الفصل السابع: منزل أليسون

21 3 0
                                    

لقد كانت دوروثي من العلم بحيث تستطيع أن تتخذ قراراتها بنفسها، لكن عزيمتها كانت هزيلة، وعلى ذلك كانت عقدتها في مواصلة ما تتخذه بنفسها من قرارات.

كانت في أمسٍ صابرةً صادقة، أما اليوم فها هي ذي تفطر بوجهٍ عبوسٍ أفرغ صبر الآنسة باربرا.

إن لها من الأُسوات الكثير، وكان من أحلامها السامية حلمها بالشجاعة والثبات، فييسر ذلك عليها ما يشق من مهام، ويجعلها مؤمنةً بقدرتها على اجتياز الصعاب والمشقات.

وكان من أحلامها حين تبلغ أشدها أن تضاهي بطلات الحكايات التي تقرأها، مثل أن تفعل شيئًا عظيمًا يخلد لها ذكرى في كتب التاريخ، وإنها لتسبح في أحلامها إذ نست واقعها؛ فتركت مهامها السهلة المألوفة والبشرية، وراحت تحلم بالمهام الخيالية التي لا تكون إلا في القصص والروايات.

لم تكن تحفل بأحد، وكانت تذر الخالة باربرا تفعل كل شيء من أجلها دون أن تشغل بالها بما قد تقدمه إليها من ردٍّ جميل، ولم تكن الآنسة شيربورن عمياء؛ فكان باديًا أمامها أن فتاتها تمر بفينةٍ من الأنانية.

قالت في قرارة نفسها:

'إن ذلك يصيب كل من في عمرها، يكونون لِطافًا في طفولتهم وفي صغرهم، ثم إذا نموا قليلًا فقدوا ملامح الطفولة العذبة، وتغرب أطوارهم ويفقدوا نشاطهم.

أحسبهم إنما يفعلون ذلك ظنًا منهم بأن فعلتهم من الاستقلال بالنفس، لكنهم لا يعلمون بأن ذلك يقسي قلوبهم ويضر شخصهم.

إن دوروثي ميَّالةٌ إلى التمرد والعصيان، وتحاول أم تثبتَ ذاتها في شتى المجالات، وعلى ذلك تحتاج إلى من يسوقها ويهديها ويرشدها'.

كانت دوروثي حساسةً كل الحساسية من كونها متبنَّاة، حتى لقد كان يُخَيَّل إليها تلميحاتٌ وإهاناتٌ كثيرة ليست بصحيحة، ولما كانت تتحدث زميلاتها عن إخوانهن أو أخواتهن لا يأتي على بالها غير أنهن ما يقُلن ذلك إلا ليُعَيِّرنها، وإذا ما تناجت من دونها صديقتان حسبتهما تتحدثان عنها.

وكانت على أصغر الألفاظ تحاسب، ومن أحقر الكلمات تغضب، وكانت تحسب الفتيات ينزلنها منزلةً أدنى من منازلهن، وكل تلك الخواطر التي تؤرق ذهنها كان لها أثرٌ سيءٌ عليها، إذ جعلتها أفظُّ وأغلظ.

أحيانًا ما كان الشك يراودها فيما إذا كانت الخالة باربرا تحبها كما لو كانت من رحِمها أم أنها تتكلف الحب أمامها؟

لكنها أخمدت ريبتها وكتمتها، إذ كانت بذلك تظلم المرأة التي آوتها بمنزلها ووطَّنتها بفؤادها، وأنقذتها من ظلمة الحياة وحلكتها، وإذا أتت تلك الخاطرات على بالها كانت تدفعها في رعبٍ وفزع.

لقد كانت الآنسة شيربورن سعيدةً كل السعادة بِصداقة فتاتها مع أليسون كلارك، وذلك لدوام مرافقتهما لبعضهما في القطار، ولأن دوروثي تقص عليها من حكاياتهما بين الفينة والفينة، لكن تلك الصلة بينهما كان يشوبها شائبة، إذ كانت دوروثي تمنع أليسون من مرافقة من سواها، فهي تريدها لها وحسب، وكانت تطالعها بأعين الغيرة إذا ما صحبت فتاةً غيرها.

Avondale || أڨونديلWo Geschichten leben. Entdecke jetzt