الفصل الخامس عشر: اعتراف

19 1 0
                                    

لقد غرقت الفتاتان في أدنى النهر، وقضتا لحظات من الضيق والخنقة حتى طافتا على السطح، وتشبثت أصابعهن بأغصان الصفصاف القصيفة التي غمرها الماء.

لم يكن بوسعيهما السباحة، لكنهما تمسكتا بحبل النجاة الهزيل، مع علمهما بأنه لن يدفع عنهما قطرة ماءٍ واحدة.

لقد تغلغل الماء في أنفيهما فاختنقتا، وتبلل شعريهما ولباسيهما، وإنهما حينئذٍ ما تزالان متمسكتين بقوةٍ بالأغصان، لكن ثقليهما كسر الصفصاف البالي، وتصدع بصدعٍ مشؤوم، ثم تهشم فجأة، وعلت الصرخات والصيحات، وما زالتا متمسكتين بالغصن المقطوع بنصفيهما الأعلى، أما السفلي فكان غريق النهر.

ومن حسن حظهما سمع صراخهما أحد، وقد كان المزارع الذي يعيش في الطاحونة القديمة القريبة من السد، فهرع من حديقته إليهما، وبلغ موضع الحادث فور انكسار الغصن، وفزع حين رأى الفتاتين، لكنه التقط دوروثي التي كانت أقرب إليه، وسحبها إلى بر الأمان.

ولما التفت يبحث عن رفيقتها كان قد جرفها النهر، وكانت بعيدة عن قدرته.

ولم يكن يستطيع السباحة، فهرع عائدًا نحو النُزُل يستصرخ طالبًا المعونة، ولما سُمِع نداؤه أقبل فتى الإسطبل ومعه آخرون مسرعون.

وصرخوا:

_"أحضروا حبلًا!"

_"أين القارب؟!"

_"سوف تغرق الفتاة بينما تجيء بالقارب!"

_"لا تدعوها تغرق!"

وفصل فتى الإسطبل الحديث بقوله:

"لا يسعني السباحة إلا بضع ياردات، لكنني سأحاول أن أصل إليها."

ثم نزع عنه معطفه وقفز في النهر..

مضت لحظات من الخنقة حتى استطاع سحب أليسون من ثوبها، ثم استدار وحاول بلوغ الضفة قبل أن يغرق.

ولوهلةٍ بدا له أنه سيفقد حياته وحياتها، ولكنه نفض عن نفسه اليأس وجاهد حتى بلغ هدفه، ووضع يده في يد أحد الرجال الذين همّوا بإنقاذه، ثم سحبوا منه الفتاة المغمى عليها ووضعوها على العشب.

قال الفتى:

"لقد ماتت!"

وقال رجل آخر:

"كلا، لقد رأيت أناسًا أقرب إلى الموت منها، وقد نجوا في النهاية. فلتصحبهما إلى النُزُل، وأرسل سام بدراجته ليدعو الطبيب."

لم تعلم الآنسة كارتر بالواقعةِ حتى رأت دوروثي مبلولة الملابس، ومن خلفها نفرٌ من الرجالِ يحملون أليسون بين أيديهم.

وقد كان للآنسةِ حسٌّ سليمٌ وسرعةُ بديهة، فما كادت صدمتها تنقضي حتى شرعت في مداواة أليسون، وأعانها على ذلك نزلاءُ أُخَر، ولما وصل الطبيب كان قد عاد إليها وعيها.

Avondale || أڨونديلWhere stories live. Discover now