الفصل الثالث والثلاثون "توماس"

44 3 0
                                    

يجلس المأمور بهدوء بنظرات مُترقبة ينتقلب ببصره مرة لذاك ومرة لهذا، يرى سيف يقف منتظر الأتهامات لينقض عليها كالبركان ونظراته ورغم ما تحمله من عدائية ولكنه يلاحظ نظرة آلم وندم، ويقابله أدم الذي يقف غير عابئ بشيء وكأنه عازم أنه سينجو، ولكن مهلًا ما سبب تلك الأبتسامة الحزينة..
ليبتسم المأمور وقد فهم ما ينوي أدم فعله، ولكنه ولأن الوقت ليس بيده لن يطيل الصمت فقال ونظره مصوب نحو كمال الجالس على الكرسي:
- أنا كان ممكن أروح بالقوات لبيتك يا أستاذ كمال وأجيب سيف في البوكس..
ونقل بصره لأحمد الجالس على الكرسي المُجاور لكمال:
-وكان ممكن أعمل نفس الشيء معاك يا أستاذ أحمد..
وسرعان ما ألقى نظرة أخيرة على أدم وسيف وقال:
-ولكن ماحبتش أعمل شوشرة، وبذات لما عرفت عمر سيف وكمان لأني كنت عارف أن أستاذ كمال هيعمل محضر بردو، ودا اللي حصل، فأنا هسيبكوا تتكلموا مع بعض وتحلوها ودي.
أنهى حديثه وهم ليقوم من مقعده ولكن أدم أوقفه عندما قال:
-أقعد لو سمحت، أنا مش هحل حاجة ودي
ليرمقه والده بغضب من فعلته، فكيف تصل البجاحة لهذا الحد لتجعله يجني على صديقه ويحاول أذيته وكان سيموت ولا يكتفي بذلك ويحاول طرده من المدرسة وتعطيل مساره التعليمي لينتقم من ذنب هو فَاعِله، لينظر له بآسى كم أهمل في تربيته وترك المال يلهيه ليترك والدته ترعاه بذاتها رغم معرفته أنها أنجبت أدم وهي صغيرة لم تتخطى التاسعة عشر من عمرها فكيف كانت ستربي طفل وهي لم تنفك عن خلع رداء الطفولة؟! أما سيف فقد أبتسم بهدوء، نعم نادم ولكنه ليس خائف سيخرج بالأدلة وشهادة أصدقائه، سيدفع والده غرامة إن لزم الأمر ولكن لن يُحبس، أما أدم فمصيبته مصيبة، وكان كمال أكثرهم آلمًا على ولده، على هذا الجيل الذي لا يعرف أقل الصواب، الذي يسير خلف المشاكل بلا تفكير، جيل أعماه الكبر والغرور والشُهرة، ولكنه أفاق على قول آدم:
-أنا بتنازل عن القضية بتاعتي، ومش منتظر من سيف يتنازل...
ليحاول والده أخراسه بقوله:
-آدم أنت بتقول إيه، أنت أتجننت.
ولكن حديثه طار في فضاء الغرفة وكأن حديثه كحمام زاجل ضل طريقه فتابع ونظره مصوب للمأمور:
- لو المفروض حد يكون هنا دلوقتي فهو أنا، أنا المذنب في كل اللي حصل، حتى في حالة التسمم اللي حصلتي، أنا اللي الغرور عماني، ورفضت أن حد يحاول ينافسني، أنا اللي ماتقبلتش أن حد ياخد مني الأضواء ويكون الأفضل، غلطت وبعترف ومستعد أتحاسب على كل اللي عاملته.
وسرعان ما نقل بصره لسيف وقال:
-أنا أسف على كل حاجة، أنا ماجتش هنا عشان أتهمك أنا جيت عشان أتنازل، مش مُنتظر أخرج وماتحبسش، ولكن ليتك تسامحني.
كان أحمد يجلس بتوهان لا يعلم ماذا يفعل، فقد أعترف أبنه على نفسه، كان يريد باتهام سيف أن يبرهن لولده أنه بجانبه ولن يلقي عليه اللوم مرتًا أخرى، أما كمال فقد جاءت الفرصة لينتقم لحق سيف، أجل أخبره أنه لن يأتي بحقه، ولكن هذا كان حديث غضب، وهو لم ولن يفرط في حق ولده مهما كان فلن يتنازل، نظر لسيف ليجده يقول بملامح جامدة بعض الشيء:
-وأنا بتنازل عن القضية.
ويتابع ببعض المرح ولأنه يعلم أن الحرب بنسبة له لم تنتهي بعد:
-أسمها لعلك تسامحني، شكلك مش بتركز في حصص معلم سمير، وأنا هعرفه وهينقصك من أعمال السنة..
ليرمقه والده باستغراب فيتابع:
-مسامحك على تفكيرك أنك تأذيني.
ويتابع في عقله
" ولكن مش هسامحك على أذيتي وأنك طاوعت الشيطان  في وسوسته ليك أنك تأذيني غير لما.. تتعاقب "
تجري باقي الأحداث سريعًا ولكن عقل سيف في ركن أخر من الغرفة بعيد عن الصخب يفكر فيما حدث وفيما سيحدث.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jul 27, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

حفنة النرجس Where stories live. Discover now