلها يحتاج الى ايام او حتى شهور ... هذا اذا كان من الممكن ..هذه شيفرة تستعمل لمرة واحدة لهدف واحد و لا يعاد العمل بها ...انها من أكثر الأنواع تعقيداً
_ أرجوك زياد .. هل من الممكن أن تقوم بذلك دون ذكر اسم فراس ؟؟ أرجوك
_ هذا يعتمدعلى ما سأجده يبدو الأمر خطيراً
_ يا الله ... !
_ لا تقلقي إن كان بإمكاني تنحيته عن الأمر سأفعل ولكن لا أعدك ...
_ و الآن سأعيد سؤالي عليك زياد .... هل أنا المستهدفة من ذاك الحادث؟!..ليس لفراس علاقه بالأمر ...؟!
_ تعلمين أن التحقيق بالأمر خارج صلاحياتي ... و لكن أظنك كنت المستهدفة
_ كيف .. اليست الاطاحة بمنظمةx من صلاحياتك ؟؟
نظر الى الأرض وهو يفكر
_ زياد... ما الأمر ؟؟ ما الذي تخفيه ؟؟
_ ريتاج أظن أن من قام بهذه العملية ...... مخابرات بلادنا ..
شعرت ريتاج بالأرض تميد من تحت قدميها ..أسرع زياد بمساعدتها لتجلس على أحد مقاعد الحديقة
_ يا الهي ..يالهي .... كيف ..كيف ؟؟ انا لا أفهم
_ اهدأي ..ما أخبرك به هو مجرد استنتاج
_ استنتاج!!! منك أنت يصبح الأمر واقعاً
_ ريتاج... ما كان يجب أن أقول لك شيئاً
_ أريد أن أفهم ..كيف علمت ؟؟
_ الأسلوب ..طريقة التنفيذ .... و الاتفاقية التي تم توقيعها بعد ذلك بايام
_ عن أي اتفاقية تتحدث ؟؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_ هل تقصد اتفاقية تزويد بلادنا بالمياه ؟؟
_ أجل .. هذه الاتفاقية بالتحديد
_ و ما دخل زوجة فراس بهكذا أمر ؟
_ سامر ... هل نسيت عملية خطف الطائرة والتي كان الهدف منها تصفيتها
_ حمزة ...انت من قلت هذا... لم يعلن عن الأمر
_ بالطبع لم يعلن و خاصة مع مقتل كل الخاطفين لا دليل ملموس
_ و ما قصة الاتفاقية ؟؟
_ الماء ..الماء يا سامر .. نحن نتأرجح تحت رحمة دولة احتلال تزودنا بالماء ....قد يقومون باي عمل حتى يتم تسير الاتفاقية
_ هل تعني ان تصفية ريتاج كانت من شروط الاتفاقية الخفية؟
_ بالضبط
_ لكنهم فشلوا .....
_صحيح و لكنهم اطمأنوا الأن ماحدث لريتاج بالتأكيد سوف يهزها ويلهيها عنهم..... يبدو ان ريتاج تقترب من أمراً ما يحاولون اخفائه
_ حمزة... افكارك ترعبني
_ هذا الواقع.. ما يحاك خلف الستائر قد يفتت الحجر الأصم ...
