الفصل الثاني "تهور"

73 13 0
                                    


"وكم مرة ظننت انها النهاية واني لن استطيع الاكمال، وتفاجأني نفسي بلا مبالاتها وكأن الجروح صارت لا تحزن قلبي بل تجعله لا يبالي يتقوقع في عزلته لكن صار لا يتألم وهذا يقلقني."

_نعم يا جدي
_التار خلاص هينتهي
_جميل
_لكن زي ما أنتِ عارفة لازم عشان الجميع يعيش في سعادة حد يضحي

نظرت له بريبة، هي ليست غبية لتقتنع ان الثأر سوف ينتهي سريعًا بدون خسائر لكن السؤال الذي كان يدور في عقلها هل الخسائر سوف تكون هي؟

_هي مش تضحية اوي، أنتِ هتعيشي في سعادة مع شخص كويس، واحنا هنعيش في امان

نظرت له بنفد صبر
_الخلاصة
_هتتجوزي ادهم العامري، ومريم بنت عمه هتتجوز غيث ابن عمك

هبت من مقعدها غاضبة
_والثقة دي جيبنها منين
_القرار خلاص اتقال، واحنا مش عيال عشان نرجع في قررنا
_حتى لو على حق سعادتي
_متخدهاش كدا، قولي اننا بنحبك عشان هنجوزك حد زي ادهم

صعدت الى غرفتها واغلقت الباب بقوة حتى كاد ان ينكسر زجاج الباب
كانت تدور في ارجاء الغرفة بغضب لا تعلم ماذا تفعل، تشعر ان هناك احد يتحكم بها يخنقها يجعل عقلها يُجن
اخذت عبوة العطر من على التسريحة والقتها بكامل قوتها على المرآة، فتهشم الزجاج الى فتافيت وتناثر على الارض
أتت والدتها على اثر الصوت وفتحت الباب
كانت روز ممسكة بقطعة زجاج مستقرة على معصمها وفي لمح الثواني تركت الدماء بصمتها على ثوبها الابيض
اقتربت منها تحتضنها وتطلب منها ان تصمد
تحاول ان تمنع الدم من التدفق، وفي نفس الوقت تتصل بزوجها
كانت روز وقتها تشعر بالجزي والعار، لماذا سمحت لهم ان يروها وهي هكذا، وهي ضعيفة

جائت سيارة الاسعاف، كان الطريق مزدحم، ولذلك اخذت السيارة طريق جانبي

وضعوها في غرفة الطوارئ، واستلم حالتها احد الاطباء، اوقف النزيف وبدأ العمل

_ايه اللي حصل يا صفاء
_والله معرف، أنا سمعت صوت حاجات بتتكسر نحيت اوضتها، روحت كانت ماسكة قطعة ازاز وحطاها على ايدها لسه هتكلم كانت جرحت نفسها
_أنا كلمتها في موضوع التار.قال ناصر(الجد)
_أنا قُلت ليكم بلاش روز
_مافيش حد مناسب غيرها، هي بأسلوبها دا مش هتتجوز ابدًا، يله خلينا نخلص من قرفها.قال احمد(الاب)

عم الصم المكان عندما لاحظوا ان الطبيب يقترب منهم

_الحمد لله لحقناها، لكن شكله انتحار، أنا من..

قاطعه ناصر
_انتحار ايه يا دكتور، دي كانت بتتخانق هي وبنت عمها وسكينة الفاكهة كانت في ايد بت عمها وجت بالغلط عليها

