الفصل الواحد وعشرون " في منزل القتلى"

24 7 0
                                    

وقفا أمام المنزل المنشُود متشابكا الأيدي وأمامهم صاحب العقار يُراقبهم بسعادة، فلم يمُر الكثير وجاء أخيرًا مُستأجر للمنزل ورغم ما يدور حوله من شائعات بسبب موت ساكنِيه القُدامى مقتولين...
فَتح لهم الباب ليُعلن عن صرير مُزعج، نظر إيدريان لأرجاء المنزل بفضول.. وجد أثاثه مُغطى بقُماش أبيض تتمركز عليه حبات التُراب، وشِباك العنكبوت تأخُذ طريقها في زوايا السقف، ويتدلى من شباكه العنكبوت في تربص لينقض على فريسته من الحشرات، كانت آليا تنظر بشمئزاز بينما إيدريان ينظر بتركيز يُحاول حفظ المكان وتفاصيله في ذاكرته...

قال صاحب العقار ومازالت الأبتسامة مُتمركزة على شفتيه:
-متقلقوش كل دا هيتنضف وهيرجع يُبرق، قولتلي بقى أنتَ بقالك قد إيه في مصر؟

رمقه إيدريان باستغراب فقالت آليا:
-منذ أسبوع..

ثم أستأنفت حديثها قائلتًا:
-سيدي هل يمكن أن تأتي لنا ببعض الطعام والمشروبات الغازية، فنحن لم نتناول الفطور إلى الأن.
-خلاص ماشي، ولحد ما أرجع تكونوا شوفتوا البيت، ولكن عايزين إيه بظبط.

فكرت آليا قليلًا تريد طعام يستغرق وقت في التحضير ليتسنى لهم البحث كما يشاءان، فقالت:
-كريب.

أعتلت على محياه علامات الأستغراب فقال:
-هتفطروا كريب..

وعندما لاحظ جدية طلبها، لم يناقشها أكثر، وأبتسم لها وذهب، بادلته الأبتسامة، وأعلمت إيدريان بالحديث الذي دار بينها وبين صاحب العقار
جال إيدريان بنظراته في أرجاء المكان وقال وهو يشير ناحية اليسار:
-سأذهب أنا من هنا..

ثم تابع وهو يشير ناحية اليمين:
-وأنتِ من هنا.

سار بتروي.. وما فائدة التطفل إلا الوقوع في المتاعب، ولكنه يصاحبه بعض الأثارة والتشويق، يصاحبه حبس للأنفاس وسهر الليالي، التحديق في السقف ومُراقبة النجوم مع شرود الذهن، وربط الخيوط والخوف الدائم
أرتسمت على شفيته أبتسامة، ورغم بغضه للمتاعب ولكنه لا يُنكر مدى تعلق قلبه بما يُصاحبها من مشاعر...
ولقد كان حظه أن يتفقد المطبخ والمرحاض، فبدأ بالمطبخ، جال بنظره في أرجاء المطبخ.. الأشياء مُبعثرة..
الأدراج منزوعة عن مواضعها، المعالق والسكاكين وباقي أدوات المائدة منتشرة على الرُخامة، الأكياس مُلقَىَ على الأرض بطريقة عشوئية، وهو واثق بعدم حدوث شجار بين أفراد العائلة والقا••تل لكي يفضي إلى هذا، يُمكن أن تكون نور قد تركت المطبخ دون تنظيف..
ولكنه نظر باستغراب بتجاه موقد الغاز، فقد كان نظيف وخالي من بقايا الطعام ليس عليه إلا بعض حبات التراب التي تراكمتْ بفعل نافذة المطبخ الشبه مفتوحة، ولكنه لم يكن بالكثير؛ لأن هذه الجهة من البيت تقابل بناية أخرى في الشارع المجاور.
ففكر بأنهم كيف يتركون المطبخ بهذه الفوضى وموقد الغاز بهذه النظافة؟!
فمن يشغل باله بتنظيف موقد الغاز يكون قد نظف باقي المطبخ، ولذلك فاحتمال إهمال نور ضعيف، وهذا يفضي إلى أحتمال أقوى وهو أن البيت تعرض لمحاولة سرقة، وهذا يعني أنه يجب أن يتوخى الحذر فبتأكيد هناك من يُراقب سير أحداث القضية كالصقر الجارح.
أدخل يده في جيب بنطاله ونظر نظرة مُتفحصة أخيرة، وخرج قاصدًا المرحاض، كان نظيف مُرتب وهذا يُأكد نظريته
نظر في كل جوانب المرحاض ليقع بصره على قطعة قماش كُحلية اللون، أثنى جذعه وألتقطها من الأرض في أقل من ثانيتين...
أخذت الأبتسامة تأخُذ طريقها نحو ثغره عندما لاحظ...
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-عمي يوسف عمل حادثة.
تحولت أبتسامة روز المُرحبة بقدوم ملك لنظرة حزن، وعندها تذكرت والدها، ولكنه مر كطيف لم يدم إلا ثواني، ورغم أن أدهم أخبرها ولكنها لا تعلم لماذا شعرت بصدمة وحزن عندما سمعت الخبر للمرة الثانية، وشعرت بحنين لعائلتها وتابعت ملك بعدما شبكت أصابعها بعضها ببعض:
-جدي مانع حد يروح المستشفى، وماما مش هترضى توديني، وأنا عايزة أشوفه.

حفنة النرجس Where stories live. Discover now