أمسك حمزة رأسه و هو يصرخ من ألمٍ مفاجئ أصابه ... وقف سامر مذعوراً... ساعد حمزة على الجلوس
_ حمزة هل انت بخير ؟؟
_ بخير.. بخير لقد سكن الألم
_ هذه ثالث مرة أراك بهذا الحال ..عليك أن تراجع الطبيب
قال حمزة و هو يدلك جبهته :
_لا تقلق ..لا بد أن قلة النوم هي السبب
_ حمزه ..أرجوك
_ سامر تجاوز الأمر ....أنا بخير الآن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
ادخلها المنزل و هو يسحبها من معصمها ... دفعها الى الداخل مغلقاً الباب بقوة جعلت قلبها ينقبض ... عواصف هوجاء تضرب روحها بلا رحمة ... كل خلايا جسدها ارتجفت بعنف .. تجنبت النظر المباشر اليه و هي تدلك معصمها الذي اصيب من قوة قبضته .... عاود الإمساك بذراعها ليسحبها مجدداً .. عندما أدركت و جهته ... حاولت تحرير ذراعها من قبضته
_ الى أين ... توقف .... لا يا حاتم لا
عندها استدار ليواجهها بغضب البراكين المستعرة ... مسدداً صفعة صدمتها دون أن تشعر بقوتها ..... كادت أن تسقط ..لكن حاتم طوقها بذراعيه و هو يصرخ :
_ هذا سداد الصفعة الأولى سلام
رفعها على كتفه .... مطبقاً على جسدها مانعاً اياها من ابداء اي مقاومة .... فقد القدرة على الصبر ...أراد أن يثبت حقه بتملكها .... مهما حاولت الانكار أو المقاومة ... .. القاها على الفراش كدمية قماشية خفيفة لا وزن لها .. نهضت سريعاً و حاولت تجاوزه .. لكنه أطبق على كتفيها كما المقصلة ..نظر اليها بعينين تشتعلان غضباً و حقدا أسود ... قال بصوتٍ يشبه حفيف الأفاعي السامة
_ قصى .. من هو ؟؟؟
قالت بصوت مرتجف و هي تحيد بنظرها عنه :
_ لا أحد .. إنه لا أحد
_ لا أحد !!!!
حدقت بصدره الذي يعلو و يهبط بسرعه جنونية ..
أمسك بشعرها ليشد رأسها مجبراً اياها على رفع رأسها بمواجهته
_ من هو يا سلام ؟؟ هل هو عشيقك ؟؟ منذ متى .؟ تكلمي
قالت و هي تحدق به غاضبة :
_ ليس كل الناس خائنون مثلك
قال و هو يزيد من شد شعرها حتى سمعت صوت الجذور تتقطع :
_ ان كانت أختك تعتمد الغواية هواية فلا أظنك أكثر براءة منها
_ انت مجرد انسان حقير و وضيع لا ترى في الناس الا السواد ..كما هو قلبك
القاها على السرير بغضب .. ارتطم رأسها بحافته لتسقط أرضاً
شعرت بخيط ساخن من الدم يسيل من جبهتها ... أما هو فكان يذرع الغرفة بغضب و توتر و هو يقول :
_ لما صعبت الأمر علينا .. أختك اخطأت ... هي من كانت تظهر امامي بملابس تكشف أكثر مما تظهر ...تتعمد الحركة امامي بإغواء يثير غرائز ناسك ... لم ترحمني و هي تتحدث معي بغنج و دلال .... أنا رجل ... كيف يمكن أن أقاوم أمراً كهذا
التفت اليها و هو يشير اليها بسبابته مرتجفاً :
_ و أنتِ ..أنت ِ.... كنت تتصرفين معي ببرود تام .. النقيض تماماً عن نورا... لم تسمحي لي يوماً بأن أتقرب منك ِ ..... كنت دائمة الخجل و التردد ... لم تسمحي لي بلمسك طوال فترة الخطوبة
جلس على الأرض أمامها و هو يتكلم كما لو أن مساً من الجنون أصابه ..ممرراً اصابعه على شفتيها ...
_ هل تذكرين يا سلام كم من مرة حاولت تقبيلك و لكنك تهربتي مني .....
