الفصل التاسع: مسرحية الكريسماس

10 2 0
                                    

تلاقت دوروثي وأليسون في صبيحة اليوم التالي، وكانت كلتاهما خجِلةً مما أصابها أمس، وكان خجل الأولى أنها قبلت دعوة صديقتها دون استئذان خالتها، وأنها سارت في ذلك الطريق الوعر الذي لن تعود إليه أبدًا، وكان خجل الثانية من إباء أمها لتكرار دعوة صديقتها.

فكَّرت دوروثي بَدِيًّا أن تحدِّث أليسون عن مغامرتها، ولكنما كان في صدرها حرجٌ من إخبارها بأنها نسيت عقدها، وأنه لم يكن لديها في جيبها أي مالٍ تقضي به حاجتها، وأن مسؤول القطار لم يأذن لها بالركوب لأنها لم تدفع، فلم يكن منها بعد ذلك كله إلا أن حيَّت صديقتها تحيةً عاجلة، ثم جلست على أحد مقاعد المقصورة وراحت تفحص دروسها التي أهملتها أمس لما مرت به من مصيبة.

أحسَّت أليسون بتساقط الأعباء عنها لأن دوروثي لم تنبس بكلمةٍ عن الزيارة الموعودة، إذ كانت تدري أنها إن أخبرتها بما حدث لها مع أمها فلن يكون شيءٌ أكثر إحراجًا من ذلك، ولما أن تذكرت حظر والدتها عليها تركت دوروثي مع كتبها ولم تبدأها حديثًا.

سارت الفتاتان من المحطة إلى المدرسة في صمتٍ مطبِق، وانشغلت كلتاهما بشؤونها الخاصة، ورغم أنهما قد تلاقتا في المدرسة مرارًا، وسافرتا معًا كالمعتاد، إلا أنهما لم تتحدثا سوى في شؤون أفونديل.

لم يزل الدفء الذي في قلبيهما إحداهما للأخرى، لكنهما أدركتا أن الصداقة التي تربطهما لا ينبغي أن تتعدى حدود المدرسة، ولا ينبغي أن تنفذ إلى حياتيهما الخاصة.

لقد كان جليًّا لدوروثي أن السيدة كلارك قد انتهت عن دعوتها، ورغم موافقتها على الابتعاد عن الحياة الخاصة إلا أن ذلك قد فطر قلبها حزنًا وغمًا، إذ سرعان ما ساقها عقلها إلى عقدتها الكبرى، فحسبت أنها إنما أبت دعوتها لأنها مشردةٌ لقيطة.

قالت في سريرة نفسها:

'إنها لا تلقي لي بالًا كأنني عدم! لو كنتُ أنا هوب لوسون أو فالنتين بارنيت لدعتني بلا ريب. حتى أليسون لم تذكر اللوحات والثياب ثانيةً، ولا أحسب أمها إلا مانعتها من إعارتها لي. لكنني لا أبالي مثلهما! سأرتدي شيئًا آخر'.

لكنها كانت تبالي، وليس بذاك وحسب، وإنما بالكثير من الأشياء الأخرى التي حدثت لها في الفصل.

لكم من الشاق أن تكون مكروهًا! وقد كانت دوروثي تعتقد أنها كذلك، إذ إن هوب لوسون -التي لم تحبها قط- انقلبت عليها أكثر من ذي قبل، وأطفحت غطرستها كيل دوروثي.

لم ترُق هوب لدوروثي قط، إذ كانت فظاظة حديثها تناقض بساطة حديث الأخيرة، وكانت تقدس المال والمنزلة والثياب المبهرجة الباهظة الأثمان، ولم يكن لدوروثي من ذلك شيء؛ فأسقطتها هوب من عينيها، ولم تذر موضعًا لإهانتها إلا وانتهزته شر انتهاز.

كان لهوب تأثيرٌ كبيرٌ في الصف بصفتها المسئولة، وكانت هي صاحبة الرأي الأوحد بين الفتيات، وذلك ما ساء دوروثي وأحزنها، إذ كانت لا تليق بمنصب المسئولية الذي يحتمل كثيرًا من الأخلاقيات، فكيف لهوب أن تتعين عليه وهي مفتقرةٌ للأخلاق؟

Avondale || أڨونديلWhere stories live. Discover now