نظر لهم الطبيب بشك
_لكن السكينة مش هتعمل جرح كبير كدا
_يعني أنا هكذب عليك
_مش القصد يا حج ناصر، لكن
_ما لكنش، هي الحمد لله كويسة، تقدر تروح امتى
_لما المحلول اللي في ايدها يخلص
_متشكرين يا دكتور
_دا شغلي
__________________
__طب اعملي حسابك كتب الكتاب الاسبوع الجاي
_مش هيحصل و لو الدنيا اتقلبت مش هيحصل و لو الحل الوحيد اني امشي من هنا همشي
_مش هتعرفي وهتتجوزي مش على اخر الزمن تمشي كلمتك عليا
_يبقى ههرب
لم يشعر بنفسه الا ويده مستقرة على وجنتها، تاركة احمرار اثر الصفعة، نظر لها بغضب وتركها وخرج من الغرفة، سمعت باب الشقة يفتح فعلمت انه نزل الى الاسفل، نظرت الى نفسها في المرأة، لتجد امرأة غيرها، امرأة تعابير الاسى والحزن تعتلي ملامحها، الهالات السوداء متمركزة اسفل عينها، من يراها يفكر في احتمالين إما بسبب قلة النوم، او تعاطي المخدرات، تحول البريق في عينها من غضب الى دموع مكتومة، جلست على حافة السرير تتحسس موضع الضرب، والدموع تنهمر من عينيها، وعندما احست بالدموع تسقط على يدها، مسحتها بقوة، وقامت من موضعها ووضعت الحقائب على السرير وفتحتهم، وذهبت الى الخزانة كانت مليئة بالثياب ففي الامس افرغت محتويات حقيبتها قبل ان تخلد الى النوم، وبدأت بتعبأت الحقائب من جديد، لم تترك شيء، دخلت الى المرحاض، وفتحت صنبور المياه وملئت به البانيو، نزعت ملابسها ونزلت فيه، اجتاحتها رعشة عندما احست بالماء البارد يلامس جسدها لكن سرعان ما تعودت عليه، وهي تقسم ان تترك البيت بلا رجعة.
بعد نصف ساعة كانت تقف امام المرأة تتفحص هيأتها قبل النزول، ترتدي تنورة سوداء قصيرة فوق الركبة بقليل، على قميص ابيض والورود الصغيرة مختلفة الالوان تنتشر عليه، تركت لشعرها المجعد العنان، واختتمت اللوحة بوضع احمر شفاه وردي اللون، اخذت حقائبها ونزلت السلالم، كانت العائلة متجمعة على الغداء، كانت النظرات متعددة بعضهم ينظر بستغراب والاخر بغضب، وبعدهم يتسأل كيف ترتدي مثل هذة الثياب
_راحة فين يا مريم. بادر الجد بالكلام
_راجعة بلدي يا جدي.
_هنا بلدك.
_عمرها ماكانت طول عمري عايشة في فرنسا، جامعتي واصدقائي وحلمي هناك كان قرار غلط لما نزلت مصر.
نظر رحيم الى ابنه فأومأ له، فعرف ان ابنه فاتحها في الموضوع
_لازم تفهمي يا مريم لو موفقتيش كلنا هنموت البلد هتخرب.
بصوت عالي_وانا مالي انا اساساً مكنتش عايزة انزل مصر انا تركت كل حياتي و وافقت لكن لحد هنا و خلاص كفاية انا مش كبش فدا و عمري ما هكون كدا مش ذنبي حكاية التار دا
لم تنتظر جوابهم وهمت بسحب حقائبها
رمقها والدها بجفاء وقال بحزم
_اقفل الباب يا سامح.
_يعني ايه
_يعني مفيش خروج و كتب الكتاب في معاده والكلام انتهى.
_لا منتهاش ومش هوافق و ههرب
كانت تنظر لهم بتحدي ولكنه يشعر بشبح من الغضب يسيطر عليه عندما يسمعا تتحدث هكذا لينظر لها بغضب وسرعان ما يرفع يده عليًا ولكن يد رحيم تسبقه وتمسك بيد يوسف وهو يقول لصفية
_خديها يا صفية لفوق.
تعرض عنهم وتقول وهي تتقدم نحو السلم المؤدي لشقة والدها
_عارفة الطريق
تنظر أمامها بجمود نظرة باردة كليلة مثلجة من ليالي برشلونة
وسرعان ما تلتفت وتقول لتفتت
_أنا عمري ما هكون زي امي، ومش هتنازل عن حياتي عشان خاطر حد.

حفنة النرجس Where stories live. Discover now