انكمشت بعيدا عنه و هي تحاول الابتعاد قدر الإمكان ..لكنه عاود الاقتراب و هو يضع يده على ذراعها
_ هل تذكرين كم من مرة حاولت لمس جسدك الذي يشعل النار في قلبي
قالت بصوت مرتجف و هي تحيط نفسها بذرعيها :
_ لم نكن زوجين .. لم يكن قد كتب كتابنا قبل يوم الزفاف
_ كتب الكتاب ...؟؟ أتظنين اني لم أنتبه لرعبك يوم الزفاف و ارتجافك المجنون .. كنت تنظرين الي كما لو كنت جلاداً سينفذ بحقك حكم الإعدام
عندها نظرت اليه بغضب يكاد يطيح به :
_ أتريد ان تعلم ايها المخادع لماذا كنت أرتجف .. لاني رأيتك مع مديرة مكتبك المحترمة متعانقين في المكتب ... رأيتك يومها و قررت تجاهل الأمر باسم الستر و عدم اثارة الفضيحة ..خفت على والدي ... لكن كنت حمقاء و غبية ... لو أنني أنهيت الموضوع وقتها لما علقت بهذه الداومة المقرفة معك
تطلع اليها حاتم غير مصدق ... كاد قلبه أن يقفز من صدره ... كم يشعر بالوضاعة امامها و لكن .. انقض عليها ليطبق بشفتيه على شفتيها بقوة ... شعرت بالهواء ينسحب من صدرها ... كانت تختنق ..... حاولت أن تدفعه بيدها و لكنه قرر ان لا يرحمها ..هي له شاءت أم أبت
بدأ يمرر يده على جسدها ... و انزل شفتيه على رقبتها ..أخذت تصرخ و هي تلهث :
_ لا ..يا حاتم ..ابتعد أنا لا أطيق قربك ..ارحمني و ابتعد
وقف و هو يرفعها عن الأرض مطيحاً إياها على الفراش... قال و هو يبتسم ساخراً بألم مبتعداً عنها ... و خبث الدنيا يطل من عينيه
_ لا يهمني ما تريدين .. المهم ... أنت في بيتي .. بين يدي ... على سريري
نظرت سلام حولها سريعاً .. خطر لها أن تقز من النافذة ...وقفت سريعا ..فهم حاتم مقصدها ..عاد ليحيط خصرها بقوة :
_ ايتها الحمقاء ... نحن في الطابق الخامس ... تودين الموت
_ الموت اهون علي من أن تلمسني و تتحكم بمصيري
عاد ليرميها على السرير ... بدأ بخلع معطفه القاه أرضاً ....فك أزرار قميصه ببطء متعمد .....مستمتعاً بالذعر المرتسم بعينيها أكثر و أكثر مع كل زر يحرره .. حتى انتهى ... الحقه بالمعطف .... اقترب ببطء و هو يحرر حزامه ...
حاولت النهوض و هي تشهق بالبكاء . .. لكنه أطبق على يديها و هو يحاصر جسدها بجسده هامساً بجانب اذنها :
_قاوميني يا سلام ...قاومي و سوف اتصل بمعتصم و والدك و اخبرهم عن هوية الفتاة التي قبلتها يوم الزفاف ... لا أظن انهم علموا ..لأن سلام الغبية اختارت الدفاع عن أختها الوضيعة ...
نظرت سلام اليه برعب مضاعف دون ان تتمكن من النطق .. ابتسم منتصراً ليبدأ
بنهش جسدها دون رحمة او التفات لدموعها التي اخذت تتساقط .. شعرت بلمساته تضربها كالسياط المشتعلة ... تجمد جسدها ... توقف قلبها عن الخفقان ..و اصبح التنفس عندها فقط أمراً حتمياً عند لحظات اختناقها .... ارتسمت امامها صورة هربت اليها حتى ينتهي من قتلها البطئ... كانت الصورة لعازف كمان يحدق لعينيها عازفاً أجمل لحن ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
سيارة الاجرة الصغيرة تنهش الشوارع بسرعة متجاهلة كل يد تطلب منها التوقف ... لم يكن ليخرج السيارة من مخبئها بنمرتها المزيفة الا في الحالات الطارئة ... تنكره الضعيف بشعر مستعار و نظارة كبيرة لا تتناسب مع احترافه كان أكبر دليل على اضطرابه و توتره ... لم يكن يمتلك الصبر و الوقت بعد ما سمعه على الهاتف ...لن يترك حوريته بين يدي رجل وضيع ...
_ حيدر .. هذا ثالث منزل أبحث عنه فيه
_ و ما ذنبي إن كان يمتلك تسع xxxxات مسجلة باسمه ... قصي ما الذي تريده من هذا المدعو حاتم ؟
_ لا دخل لك ... قم بما أطلبه فقط ...لهذا أدفع لك ... هذا العمل يتعلق بي و ليس بالمنظمة
_ كما تشاء ايها الشبح العظيم ... هل وصلت ؟؟
_ أعتقد ... هل يملك سيارة مرسيدس سوداء تحمل الرقم 838534
_ لحظة ؟؟
_ اسرع ...
_ تمالك نفسك ..أنا هنا أعرض نفسي للخطر من أجلك
_ من أجل المال يا حيدر .. من أجل المال
_ أوف ... أجل ....هي سيارته ... الطابق الخامس ... أحذ ....
