الفصل الخامس: امتحان الأدب

32 3 7
                                    

لقد ترابط قدر دوروثي جرينفيلد بقدر أليسون كلارك، وما تتسق الأقدار إلا بلحامٍ بعد لحام وحدثٍ بعد حدث، وكان أول ذلك هو ارتحال أليسون للسكن بالقرب من كولمنستر.

أخبرت السيدة كلارك صديقاتها بأنها استقلت منزلًا في ليندينلي، إذ كان قد أعجبها سعر إيجاره وحسن طلّته.

كانت تجول بالعربة مع ابنة عمها في الشمال، وصادف أن مرت بقرية لاتشورث، حيث يقبع منزلًا جميلًا أعلى التل، فأذهلها أن منزلًا مثله مهجورًا غير مسكون، وأوقفت سيارتها وترجلت منها إليه، وما هي إلا لحظات حتى استهوتها غرفاته الدافئة المشمسة وحديقته الخضراء المبهجة، ثم اتخذت قرارها وتواصلت مع وكيل المنزل، وتوافقا على ثمنٍ أرضى الطرفين.

قالت في سريرة نفسها:

'لقد كان لي حلمٌ بسيطٌ وددت إنجازه؛ وهو السكن في منزل مثل هذا، إذ إنه قائمٌ على طراز عتيق يبعث الراحة في النفوس، ومع قِدَمه يحوي كل وسائل الراحة الحديثة التي يحتاج إليها المرء.

بيت وديعٌ وجميلٌ وبسيط، فيه ملعبُ تنس رائع، ويجاور أندية الجولف في ذات الحي، غير أنه سيُمكِّن أليسون من الذهاب إلى أفونديل بسهولةٍ ويسر، وهو قريبٌ جدًا من محطة القطار؛ فيسعها السفر إلى كولمنستر يوميًا، والعودة إلى لاتشورث عند الرابعة عصرًا.

إنني لا أقبل أن أرسل ابنتي إلى مدرسة داخلية فلا أراها إلا قليلًا، وكذلك لا أقبل أن تعلمها في المنزل مربيةٌ كما بعض الفتيات، وقد حلَّت أفونديل هذه العقبة كلها، إذ لن يقدر أحدٌ على قول إن السيدة كلارك لم تهب لابنتها تعليمًا جيدًا، ومع ذلك سوف أرى أليسون كل يوم، بل إنها سوف تمضي معي أيام السبت والأحد متتاميْن.

إننا ننجب أبناءنا ليؤنسونا ويحتضنوا قلوبنا، فلمَ نتناسل لو كانوا راحلين عنا؟'

لم تكن تذكر أليسون أي ذكرى لها مع والدها الذي مات في طفولتها، وما كان لها من أهلٍ إلا أمها التي تحاول أن تكون لها أبًا وأخًا وأختًا، ولم يكن للسيدة كلارك من همٍّ في حياتها إلا تعليم ابنتها وإمتاعها وحسن ثيابها وقبل ذلك صحتها.

لقد كانت الفتاة ضعيفة المناعة جذابةً للأمراض، وكان قد أصابها الربو القصبي حين كانت طفلة، ورغم تعافيها جزئيًا من ذلك المرض إلا أنه ما يزال يصيبها بعض نوباته، ومن أجل ذلك انتقلت وأمها إلى ليندينلي؛ فهي تعلم أن الأجواء المتفتحة المنعشة على قمة التل قد تكون أنسب إلى ابنتها من منزل ليمستيد الذي كان قريبًا من النهر، ولم ترد أن تسكنها في كولمنستر لأنها مدينة صناعية بها من الأمراض ما بها.

كان لأليسون قلبًا صافيًا لا يكن لأحدٍ ضغينة ولا حقد، ومع ذلك كانت تغبط كل فتاة لها أخوان وأخوات صغار، وكانت تتمنى لو وُلِدت في عائلة كبيرة تحبهم ويحبونها.

Avondale || أڨونديلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن