ببلومانيا

219 41 3
                                    

الجزء الرابع عشر(الاخير)

ظننت أن السواد هو لون عالمي وأنه لا يوجد نور يضئ حياتي، إلي أن التقيتك علمت أن سواد عينيك جعلني أنسي اى سواد رأيته من قبل.




★★★★★★





كان أرسلان عائد إلى منزله في ذلك الوقت باكرًا؛ من أجل الاستعداد لأحد المشاوير الهامة للغاية بالنسبة له، وهو يتذكر هذه المكالمة الذي تلاقها في الصباح الذي شفت غليله قليلًا وهي عن تنفيذ حكم الإعدام في معتز؛ والحكم بالسجن المؤبد لعامر، لولا أنه يرى أن عامر يستحق الشنق هو الأخر .

صف السيارة بجانب منزله ليبحث عن أشيائه الخاصة؛ رآه هاتفه، لكنه لم يرى هذه المذكرة التي تحمل جميع أسراره وأسرار المرضى.

عاد ليدير مكبح السيارة مرة أخرى، وينطلق حيث المصحة

وصل بعد مدة زمنية قليلة، لِيسير في إحدى الممرات بهدوء، أسرع للذهاب إلى مكتبه للبحث عنها، وعند دلوفه كان هناك شيئًا غريبًا، حركة طفيفة وضوء خافت ينبعث من إحدى أركان الغرفة، ليجد شخص ما منكب على إحدى الكُتب يطالعها بشغف واضح، مهلًا هذا ليس كتاب! إنها مذكراته الخاصة، كيف يجرأ على فعل هذا، وقد أصابته نوبة غضب، هو لا يحب أن يعبث أحد بأشيائه الخاصة فماذا إن كانت مذكراته التي تحمل جميع أسرار مرضاه، ليذهب إليه وهو يحاول أن يحافظ على ثباته الانفعالي حتى لا يصرخ عليه بشدة.

_ ماذا تفعل بمذكراتي الخاصة، هذه خصوصيات أشخاص ولا يجب عليك التدخل بها، ومن سمح لك بالدخول الى مكتبي، يجب أن تكون في مضجعك الآن

لم يتأثر هذا الشخص الجالس بحديث أرسلان، وكأنه يثرثر بكلمات لا تعنيه

أما أرسلان فقد أعصابه لتجاهله هذا.

_ لماذا لا تُجيبني، ثم أن جميع هذه الكُتب بالاسفل في المكتبة لا تكفي، جئت هنا لتقرأ مذكراتي

حاول أن يجذب مذكراته منه، ولكن لقى رد فعل عنيف من هذا الغريب، وهو يسحب المذكرات إلى أحضانه بحركة دفاعية٬

والآن أدرك أرسلان أنه أحد مصابين مرض "الببلومانيا" هو لا يستطيع تذكر جميع حالات المصحة، ولكن تشبثه بمذكراته بهذه الطريقة الجنونية تعني أنه مصاب بهوس الكتب، فهذا المرض يندرج تحت أنواع الهوس، أعلم يا عزيزي أن الكتاب صديق رائع للإنسان، ولكن هناك بعض الأشخاص لديهم ارتباط غير طبيعي بالكتب، يبدأ منذ الصغر ولكنه لا يلاحظ بل تظهر آثاره بمرور الزمن فيزداد حب الشخص للكتاب وإعجابه به ليتحول إلى هوس، فيقوم المصاب بهذا المرض بجمع كثير من الكتب سواء كانت مفيدة أو غير مفيدة، فتصيبه الفرحة برؤية الكتب، ويتذكر تواريخ شرائها أكثر من أي تاريخ، فهو يعشق شكلها، ورائحتها، وصوت صفحاتها، كما أنه يبالغ كثيرًا في الخوف الشديد عليها، فهو يحيط بالكتب بعناية لا توصف، يخشى أن يلمسها أحد ويعبث بها، ليقاطع شروده صوت هذا الغريب الذي اقتحم عالمه وبه نبرة عتاب وغضب شديد.

_ وأنتَ كيف تترك مذكراتك بهذا الشكل، بدون المحافظة عليها، ألا تعرف أهميتها

ليقاطعه أرسلان وهو يحاول احتواء غضبه.

_أنا لا أتركها نهائيًا ، ولكن اليوم قد نسيتها من كثرة الضغط، ثم كيف لك أن تقرأ مذكراتي بدون أذني !؟

ليرد عليه بلامبالاة.

_ كيف لا تتركها وأنا يومًا أقرئ جزئ منها!؟ شعرت بالملل من جميع الكتب اللي بالأسفل، قرأتها كلها وكنت أريد قراءة شيئًا غريب وغامض ولم أجد أكثر غموضًا من هذا .

ليصدمه بسؤال الغير متوقع.

_كيف لك أن ترى كل هذه الحالات المأسوية وتظل طبيعي هكذا.



#يتبع

مصائب قوم (مكتمله)✔️Where stories live. Discover now