أقفل الخط سريعا و هو يلقي الهاتف على المقعد المجاور ... أخذ قناعه و مسدسه ..... أسرع بالدخول الى البناء... و هو يدعو الله أن تكون حوريته بخير ... أجل إنه يدعو ...للمرة الأولى في حياته يدعو ... يتضرع ... يلجأ الى الله ... لم يسجد في حياته سجدة واحدة ... لم يعلم يوما ما هي الشعائر الدينية ... و لكنه في هذه اللحظه يستشعر حاجته اليه ...
أخذ يضغط على زر المصعد بقوة يحثه على الإسراع .. لم يحتمل الإنتظار.. أخذ يصعد الدرج بخطوات واسعة .... تجاوزه بوقت قد يبدو مستحيلاً ... تحطمت عن قلبه أخر الطبقات الصخرية التي غلفه بها ... أن يتألم .. يشعر بجرحٍ بشع ..إنه خائف ... مرتعب ... مشاعر ظن نفسه قد دفنها من سنوات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمسكت سلام بطرف الغطاء تشده عليها و هي تبكي ... لا تملك سلاحاً أخر ... كلما حاولت النهوض لتلتقط ملابسها تجده عاد ليثبت ملكيته لجسدها ..... هذه المرة اولته ظهرها الأبيض الناعم الذي تلطخ بصورة يديه الموسومة على جسدها ... أمسكت بالغطاء ...كما لو كانت تطلب منه النجدة ... حاولت كتم صوت نحيبها و عجزها ..... ها قد أصبحت زوجته فعلاً ..... ما نجحت بتجنبه طوال العام الماضي ... اصبح واقعاً مقرفاً .... و الحب الذي بدأ يخفق في قلبها من جديد قتل في مهده رضيعاً ... هي زوجة رجل خائن ... و نورا وحيدة تحت رحمة معتصم .... ياليتك لم تنقذني يومها يا قصي ... ياليتني كنت ميتة بدلاً من هذا الإمتهان الذي أعيشه على يد أقذر انسان عرفته بحياتي .....
جلس حاتم على طرف السرير و هو يحرق سجارته العاشرة ليطفئها على المنضدة المجاورة ...أمسك هاتفه قائلاً :
_ سأتصل بمعتصم ... يجب أن يعلم بوجودك عندي
جلست سلام و هي تحكم الغطاء حول جسدها قائله برعب :
_ تريد أن تثير جنونه
نظر اليها بسخرية :
_ أنت زوجتي .. و هذا منزلي .. أنت في مكانك الطبيعي
_ أنت وغد ... وغد
اشتعل الغضب بعينيه و هو يقترب منها ممسكاً بوجهها بين كفيه
_ عليك أن تصوني لسانك يا سلام .. لن أقبل هذه التصرفات منك .. تقبلي الواقع ... أم أنك لازلت بشوقٍ لجولات جديدة أثبت فيها لك أنك زوجتي
_ كم تثير غثياني يا حاتم
عاد ليعاقبها بطريقته الهمجية ممتصاً اخر قطرات الحياة منها ... توقف ليلتقط انفاسه .. كانت هي تغمض عينيها بقوة تضم قدميها لصدرها متمسكة بالغطاء أكثر و أكثر
ابتعد و هو يزفر بغضب .... ليعاود اتصاله بمعتصم تحت أنظار سلام الملتاعة
_ أجل ... أنا حاتم ..لا داعي للشتم يا معتصم ..أنا زوج أختك .... أجل هي معي ..لا بد أن المحامي أبلغك بقرار المحكمة ... أصرخ كما تشاء ...سلام زوجتي ... قد اتصلت فقط لأخبرك بوجودها معي ... الى اللقاء يا صهري
_ أخوك أحمق مثلك ..
_ لا تتحدث عن أخي بهذه الطريقة
_ حسناً كما تشائين .... و الآن اين كنا زوجتي الجميلة
علت طرقات مجنونة على الباب ليتراجع عما كان يفعله ...قال
_ لا يعقل أن يكون معتصم
نهض و هو يرتدي بنطال رياضي ملقى باهمال على الأرض الى جانب اكوام الثياب المنتشرة على الأرض خارجاً عاري الصدر
لم تبالي بهوية الطارق في البداية و لكن صوت الصراخ الذي ارتفع جعلها تقف و هي تلف الغطاء حول جسدها الضعيف المتعب ... تبحث عن ملابسها ... نظرت اليها .... أنها لا تصلح ممزقة كما قلبها ...
