الفصل العاشر: مارثا تتذكر

12 1 0
                                    

مرت إجازة الكريسماس بهدوءٍ كبير على دوروثي، ولشد ما كانت تتألم حين تسمع الفتيات يتحادثن في المدرسة عن كثرة الدعوات التي تلقَّينها والحفلات التي حضرنها، أما هي فقد كان المكان الوحيد الذي قد تذهب إليه هو مقر القسيس، ولا تحسب ذلك احتفالًا.

لم تكن ثمَّ حفلاتٌ أو عروضٌ في برنامج عطلتها، فقد تكبدت الخالة باربرا نفقاتٍ كثيرة في الآونة الأخيرة، وحاولت أن توسع دخلها الضيق إلى حده الأقصى لتدفع رسوم المدرسة وسعر تذكرة عقد القطار.

فكرت دوروثي:

'ما أقبح الفقر وتبعاته! أريد أثوابًا وحفلاتٍ جميلة كما الأخريات'.

وكانت قد عادت إلى منزلها مع عقدةٍ بين حاجبيها كانت قد زالت فينةً من الزمن، وتدلت زاويتا فيها في حزنٍ ظاهر، ولما لاحظت الخالة باربرا شأنها وكشفت عن سببه لم تعلق، ولم تذكّر دوروثي بما ضحَّت به من أجلها، ولا بالمشقات التي واجهتها في سبيل إرسالها إلى أفونديل، ومع ذلك، قد انتهزت الفرصة يومًا لتحثها على الجد والاجتهاد في المدرسة.

قالت:

"قد تضطرين إلى كسب لقمة العيش يومًا يا بُنيَّتي، إذا ما أصابني ضرٌّ فإن معاشي القليل سيعود إلى مالك عقار شيربورن، ولا أملك ما أتركه لكِ إلا التعليم الجيد، لذا ينبغي أن تأتي بأكبر فائدة من المدرسة."

قالت دوروثي:

"إذن هل يجب أن أصير معلمة حين أكبر؟"

قالت:

"لا أدري، ربما.."

أحيانًا ما كان يسوءها حال دوروثي، إذ كانت فتاةً قنوطًا صعبة الإرضاء، مع أنها كانت تبذل كل جهدها لتخفيَ ذلك.

قالت في سريرة نفسها:

'إنه لمن الصعب عليها أن تختلط في المدرسة بفتياتٍ ميسورات المعيشة. أكان من الحكمة أن أرسلها إلى أفونديل؟ هل أثرت تلك المدرسة بها إذ جعلتها غير قنوعٍ بحياتها البسيطة؟ لقد باتت كذلك أخيرًا وحسب، ولم تكن كذلك من قبل'.

كانت دوروثي يائسةً من حالها، وكادت الآنسة شيربورن تكون مثلها، إذ صارت تبغض أن تكون معلمة، ولم تجد لها عملًا آخرَ خيرًا من عملها.

فكرت في مرارة:

'لطالما حلمت بالعيش الهنيء حين أكبر، ولم أكن أدري أنني لن أصير إلا امرأةً تائهة لا تعلم ما تفعل'.

الآن تنظر دوروثي إلى الحياة كلها من مرأى خاص، وهي تعاني مما يدعى 'التهاب الذات'، وكانت تشعر بالغم لأن العالم لا يمنحها من المال ما أرادت ومن الترف ما ودَّت.

وهي سائمةٌ من كل ما اعتادته، من كتبها ومن مجلداتها، ومن طوابعها ومن بطاقاتها، وكانت لا تبالي بما تحسه خالتها ولا بشأن رزقهما المقدور.

Avondale || أڨونديلDonde viven las historias. Descúbrelo ahora