الفصل السادس والعشرون

23 6 1
                                    


لمعت عيناها عندما وقعد نظرها على نافذة الغُرفة، ففتحتها وقدرت المسافة التي تبلغ ثلاثة أدوار، وذهبت لخذانتها وأفرغتها من جُل حجابها، بكانت تختار الطويل والمتين لأداء المُهمة، وعقدت أطراف كل حجاب بأخر ليصير معها حبل طويل من القماش الملون، تربطه بحلقة مُتدلية من الجدار المجاور للنافذة وتلقيه كاملًا، تأخذ نفسًا عميق وتستعد لتجلس على نافذة الغرفة ليكون أسهل لها الهبوط لأسفل، ولكنها تلتفت بأرتباك ودقات قلبها تعلو في النبض لتصل إلى مسامعها حتى أنها تكاد تجزم أنها وصلت لأذن أدهم الذي فتح الباب لتوه وقال باستغراب:
-أنتِ بتعملي إيه عندك؟

ولكنها تقف بصمت لا تتحرك قيد أنملة وتفرك في يديها بيديها بتوتر وعيناها تتجول في أنحاء الغرفة متحاشية النظر لعينيه مباشرتًا، فعندما يلاحظ جمودها يقترب منها باستغراب وقول:
-في حاجة يا روز؟

ولكن دقات قلبها تزداد في العلو أكثر فأكثر وكأنها طبول يُدَق عليها بمطرقات الخوف الخفية
"ماذا لو عرف ما كنت أنوي فعله.."
ولكن عقلها ألتزم الصمت عندما صار يقف قابلتها ويقول:
-أنتِ واقفة كدا ليه ومش بتردي ليه؟

وعندما كادت تتحدث وقعت عيناه على النافذة فتجاوزها وطل بنظره لأسفل ليجد ما يشبه الحبل يتدلى على طول البناء فيُعاود النظر لروز والتي كانت تراقبه بترقب فقال باستفسار:
-إيه دا؟

ولكنه لم ينتظر إجابتها، فقال بغضب وصوت حاد غليظ:
-بتحاولي تهربي، ليه؟! عشان شلت الغشاوة اللي كانت على عينك وعرفتك سبب تعاستك؟

ثم أقترب منها وأمسك يدها بعنف فقالت ببرود متحاشية ما بها من آلم بذراعها:
-أنا مش هعيدها تاني أنا مش مريضة، ومش هفضل هنا ثانية كمان.

ثم تابعت بغضب:
-وسيب إيدي.

فظر لعينيها مباشرتًا بعتاب وترك يدها وقال بهدوء:
-بكرة تبقي تروحي.

قالت بشك:
-وأنا إيه اللي يخليني أصدقك.

وقف أمام النافذة وبدأ بسحب الحبل المصنوع من الأوشحة، بينما هي تنتظر بترقب تشعر بمشاعر متضادة بعضها يلومها على ما قالته والبعض الأخر لا يقبل بمثل هذا الكلام
"فأنا لست مريضة كما يقول ولن أكون كذلك، ولن يستطيع أقناعي بذلك"
وبعدما وصل لنهايته نظر لها مباشرتًا وقال:
-لو رفضتي لحد بكرة العلاج أوعدك هتروحي.

تحولت نظرة الشك تدريجيًا لثقة، فتركها وأغلق الباب بهدوء.

جلس على أول أريكة قابلته بأرهاق نفسي يتخلله بين ثناياه أرهاقه الجسدي
"هل ستقبل بأن تُشارك في تعاسة شخص أخضاعًا لرأيه الخطأ؟"

فرد على نفسه مجاوبًا:
-ولكني لن أجبرها على شيء، لن أستطيع أجبارها!
-ولكن يمكن أن تموت.
-ولكني لن أحبسها هنا فهذا سيجعل حالتها تسوء.
-وأنتَ؟!

حفنة النرجس Where stories live. Discover now