دخل الرجل ذو القناع الفضي و هو يلوي ذراع حاتم خلفه متجاهلاً صراخه :
_ اتركني كيف تجرؤ على اقتحام منزلي !!
دفع قصي جسد حاتم أرضاً ...لينظر الى سبب المه و جرحه ... وقفت لا يغطيها الا الغطاء الأبيض ... نظر الى البقعة الحمراء الصغيرة التي لوثت الفراش ... عندها فهم كل شئ دفعة واحدة ... هي لم تكن زوجته فعلاً ... و قد جاء اليوم ليغتال عذريتها بأمر من ورقة وقعها شخص لا يفقه شيئاً
أخرج المسدس من جيبه الخلفي و هو يقول بصوت مختنق :
_ ارتدي ملابسك و اخرجي ...
وقف حاتم و هو يصرخ :
_ من أنت ؟؟ و ما دخلـــ ....
قاطعه قصي بلكمة على حلقه ..قطعت انفاسه ليسقط غائباً عن الوعي
_عاد قصي ينظر الى سلام و هو يرتجف لأول مرة في حياته
_ ارتدي ملابسك و اخرجي بسرعة ... اذهبي الى الشرطة و أبلغيهم بوقوع جريمة قتل ....
نظرت اليه سلام جزعة
_ قتل ؟؟
قال و هو يقترب منها ملتقطاً ملابسها عن الأرض ... انتبه الى حالتها .. القاها بغضب ليتوجه الى الخزانة ... كانت ملابسها قابعة في مكانها منذ أكثر من عام ... أمسك احداها و قدمها لسلام ... تطلع لكتفيها و ذراعيها و قد طبعت عليها اصابعه القذرة
عاد ليقول بغضب لم تفهمه سلام :
_ اسرعي
أمسكت الثياب .... أولها ظهره و هو يتطلع لجسد حاتم نصف العاري ...
لبست سلام ثيابها بسرعة و هي ترتجف و ما إن فرغت ... قالت باكية :
_ أرجوك لا تقتله
قال بصوتاً أكتسحه البرود :
_ ارحلي...لا تلتفتي خلفك ... اذهبي ....
_ أرجوك .... لا تقتله
قال بصوتٍ اكتسحه البرود :
_ ارحلي...لا تلتفتي خلفك ... اذهبي ....
حاولت أن تحرك ساقيها... رفضتا الإنصياع ...كم تود الخروج من هذا المكان الذي كان في يومٍ حلماً جميلاً ... لكنه الآن أصبح شاهداً على اغتيال طهرها و نقائها ... قرأ قصى في عينيها ألمها و عذابها .... اقترب منها ... أمسك كفها يسحبها للخارج ... لم تقاومه.. سارت وراءه كما لو انها مقيدة به ... أراد أن يحتضنها بين ضلوعه .... لكن قلبه كان يصرخ و يستنجد ... لم يملك شيئاً ليقدمه ... سوى فعل ما اعتاده ... القتل .... فتح باب الشقة ..أخرجها ... نظر الى عينيها الدامعتين ... اين ذهب ذلك البريق ؟؟ ... لقد ضاعت منه ... ماتت .. ام هو من مات ؟؟ .... أغلق باب الشقه و .... و اغلق معه آخر أبواب الأمل ... جاهد على أن ألا يكون صوته العاشق لها من يتحدث اليها :
_ الى الشرطة ... الآن
عاد الى جسد حاتم القابع على أرض الغرفة التي شهدت اغتيال أمنياته و أحلامه .... جلس القرفصاء يتطلع الى ذلك العدو الذي لم يحسب له حساب ... منذ أن قتل والده بالتبني سيطر على كل مسارب حياته ... لم يسمح لأحد بالوقوف بطريقه أو إيذاءه ... حتى مشاعره تحكم بها ... اللجمها بالقسوة.... لم يتمكن الحب من اختراق صلابته ... و إن اقتربت إحداهن من منطقة الخطر كان يقصيها من حياته... تنقل بين النساء ليستجدي نوبات الحب الزائلة ... لكن سلام ... سلام كانت مختلفة ... سمح لها بأن تفعل ما تشاء بقلبه .... جعلته يخفق من جديد ... شعر بطعم الحياة .... و النتيجة كانت الألم .... و القهر ... هزمته بضعفها .... قتلته بجراحها
نهض ليتناول كوب الماء الموضوع على المنضدة و هو يخلع القناع و الشعر المستعار ..... دسهما بجيبه ... سكب محتوى الكوب على وجه حاتم و هو يقول:
_ أفق ...أفق لترى وجه قاتلك قبل موتك أيها الوضيع
انتفض جسد حاتم ... ليقف سريعاً واضعاً يده على حلقه المتورم بسبب الضربة التي تلقاها قائلاً بصوتٍ مختنق :
_ انت ... ما الذي فعلته و اين سلام ؟؟
_ لا تنطق اسمها على لسانك القذر
_ من أنت ..ما الذي تريده ؟؟
قال بصوتٍ اكتسحته برودة الصقيع
_ طلقها ...
_ لا بد أنك قد جننت ... أنت قصي ؟؟
أطلق رصاصته الأولى على قدمه ليصرخ حاتم متألماً و هو يسقط على الفراش
اقترب قصي و هو يقول بصوتٍ فقد الحياة
_ طلقها
_ انت مخبول ... ما الذي فعلته ؟؟؟
أطلق رصاصته الثانية على كتفه ليعاود صراخه و هو يضرب الفراش بقبضة ذراعه السليمة من اشتداد الألم
_ طلقها
نظر حاتم لذلك المجنون بذعر... لكنه هز رأسه رافضاً هذه الفكرة ...ليس بعد أن أعادها لعصمته و خدعها بقصة بيت الطاعة ... كان على الشرطي فقط ان يسجل رفضها العودة لبيت الزوجية حتى تسقط نفقتها ... ولكنه اقتنص فرصته و قد ربح
اقترب قصي منه كما لو كان يسمع أفكاره القذرة ... غرز مقدمة المسدس بجرح كتفه و هو يديره
انطلقت منه صرخت ألم مدوية ... ألم لم يعرفه بحياته كلها
قال و هو يشدد على كل حرف
_ طلقها
تعرق جسد حاتم و ارتجف .. أصبحت شفتاه بيضاء كما الأموات ... أنفاسه مضطربة و قلبه يخفق بجنون ... أصبح يتأرجح بين الإغماء و اليقظة ..
_ إنها طالق .. طالق
ارتجف جسد قصي على وقع كلمته ... أخرج نفساً مشتعلاً من صدره ... و هو يسحب المسدس من جرح حاتم ... الذي شهق بقوة
وضع فوهة المسدس الدامية على صدغه .... حدق بعيني حاتم المذعور و هو يقول :
_ لقد قضيت على أخر أمل لي في الحياة ... قتلت الرمق الأخير من روحي .... للحظة ظننت أني سأعيش كإنسان طبيعي ... أكون عائلة ... و أنجب أطفالاً.... كنت على استعداد بأن أنسى الماضي ... لكنك قتلتها ... ذبحت روحها .... كسرتها و لا أعلم إن كانت سوف تشفى في يوم ...
أطلق رصاصة .. و ثانية ..ثالثة .....أستمر بالضغط على الزناد حتى بعد نفاذ الذخيرة ... اراد ان يقتله الف مرة ... لكنه لا يملك الا روحاً واحدة ... وضع المسدس بجيبه .... أخرج بطاقة الشبح... القاها على جسده و هو يقول:
_ لولا خشيتي من تورط سلام في مقتلك .... لما ألقيت هذه البطاقة ...قصي اليوم قد قتل .... ليس الشبح من فعل
خرج بخطى متعثرة لما يعهدها ... بقلبٍ مكسور ... و روحٍ ضائعة ... لأول مرة يشعر بمعنى الإنسانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
أسرعت بخطاها لا تعلم اي سبيل تسلك ... تتمنى العوده لذلك البحر لتلقي بنفسها و ترتاح ... طرقت هذه الفكره عقلها بعنف ... تعثرت .... سقطت حاولت النهوض ...لم تمتلك الطاقة ....شعرت بنفسها تغرق في السواد... صوت من بعيد نادها.... ... حاولت الرد .....أن ترفع رأسها ..... لكن الهموم اثقلتها و كسرتها ...شعرت بيدين تطبقان على كتفيها .... لم تمتلك القدرة على المقاومة ...
_ سلام ..... سلام ... انا معتصم .... ما الذي يحدث معك... سلام

الشبحWhere stories live. Discover now